لاعبون برتب عسكرية رفيعة حملوا قميص الجيش الملكي وأصبحوا من كبار القادة العسكريين
كان ولي العهد مولاي الحسن عاشقا للوداد البيضاوي، وفجأة قرر تأسيس نادي الجيش الملكي مباشرة بعد استقلال المغرب. فاتح والده الملك محمد الخامس في الموضوع فحصل على الموافقة وشرع في تنفيذ الفكرة موازاة مع تأسيس القوات المسلحة الملكية المغربية سنة 1956. طلب محمد الخامس من ابنه جلب لاعبين موهوبين أو عناصر جاهزة سبقت لها ممارسة كرة القدم بأحد الأندية، ومن المنتسبين للجيش حتى يكون اسما على مسمى، بل إن الملك أصدر الظهير الملكي المؤسس لفريق الجيش الملكي والحامل لتوقيع ولي العهد آنذاك بتاريخ 1 شتنبر 1958.
تعددت الروايات حول دواعي تأسيس فريق يحمل اسم مؤسسة عسكرية، وفي هذا الصدد يقول المعطي الشرقاوي، رئيس نادي الوسيط وحماية الذاكرة الرياضية الوطنية: «ما شجع مولاي الحسن على إنشاء فريق مدعم من طرف مؤسسة القوات المسلحة الملكية، هو ما تعرض له اللاعب المغربي عبد السلام عاطف في فرنسا حين كان لاعبا بنادي بوردو، إذ تلقى عبارات عنصرية من حكم إحدى المباريات فرد عليه بشتيمة مماثلة، ما دفع الاتحاد الفرنسي لكرة القدم إلى توقيف اللاعب المغربي، ولأنه كان صديقا لولي العهد فإن هذا الأخير قد اختاره ليكون ضمن النادي العسكري مباشرة بعد التأسيس».
عين مولاي الحسن مدربا من الوداد، وهو محمد الشتوكي، وهذا الأخير اعتمد في تشكيل فريق الجيش الملكي على الجنود الذين كانوا في جميع الثكنات العسكرية، وظل ينظم الدوريات الداخلية بين العساكر الذين كانوا يسعدون بأولى انتصاراتهم أمام ولي العهد، الذي كان يمكنهم عند كل انتصار من إجازة قصيرة.
من هذا الفريق العسكري، سيتخرج قادة سيكون لهم شأن كبير في دواليب المؤسسة العسكرية، منهم من ارتقى إلى أعلى درجات هرم السلطة على غرار حسني بن سليمان، وبلمكي العسراوي وإدريس باموس واللائحة طويلة.
حسني بن سليمان.. حارس المرمى وحارس المملكة
يعد حسني بن سليمان من أبرز الأسماء الدكالية التي تبوأت المشهد العسكري، وهو المنحدر من قبيلة أولاد افرج، وتربطه أواصر الدم بعائلة الجباص بالجديدة التي أنجبت آل الخطيب، وتربعت على السلطة وساهمت في القرار السياسي.
ولد حسني في 15 دجنبر سنة 1935 في مدينة الجديدة، وفيها تلقى تعليمه الأولي قبل أن يلتحق بالتعليم العسكري، في مكناس ومدرسة سانت سير الفرنسية، ليتولى، بعد عودته للمغرب، مجموعة من المهام الأمنية في وزارة الداخلية بالخصوص، حيث عين نائبا للمدير العام للأمن الوطني، ثم عاملا على أقاليم طنجة والقنيطرة ومكناس، ورقي في أعقاب انقلاب الصخيرات سنة 1971 إلى رتبة قائد للدرك الملكي، وهو المنصب الذي ظل يتولاه إلى أن أحيل على المغادرة، ويبدو أن مواقفه المفعمة بالروح الوطنية كانت وراء ثقة الملك فيه باعتباره أحد أبرز خدام الدولة.
تميز حسني الفتى الدكالي بقامته الشامخة وإصراره على الجمع بين ألعاب القوى وكرة القدم، وكان يجد متعة في التصدي للكرات من موقعه كحارس مرمى، نظرا لرشاقته وطول قامته وحسه الاحترازي الموهوب، وجديته في التداريب. كاد حسني أن يحمل قميص المنتخب المغربي لولا إصراره على متابعة دراسته العليا في الخارج.
