شوف تشوف

شوف تشوف

لجان سياحية

بعدما كانت الأمانة العامة للحكومة تسمى مقبرة القوانين، بحيث القانون «اللي بغيتي مول الأمانة يدي أمانتو حطو فالأمانة العامة للحكومة»، تحول البرلمان بدوره إلى مقبرة للجان السياحية، عفوا اللجان الاستطلاعية التي ينشئها للتقصي حول ملف من الملفات الحارقة.
وخلال السنوات الأخيرة أسس البرلمان لجنتين استطلاعيتين حول موضوعين حارقين هما الدقيق المدعم وفحم مناجم جرادة الحجري. والنتيجة هي أن اللجنة الاستطلاعية حول الفساد في الدقيق المدعم استقال رئيسها، فيما لجنة جرادة الاستطلاعية حول مناجم جرادة تم إقبارها بحجة أنها لم تضع تقريرها النهائي في الآجال المحددة.
وبخصوص الفساد في الدقيق المدعم، فقد سبق لوزير الحكامة لحسن الداودي أن كال في تصريحه بمجلس النواب اتهامات خطيرة لأرباب المطاحن، عندما اعترف بأن الدقيق المدعم في إطار صندوق المقاصة يعرف فسادا كبيرا، وذلك في إطار جواب له عن سؤال لأحد أعضاء فريق حزبه في العدالة والتنمية، والذي يبدو جليا أن السؤال مبرمج في إطار سياسة «هز ليا نسماتشي» التي يبرع فيها الإخوان المتأسلمون عندما لا يكون المسؤول عن الخلل واحدا منهم.
الداودي قال ضمن جلسة الأسئلة الشفوية بالغرفة الأولى، وداخل مؤسسة دستورية، كلاما خطيرا يستوجب محاكمته سواء كان كلامه صحيحا، أم غير صحيح، فهو حين يقول إن «الدقيق المدعم يعرف فسادا كبيرا، والجميع يعرف ذلك»، لا يخرج عن أحد أمرين، فإما أنه يعترف بتقصيره وإهماله في الحفاظ على صحة المواطنين وعجزه عن حماية 15 مليارا من المال العام، وإما أنه يتهم بباطل بعض أرباب المطاحن، بتهم من قبيل الاختلاس والتسميم، وهي تهم ثقيلة قد تصل عقوبتها إلى حد الإعدام، ومن شأنها أن تحدث اضطرابا وفزعا خطيرين في نفوس المواطنين، في وقت لا تزال فيه قضية الزيوت المسمومة التي عرفها المغرب مطلع السبعينات عالقة بأذهانهم، كما لا يزال بعض ضحاياها يعانون من تبعاتها إلى اليوم.
وإذا كنا لم نسمع لحد الآن أي تعليق أو بلاغ من جمعية أرباب المطاحن التي اتهم وزير الحكامة في الحكومة بعض أعضائها بتسميم المواطنين، فإننا ننتظر أن ترد تلك الجمعية بما يبرئ ساحتها من المشاركة في جريمة من هذا القبيل، أو أن تساهم من جانبها في تنقية صفوفها وفضح المنتسبين إليها من منعدمي الضمير الذين أشار إليهم السيد الوزير.
والحقيقة أن اللجنة الاستطلاعية التي يجب أن تتكون بشكل مستعجل هي لجنة للاستطلاع والتقصي حول لوبي المخبزات، لمسؤولية أربابها المباشرة عن ارتفاع إصابة المغاربة بالسكري وأمراض القلب والشرايين، ففي كل مائة كيلوغرام من الدقيق يضيفون عشرة كيلوغرامات من السكر سانيدة، هكذا أصبح المغاربة مدمنين على السكر بدون علمهم.
أما بخصوص اللجنة الاستطلاعية حول لوبيات فحم مناجم جرادة الحجري، فلا حاجة للتعويل على تقرير اللجنة لأننا يمكن أن ننوب عنهم ونحدد المسؤولين عن استنزاف هذه الثروة الطبيعية واستنزاف اليد العاملة على استخراجها.
