لا تبيعوا الوهم للناخبين
إذا كان هناك من تحذير ينبغي أن يوجه للمرشحين للانتخابات الجماعية والتشريعية، مع انطلاق الحملة الانتخابية، فهو شعار «إياكم وبيع الأوهام للناخبين».
سياق هذا التحذير هو فوضى الوعود التي لن يكون باستطاعة المرشح الوفاء بها بعد فوزه بالمقعد الانتخابي، ليس لأنه انقلب على وعوده، بل لأنها لا تدخل في دائرة اختصاصاته المرسومة بالدستور والقوانين.
فحينما يعد مرشح للبرلمان، مثل مصطفى الخلفي ناخبيه بإحداث الطرقات وتشييد القناطر في إحدى دوائر سيدي بنور، فهذا بالفعل بيع للوهم، وجلالة الملك محمد السادس سبق أن نبه إلى ويلات هاته السلوكات المشينة التي تقضي على ما تبقى من ثقة في الانتخابات، ففي خطاب ثورة الملك والشعب من سنة 2015 قال الملك بالحرف: «وعلى المواطن أن يعرف أن المسؤولين عن هذه الخدمات الإدارية والاجتماعية، التي يحتاجها في حياته اليومية، هم المنتخبون الذين يصوت عليهم، في الجماعة والجهة، لتدبير شؤونه المحلية».
فالبرلماني أو وزير الطاقة كما يقول الملك ليس مسؤولا عن الإنارة في الأحياء، وربط المنازل بشبكات الكهرباء والماء الصالح للشرب والصرف الصحي. كما أن نظافة الشوارع والأحياء ليست من مهام وزير الداخلية. وإصلاح الطريق داخل الجماعة، وتوفير وسائل النقل الحضري ليس من اختصاص وزير التجهيز والنقل. وعلى المواطن أن يعرف أن المسؤولين عن هذه الخدمات الإدارية والاجتماعية، التي يحتاجها في حياته اليومية، هم المنتخبون الذين يصوت عليهم، في الجماعة والجهة، لتدبير شؤونه المحلية.
ومع ذلك هناك من المرشحين للبرلمان من يروج تجارة «الوعود الوردية» في السوق الانتخابية، ولعل ما يجب أن تقوم عليه الحملة الانتخابية لكل مرشح هو معرفة المرشحين أنفسهم لمهام وصلاحيات عضوية المجلس الذي سيمثلونه، قبل البدء بالترويج لأنفسهم، لتتوافق وعودهم مع هذه الصلاحيات على خط متواز لا يسبق أحدهما الآخر.
فالبرلماني وظيفته الأساسية ذات طابع وطني، وتهم تشريع القوانين لتطبق على كل المغاربة، ومراقبة عمل الحكومة وتقييم السياسات العمومية، وليس القيام بمهمة ملاحقة الوزراء في «الكولوارات» لتشييد الطرق المؤدية إلى دائرته، أما مهمة العضو في الجهة تحسين جاذبية المجال الترابي للجهة وتقوية تنافسيته الاقتصادية، بإعداد وتتبع تنفيذ برنامج التنمية الجهوية والتصميم الجهوي لإعداد التراب، وإحداث مراكز جهوية للتكوين وكذا مراكز جهوية للتشغيل، وتطوير الكفاءات من أجل الإدماج في سوق الشغل وغيرها من الاختصاصات الذاتية والمشتركة والمنقولة.
والمرشح لعضوية الجماعة فعليه أن يفهم أن اختصاصاته محددة بالقانون، وتهم بالأساس توزيع الماء الصالح للشرب والكهرباء، وتدبير النقل العمومي الحضري والإنارة العمومية والإشراف على التطهير السائل والصلب ومحطات معالجة المياه العادمة، تنظيف الطرقات والساحات العمومية وجمع النفايات المنزلية والمشابهة لها ونقلها إلى المطارح ومعالجتها وتثمينها، السير والجولان وتشوير الطرق العمومية ووقوف العربات، حفظ الصحة وقائمة طويلة من الاختصاصات.
وللأسف أن الكثير من المرشحين يطلقون «فقاعات في الهواء»، ويعدون المواطن بأشياء لا يستطيعون تحقيقها على أرض الواقع، فيحصلون على صوته، ثم يختفون طيلة خمس أو ست سنوات في انتظار موسم انتخابي قادم ليعيدوا السيناريو نفسه.