حتى وهو يتجاوز سقف الثمانين عاما، ظل الرجل يتمتع بقامة وجسد رياضيين، إذ يمتطي دراجته العادية كل صباح في جولة تقوده إلى هرهورة، كما كان يحرص على متابعة أخبار البطولة الوطنية وهو المتيم بحب الجيش الملكي، الذي كان يحرس مرماه ويرأس مكتبه المسير، فضلا عن عشق دفين للدفاع الحسني الجديدي، ورئاسته للجامعة الملكية المغربية لكرة القدم التي زادته حظوة عند الحسن الثاني.
نادرا ما ينزع الرجل نظارته السوداء ليرى شمس صباحه العسكري بمقر مكتبه الخاص بالقيادة العامة للدرك الملكي، والتي لا تبعد إلا بأمتار قليلة عن مقر الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم.
باموس.. عميد الجيش والمنتخب الوطني جنرال بالدرك الملكي
قبل رحيله إلى دار البقاء، اعتزل الجنرال إدريس باموس، العميد السابق للجيش الملكي والمنتخب المغربي في السبعينات، والرئيس الأسبق للجامعة الملكية المغربية من منتصف الثمانينات إلى بداية التسعينات، كرة القدم وانقطع عن زيارة الملاعب. فجأة غاب الرجل عن الأنظار، وظل يحرص على الاشتغال بصرامة في المدرسة الخاصة بتكوين رجال الدرك في مدينة مراكش والتي كان يديرها باقتدار، حتى الدعوات التي كانت تدعوه لحضور مناسبات رياضية نادرا ما يرد عليها وكأنه فضل القطيعة مع الكرة.
يحكي رفيق دربه سعيد بن منصور، رئيس جمعية رياضة وصداقة، عن شخصية باموس، الذي اشتغل إلى جانبه في المكتب التنفيذي للجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، وقال إن الفترة التي قضاها على رأس الجامعة عرفت طفرة نوعية لكرة القدم، لأنه كان يدبر أمر الكرة بشكل مختلف عن إدارة مدرسة للدرك الملكي، «كان رجل حوار رغم أنه يحمل على كتفيه أعلى الرتب العسكرية، كان يرفض الأضواء ويريد الاشتغال في صمت، وظل يساندني وأنا حينها رئيسا للجنة المركزية للتحكيم، بالرغم من غضب الحكام ورفضهم للثورة التي أحدثتها في هذا القطاع».
يعتبر باموس الرئيس الوحيد في تاريخ الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم الذي مر عبر جميع المراحل الكروية، كلاعب دولي أولا ومدرب ثانيا ومدير تقني للمنتخبات الوطنية ثالثا (في عهد المدرب هنري ميشال)، ثم رئيسا للجامعة في الفترة ما بين 1985 إلى 1992، وهو اللاعب الذي ظل وفيا للجيش الملكي لاعبا ومدربا ورئيسا ثم عقيدا في سلك الدرك الملكي، رافضا عروضا احترافية تسيل اللعاب، رغم أنه حريزي الأصول حيث ولد في 15 دجنبر من سنة 1942 في مدينة برشيد، ولعب لليوسفية المحلية ثم انتقل إلى نادي الجيش الملكي.
حمل باموس شارة العمادة في فريق الجيش والمنتخب باقتدار كبير، وطيلة قرابة 10 سنوات كان خلالها نموذجا للانضباط والعطاء في صمت، كما حظي طوال ممارسته باحترام الحكام والمسيرين واللاعبين، قبل أن يعتزل الكرة سنة 1973 بعد إصابة بليغة في الركبة، رغم أنه كان قادرا على العطاء.
في منتصف شهر أبريل 2015، توفي اللاعب/الجنرال، ووري جثمانه مقبرة الشهداء بالرباط، وسط حشد من الرياضيين، أما جامعة كرة القدم في عهد علي الفاسي الفهري فلم تكلف نفسها عناء كتابة تعزية على الموقع الرسمي للجامعة.