ولعل فشل اللجنة الاستطلاعية كامن فيها تحديدا، فبعض هؤلاء البرلمانيين يعتبرون جزءا من المشكلة، ولا يمكن أن يكونوا جزءا من الحل، فيكفي الرجوع إلى السجل التجاري بوجدة لكي يعرف الرأي العام أن السيد مصطفى توتو مثلا، برلماني المنطقة عن حزب الأصالة والمعاصرة، هو المالك الحقيقي لشركةBest charbon ذات المسؤولية المحدودة والمسجلة بالسجل التجاري عدد 16523 برأسمال قدره 2.5 مليون درهم والكائنة بوجدة، والتي تضارب في كميات الفحم المستخرجة من الساندريات، تلك الكميات التي يتم شراؤها من طرف أصحاب الرخص من الشباب المغامرين مقابل 70 درهما للكيس وبيعها في السوق بعشرة أضعاف ثمن الشراء.
كما يملك ممثل الأمة بالعنوان نفسه شركة «سومي توب-SOMI-TOP» ذات السجل التجاري 18377 برأسمال قدره 2.4 مليون درهم، والتي ألغيت رخصة استغلالها المنجمي بتاريخ 04/04/2013، وبالعنوان نفسه أيضا يملك شركة «نيكرو ميطال- Negro-Metal» ذات السجل التجاري عدد 23965 برأسمال مليون درهم، وكذا «مؤسسة فاريميد- Etablissement farimed» ذات السجل التجاري عدد 19267 برأسمال قدره 8.5 ملايين درهم، وشركة السقوف الشمسية للمغرب-Toiture solaire maroc برأسمال قدره 2.4 مليون درهم.
أما أخته امباركة توتو فهي برلمانية سابقة عن حزب الأصالة والمعاصرة، ورئيسة الجماعة الحضرية لجرادة حاليا، وقد فازت بمقعد رئاسة البلدية خلال 2015 بتحالفها مع حزب الحركة الشعبية والاتحاد الدستوري والتقدم والاشتراكية، في مواجهة منافسها محمد دغو عن حزب الاستقلال المتحالف مع العدالة والتنمية، والذي كان رئيسا قبلها بالبلدية نفسها، أما نائبها الأول فليس سوى المسمى أمنون البشير، نائب أمين مال غرفة التجارة والصناعة والخدمات بالجهة الشرقية التي يقودها البام، والمتلون بكل ألوان الطيف السياسي، والذي استقر به المطاف هذه المرة على ألوان الاتحاد الدستوري رفقة نجله اسماعيل أمنون كعضو جماعي منتخب إلى جانبه، وكرئيس للجنة الشؤون الثقافية والرياضية، وهو الذي يملك عدة شركات، من بينها شركة Amnoun touragh roua amalou (ATRAM) ذات المسؤولية المحدودة المسجلة تحت رقم 18483 بوجدة، والكائنة بحي عبد الكريم الخطابي بجرادة، والتي جعل من ضمن أنشطتها استخراج وبيع الفحم الحجري.
وأما البرلماني دغو ياسين، وهو ثاني برلماني لدائرة جرادة عن حزب الاستقلال، فيملك بدوره شركة «دغو شاربو- Darhou Charbo» ذات المسؤولية المحدودة والمسجلة تحت عدد 16283 والكائنة بحي الرازي بجرادة، والمتخصصة قانونيا في أعمال الحراسة والحماية، التي يتوفر صاحبنا على خبرة في ميدانها، بحكم أنه شريك مصطفى الموزوني، الوالي السابق لأمن الدار البيضاء، وابنه معاذ، في شركة ذات الأهداف نفسها تحمل اسمINTERNATIONAL JURISEC CONSEIL والمسجلة بالدار البيضاء تحت عدد: 303513. وللإشارة، فالبرلماني ياسين دغو هو ابن محمد دغو الرئيس الأسبق لبلدية جرادة، والذي يملك بدوره مستودعا للفحم الحجري بعين بني مطهر مساحته 3 هكتارات، وسبق له المثول أمام الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بفاس في حالة اعتقال، يوم الخميس 2 ماي 2013 في إطار قضايا يختص بها قسم الجرائم المالية، دون أن نعلم مآل هذا الملف، وذلك على خلفية الشكاية التي تقدم بها مستشارون في المعارضة ببلدية جرادة ضده، يتهمونه فيها بارتكاب مجموعة من الخروقات الخطيرة في تسيره للمجلس السابق.
فكيف يمكن أن يثق الرأي العام بلجان استطلاعية مكونة من أحزاب يتحمل برلمانيوها جزءا من مسؤولية المشكل المراد استطلاعه؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى