لا وقت لرفاهية الحب
لا وقتَ لرفاهية الحب.. أسدّ أذنيّ المصغيتين لأزيزِ الفرح في انهياره.. أُغلِقُ عينيّ المُبحلقتين بِتراكمِ الوجَعِ المُحيط..
ألهو بفتات التنفس.. ولا أربتُ على كتفي..
أمرر الوقت بقراءة القصص الخرافية.. أَشتُمُ السّلحفاة التي سبقت الأرنب.. النملة التي طردت الصرصار.. الثّعلب الذي خدعَ الغراب.. ومجنون ليلى.. وروميو.. وأشتمُ أفلاطون ومدينته الفاضلة.. وآدمَ.. وقابيل.. ومنبه الوقت المجرم.. والتي في المرآةِ…
ثمّ..
أكمل العمل.. وأؤلّفُ حكايا للصغار.. عن الحب والتسامح.. عن كل شيء تعلمته وفقدته..
في زمنٍ لا وقت فيه لرفاهية الحب.. أتأبط معولي.. أمضي في الدقائق.. لردم الآتي.. والآتي ليس أعظم.. طالما أنه لم يعد هناك من أعظم..
علمني حفّار القبور طمر الجثث بابتسامة.. أحب هذا الرجل.. الأقرب إلى الموت من الموت..
هو الذي يعرف مقاسات الجثث.. يحفر.. يردم.. ومع كل انتهاء.. يشرب كوب شاي ساخن.. أسود ومر.. حدادا على ما تبقى..
أحب هذا الرجل.. الذي يساعد الله دون أن يدري..
الموت أقرب من الحياةِ.. وأكثر رأفةً.. هذا ليس تشاؤما.. بل نتيجة لمعادلة ترونها جميعكم.. بعينٍ واحدة..
إذن لا شيء يدعو للنحيب على جثة هامدة.. الأجدر أن ننتحب على جثة متحركة.. هذا هو الفرق بين الوطن والغربة فيه.. أحِبك؟
نعم أُحبك وجدًّا..
أكرهك؟ نعم أكرهك وجدًّا..
لوجهيك المتناقضين حدّ التّقَزّزِ..
وجهُك الأوّل..
الذي يتغنّى به الشّعراء والقُراء والعابرون
المثقفون والحالمون والعاشقون..
وجهك الأوّل
الذي يشع بنقاء شواطئه..
بنزف جراحك.. بألمك الصامت..
بنبوّتِك وبراءتك وصِدقك..
أحبّك.. حين تبعث حيّا..
وحين تبكي وتُبكي.
أحِبّك وأكرهُك..
لوجهيك المتناقضين حدّ التقزز..
وجهك الآخر..
انبهارك بالمحتفلين..
قهقهتك العالِيّة..
صخبك النازف غضبا..
ضوضاؤك.. عبثيتُك.. لا مبالاتك..
عفويتُك.. بساطتُك.. طيبتُك..
رعونتك.. قساوتُك.. تهريجُك..
أُحبّك وكأنّك السمّ القاتل يا وطني..
السمّ الذي أضعه في كأسٍ أرفعه لصحّتك فقط..
أرفعه عاليا..
فأجرعه ومعي أمنيات متداولة وأخرى كسيحة.. معي رهاناتي وأحلامي وزنابقي.. وروحي المتعبة تصيح «خذني.. دسني في أزقتك.. بين الأرواح المطمئنة والأخرى التائهة..»!