الكولونيل الزموري.. قلب الهجوم الذي سيصبح رئيسا للجامعة
برز الحسين الزموري كقامة عسكرية في الجيش الفرنسي، وشارك في أعتد المعارك في أوربا والهند الصينية، وكانت له مكانة خاصة عند قادة الجيش الفرنسي، قبل أن ينضم إلى القوات المسلحة الملكية في بداية تأسيسها ويلتحق بفريق الجيش الملكي لحظة تكوينه ويصبح هدافا للفريق في بداية عهده مع البطولة ويحمل في فترة لاحقة شارة العمادة.
ترأس الراحل الحسين الزموري الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم ما بين 1992 و1994، حيث عرفت فترة ولايته تأهل المنتخب الوطني لنهائيات كأس العالم لسنة 1994 التي أقيمت بالولايات المتحدة الأمريكية.
كان من بين مهندسي ترحيل فريق القوات المساعدة من بن سليمان إلى العيون، حيث حمل اسم شباب المسيرة، ظل يشارك الملك الحسن الثاني رهانه على كرة القدم كآلية من آليات الدبلوماسية في ملف الصحراء.
لكن حين تبين للملك أن المنطقة في أمس الحاجة إلى فريق في القسم الأول، استدعى على عجل الكولونيل ماجور الحسين الزموري، بصفته رئيسا للجنة المؤقتة المشرفة على تدبير شؤون الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم. كان ذلك صيف سنة 1995، وطلب منه نقل فريق القوات المساعدة لابن سليمان من هذه المدينة الصغيرة إلى العيون، فتناسلت أسئلة عديدة حول الهدف من وراء هذا القرار الذي فاجأ المتتبعين. قال الملك حين لمس تساؤلات مصادرة في دواخل الكولونيل: «في ابن سليمان كاينة فرقة أخرى».
في سنة 1993، سيعود الملك الراحل الحسن الثاني ليعين أحد رجالاته العسكريين خلفا لباموس، حيث أسندت مهمة رئاسة الجامعة للكولونيل الحسين الزموري، لكنه لم يعمر لأكثر من موسم واحد، بعد أن أخفق المنتخب الوطني في مونديال الولايات المتحدة سنة 1994، وتلقيه هزيمة قاسية أمام المنتخب السعودي. بدأت الحكاية مع الكولونيل ماجور الحسين الزموري واستكمل التنفيذ الجنرال حسني بن سليمان، الذي طال جلوسه على كرسي الجامعة قبل أن يسلم مقاليد الحكم لرئيس مدني هو الفهري.
الكولونيل بلمجدوب.. الرجل الذي أسقطته هزيمة أمام منتخب الجزائر
ولد المهدي بلمجدوب في مدينة سيدي قاسم، لكنه اختار المهن العسكرية، فاضطر إلى مغادرة المدينة ليعود إليها وعلى صدره نياشين، لكنه رغم انضمامه لفريق الجيش الملكي، لم يقطع الصلة مع سيدي قاسم حيث حمل قميص الاتحاد في نهاية مشواره كلاعب، ليتفرغ في ما بعد لتدبير الشأن الكروي في المغرب، حيث شغل مهمة مدير تقني وناخب وطني للمنتخب الوطني لكرة القدم وفاز، وهو يحمل هذه الصفة، بكأس إفريقيا للأمم سنة 1976، بل إنه شغل مهمة رئيس للجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، قبل أن تطيح به مباراة الجزائر في دجنبر 1979، والخماسية المستفزة التي أججت غضبة الملك الحسن الثاني وغيبته تماما عن المشهد الرياضي قبل أن يأتي خبر وفاته المحزن.
مات الكولونيل المهدي بلمجدوب، نفسانيا، مباشرة بعد نكسة الجزائر سنة 1979، حين كان رئيسا للجامعة، وقضى ما تبقى من حياته بعيدا عن الكرة، بعد تجميد رتبته العسكرية، في ما يشبه القرار التأديبي. عاش المهدي حالة إحباط، فقد كان مقربا للملك يستشريه في كل كبيرة وصغيرة، لكنه تحمل وزر الخسارة وحده، سيما في عز الصراع المغربي الجزائري.
