حسن البصري
لا تغيروا السائق إذا كان محرك الحافلة منهوكا، لا تزينوا واجهة ناقلاتكم إذا كان هيكلها صدئا.
في المشهد الكروي، يتم تغيير السائق و«لكريسون» إذا تعطل المحرك، بل هناك بعض الرؤساء النبهاء الذين يغيرون السائق والمساعد ويستبدلون محطة الوقود بأخرى إذا أصيبت الحافلة بعطل.
لا يوجد فريق مغربي يملك علامة تشوير «العطب الميكانيكي»، لأن الرؤساء يعتقدون أن السائق سبب الأعطاب، وأن الحالة الميكانيكية بريئة من كل خلل مبين.
لكن إذا قدر الله، وما شاء فعل، وتم تغيير السائق الذي هو المدرب و«لكرسيون» الذي هو المساعد، وتم استبدال نوعية زيوت المحرك بعد الخضوع لحصة «فيدانج»، وظل العطب يسكن الحافلة، فإن يد التغيير قد تمتد إلى المكلف بالأمتعة وحارس موقف الحافلات والسيارات.
إذا حل ابن والد أو قريب مدرب أجنبي بالمغرب، فاعلموا أن سائق الحافلة سيحال على العطالة، وأن تغييرا آتيا لا ريب فيه على مستوى الإدارة التقنية.
اليوم نحن أمام موضة «الوكيل العائلي»، الذي يحمل تفويضا لدراسة العقود ومناقشتها والتوقيع بالعطف عليها. يعرف رؤساء الفرق المغربية الشاب أيمن البنزرتي، لأنه المفاوض الرسمي لوالده المدرب التونسي فوزي البنزرتي.
في جيبه خاتم وفي يمينه هاتف ذكي ينقل وقائع التفاوض لوالده مساء، حين يستوى في جلسته الليلية، بل إن أيمن ليس مجرد وكيل أعمال، بل هو الناطق الرسمي لوالده الذي يرفض أن يأكل البراني خبز الدار ويؤمن بأن علاوة مالية في المقربين أولى.
تذكرون حكاية رئيس الرجاء البيضاوي مع سيدة رافقت المدرب البلجيكي مارك فيلموتس من أول جلسة تفاوض. كان أنيس محفوظ يعتقد أنها مجرد زوجة مدرب تتقاسم معهم الابتسامة والملح والطعام وتنعم بنكهة الشاي ورائحة الطاجين، قبل أن يكتشف أن كاتريان لامبيتس ليست مجرد زوجة بل محامية ووكيلة أعمال مدرب قيل إنه «عالمي».
رئيس الرجاء السابق هو محام في هيئة الدار البيضاء، لكنه وجد نفسه في مرافعة حقيقية أمام المحامية كاتريان، حين دعاها رفقة زوجها لجلسة انفصال ودي، ارتدت بذلتها السوداء وغيرت تقاسيم وجهها ثم ضربت الطاولة بقبضتها مصرة على التقيد بالشرط الجزائي الرهيب.
قيل، والعهدة على الصحف البلجيكية، إن هذه المحامية لا تملك إلا زبونا واحدا اسمه فيلموتس ولا تحتاج من أجله لكاتبة أو مساعد أو مكتب. لكنها سليلة عائلة «الشرع»، والدها كاي لامبيتس كان محاميا ورئيسا لفريق سانت ترون، وشقيقها الأكبر ورث المكتب عن والده ونصب نفسه محامي العائلة.
ولأن التوكيل العائلي مدر للمال، فقد شجع بيب غوارديولا، مدرب مانشستر سيتي الإنجليزي، ابنه ماريوس على دخول التجربة، وعبد له الطريق ليحصل على نسب من صفقات لا تكلف إلا مكالمة هاتفية تبدأ بعبارة «معك ماريوس ابن غوارديولا».
أما النجم البرتغالي كريستيانو رونالدو، مهاجم النصر السعودي، فقد تناسى تماما خطيبته السابقة، عارضة الأزياء الروسية الشهيرة إيرينا شايك، وسقط في غرام ابنة وكيل أعماله ومواطنه خورخي مينديز. فيما اختار ليونيل ميسي والده خورخي وكيلا لأعماله بمعية فريق عمل. والد ميسي وابن البنزرتي لا يحملان إلا ملفا واحدا ولا يرافعان إلا من أجل الابن والأب.
اللاعب المغربي بلال الخنوس فطن أيضا لأهمية القول المأثور «خيرنا ما يديه غيرنا»، فشجع والدته على دخول مهنة الوساطة الرياضية، بل إن الأم حصلت على ترخيص من الاتحاد الدولي لكرة القدم «فيفا» لولوج عالم الوكلاء.
الهزائم في بطولتنا مدرة للمال شريطة أن تحصن العقد بعقد جزائي، وأن تكون زوجتك محامية أو ابنك وكيل أعمال، وتكون مصنفا في خانة اللاعبين والمدربين العالميين القادرين على شد خناق الرؤساء.