بعد هزيمة المنتخب الوطني بالدار البيضاء أمام الجزائر وبحصة مستفزة وصلت إلى خمسة أهداف مقابل هدف وحيد للمغرب، سيحل الملك جامعة كرة القدم، وسيعين لجنة إدارية برئاسة فضول بنزروال أحد أطر وزارة الشبيبة والرياضة حينها، حيث سيمتد مقامه لسبع سنوات متتالية بداية من 1979 وإلى غاية 1986.
للمهدي نصيب كبير من إنجازات الكرة المغربية في عز مجدها، فقد كان وراء اكتشاف الكثير من اللاعبين، سيما وأنه لاعب مغوار حمل قميص الاتحاد القاسمي حين كان يتشكل من خيرة اللاعبين المدنيين والعسكريين، قبل أن يحط الرحال بالجيش الملكي ويصنع جزءا من تاريخه.
اختاره الراحل الحسن الثاني ليكون، إلى جانب رجال العسكر، آلية لنقل الانضباط والتسيير المحكم المتعارف عليه داخل الثكنات إلى جامعة الكرة، لديه، لكن لا أحد ينكر أفضال بلمجدوب ودوره في الظفر بلقب كأس إفريقيا 1976، فقد ﻛﺎﻥ ﺧﺎﺭﻕ الذكاء، بارع الحدس وثاقب الذهن في رصد السيناريوهات.
لكن نهاية الرجل كانت مؤلمة جدا، بعدما داهمه المرض اللعين ﻓﺄﻗﻌﺪﻩ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﻴﺖ ﺑﻴﻦ ﻳﺪﻱ ﺧﺎﻟﻘﻪ، إلى أن لقي ربه في صمت، دون أن يكرم في مماته وهو الذي ﻧﺬﺭ ﺣﻴﺎﺗﻪ ﻟﺨﺪﻣﺔ ﺍﻟﻮﻃﻦ ﺑﺤﻜﻢ ﻣﻬﻨﺘﻪ العسكرية والرياضية.
الرائد زناية.. سفير الريف في الجيش الملكي
يعتبر عبد السلام الحضري، الشهير بلقب «زناية»، أول لاعب في تاريخ المنتخب الوطني يحمل شارة العمادة خلال مباراة دولية رسمية. حدث ذلك خلال مواجهة المنتخب الوطني المغربي نطيره من مالطا خلال تصفيات الألعاب الأولمبية روما 1960.
ولد عبد السلام في مدينة سبتة سنة 1939. كان والده عسكريا في الجيش الإسباني، لكنه توفي قبل أن يكمل ابنه عبد السلام عامه الأول. تكلفت والدته بتربيته، حيث حرصت بمساعدة عائلتها على إلحاقه بالمسيد ثم المدرسة الابتدائية، ومن هناك بدأت علاقته بكرة القدم في فريق المدرسة.
عاش زناية في طفولته العديد من النكبات فقد مات والده مبكرا ثم ماتت والدته وتكفلت به خالته، كما نجا من موت محقق حين سقط سور المدرسة على رفاقه ماتوا جميعهم ونجا عبد السلام بمعجزة. قبل أن يستكمل مشواره الكروي ضمن فريق أتلتيكو تطوان، وينضم إلى الجيش إسوة بأبيه. وفي إحدى مباريات الفريق التطواني بفريق الصخور السوداء البيضاوي نوه الصحفي الفرنسي دانيال بيلار بالفتى القادم من الشمال، خاصة وأنه مسجل هدف الفوز، فكان من الطبيعي أن يضمه الفريق العسكري الذي كان في طور التكوين، ومن هناك كانت البداية نحو التألق.
شكل زناية وقتذاك أحد أعمدته الأساسية رفقة الجنرال حسني بنسليمان والكولونيل حسين الزموري ومختطف وبوطاهر والشتوكي وبلفايدة والعماري وبلمجدوب ، وكان صانع ألعاب بامتياز وقدم عطاء ممتعا في محطتين نهائيتين لكأس العرش، وحمل قميص المنتخب الوطني 16 مرة، وحاز رفقة الجيش على ستة ألقاب للبطولة المحلية، وحين اعتزل الكرة ظل حاضرا في المشهد العسكري كضابط سام من درجة رائد، أسدى خدماته للوطن في كل المهام العسكرية التي أسندت إليه.
عبد السلام الحضري الملقب بزناية سجل حضوره في جمعية قدماء لاعبي الجيش الملكي وشارك في كثير من المبادرات ذات البعد الإنساني، وظل حاضرا في أذهان العساكر كواحد من أحسن اللاعبين الذين مروا في تاريخ المغرب، بالرغم من الجحود الإعلامي الذي لازمه، وحده دانيال بيلار الفرنسي كان راعيه الإعلامي قبل أن يعتزلا سويا.
الجنرال العسراوي.. المدافع الأيسر في الملعب وفي المعارك
بدأ المكي العسراوي مسيرته مع الجيش الملكي في بداية التأسيس، لذا كان من أوائل اللاعبين الذين دافعوا عن مرمى حسني بن سليمان كظهير أيسر، بل إنه شارك المدرب الشتوكي في وضع اللبنات الأولى لفريق عسكري كاسح.
في زمن لم يكن فيه كرسي الاحتياط ساري المفعول، وكان المدرب يعتمد على أحد عشر لاعبا فقط، بل إن المدرب نفسه كان يمارس دور اللاعب والمدرب، وفي الوقت نفسه كان قادما من الثكنات، بل إنه رافق المدرب الشتوكي في زيارته لبعض الثكنات العسكرية، وشرع إلى جانبه في تطوير المستوى الفني والبدني والتنظيمي وينشر الروح الرياضية وتشجيع الدوريات الحبية بين الجنود، للحصول على فريق متكامل يكون نموذجا محترفا للفرق المغربية، وكذلك نواة للمنتخب الوطني، حيث تطلب ذلك عدة أشهر من التدريب ولعب مقابلات ودية، ليتم الإعلان عن المولود الجديد.
حمل المكي قميص المنتخب الوطني، لكنه سرعان ما انقطع بسبب التزاماته المهنية بعد أن شق طريقه في المؤسسة العسكرية، وتدرج في درجاتها إلى أن كافأه الملك محمد السادس، القائد الأعلى ورئيس أركان الحرب العامة للقوات المسلحة الملكية في مدينة تطوان، خلال حفل أداء القسم للضباط المتخرجين من المدارس العليا العسكرية، حيث رقي المدافع الأيسر إلى رتبة جنرال دوبيركاد إلى جانب زملائه أمثال: عبد الله بلمقدم وحمو الحجوي والعربي بنوري وأحمد أسماعيلي العلوي وامحمد عامر وغالبيتهم من محبي فريق الجيش الملكي.
عمار.. صخرة الدفاع عن الجيش والمنتخب
اسمه الحقيقي عمار بن سيف الدين، لكنه كان يلقب في الوسط الرياضي بـ «الدبيش». تحصن في قلب دفاع الجيش الملكي والمنتخب المغربي في فترة الستينات، هو واحد من أفضل المدافعين في تاريخ الجيش الملكي والمنتخب العسكري والمدني خلال ستينيات القرن الماضي كما حمل شارة العمادة داخل كل الفرق التي حمل قميصها، لكونه يتوفر على كاريزما تخول له القيادة.
ازداد عمار سنة 1938 بمنطقة الريف، واختاره المرحوم الشتوكي ضمن أول فريق في تاريخ الجيش موسم 58-59، وشكل إلى حدود موسم 69-70 بمعية زميله الترغالي النواة الأساسية لدفاع الجيش الملكي حينها. برز بشكل ملفت في مباراة ودية شهيرة ضد ألمانيا الغربية سنة 1967 انهزم فيها منتخبنا بخماسية مقابل هدف واحد، على أرضية ملعب «كارسلوه».
شق طريقه في المؤسسة العسكرية، وارتقى في سلم الوجاهة العسكرية، وإن كان عمار يفضل دوما البقاء بالقرب من فريقه المفضل الجيش الملكي، بل إنه كان يجد متعة ويبتلع آلامه خلال فترة مرضه، حين يجد نفسه في كثير من الأحيان محاطا بلاعبين شاركوه في الدفاع عن قميص الفريق العسكري، صحبة زمرة من خيرة اللاعبين الدوليين لاعبي الجيش الملكي، أمثال الجنرال المكي وزناية، والرائد العربي، وعدد كبير من اللاعبين الذين تقاسموا معه البدايات الأولى للفريق العسكري.
لوباريس.. لاعب الجيش المظلي الذي جاب أدغال إفريقيا وتصدى لاعبابو
ينحدر عبد القادر لوباريس من عائلة موريسكية استقرت في الرباط بعد نزوحها من الأندلس، ولد في منتصف الثلاثينات وعرف في طفولته بنباهته الفكرية. التحق بالمدرسة العسكرية بمكناس ثم فرنسا وتخصص في سلاح المظليين، وكان ضمن الدفعة الثانية والخمسين من خريجي هذه المدرسة العريقة.
كان لوباريس ضمن مجموعة ضباط الحماية الفرنسية إلى جانب اليوسي وأحرضان ثم أوفقير، كما ورد في مذكرات «الزايغ»، قبل أن يصبح بطل الهواء حين عين عقيدا في سلاح المظليين، لكنه وعلى الرغم من تعدد مساراته فقد ظل متمسكا بالفريق العسكري حريصا على التواجد فيه ضمن المكتب المسير، وحضر أول مشاركة للجيش الملكي في نهائي كأس العرش.
سابق عاصر الانقلابات ووقف مع الشرعية حظي بثقة القيادة العسكرية وقاد تجريدة الزايير وشارك في حرب أكتوبر، حيث أبلى البلاء الحسن فيها وأبان بأنه يستحق قيادة نخبة القوات المسلحة الملكية، برزت شهامته حين حاصرت المجموعات المختلفة من جنود أهرمومو القصر الملكي بالصخيرات، في يوليوز 1971، حيث وقف في البوابة يحاول منع اقتحام الانقلابيين في الوقت الذي هرب الكثير من المدعوين وساد الارتباك المكان، لكن الكولونيل عبد القادر لوباريس حاول ثني العقيد مدبر الانقلاب اعبابو عن الفكرة، ليتطور الأمر إلى مناوشات انتهت بإصابة لوباريس، ما شكل نقطة إطلاق الرصاص في جميع أرجاء القصر.
تقول بعض الروايات إن الجنرال بن عبد السلام هو من منع الكولونيل لوباريس من تنفيذ رغبته في سحق ضباط الصف والجنود الذين كانوا يعملون في قاعدة القنيطرة الجوية إبان الانقلاب الثاني عام 1972.
وتتداول أدبيات حرب الرمال حكايات طريفة حول الجنرال لوباريس، عندما استعمل خطة قطيع الغنم بالليل محملا بـ «بيلات» الإنارة وأجراس، فظن الجيش الجزائري أنهم جنود مغاربة يناورون في الجبل فبدأ القصف ضد قطيع الغنم، وبالتالي عرف مكان اختباء الجيش الجزائري من خلال النيران فشرع الجيش المغربي بالقصف المضاد.
القبطان المكي ميلاني.. أول مدير للجيش الملكي
من مواليد المدينة القديمة وتحديدا في زنقة كلميمة بدرب بوطويل بالدار البيضاء، عاش رفقة إخوته في بيت واحد جمعتهم الكرة والدراسة، حيث درس في مدرسة القبة، قبل أن يختار الانتماء إلى المؤسسة العسكرية، حيث انضم مبكرا للجيش الفرنسي، على غرار كثير من الأطر العسكرية والجنود الذين دافعوا عن فرنسا التي كانت تحتل المغرب.
بعد حصول المغرب على استقلاله، تأسست القوات المسلحة المغربية عام 1956، أي في العام نفسه الذي نال فيه البلد الاستقلال عن المستعمر الفرنسي. كان معظم أفراد الجيش ممن اشتغلوا إما بالجيشين الفرنسي والإسباني أو شاركوا في مقاومة الاستعمار إلى جانب مقاتلي «جيش التحرير»، وكان ميلاني أحد الأطر العسكرية التي ساهمت في بناء هذا الصرح. في هذه الفترة استعان المغرب بالجنرال أمزيان من إسبانيا والجنرال الكتاني من فرنسا إلى جانب قيادات أخرى كأوفقير.
لفت ميلاني الرياضي الأنظار حين حمل قميص «اليوسا» وكان يمارس تداريبه في الفضاء الرياضي الذي يوجد فيه اليوم ملعب الوداد، بينما كان والد جواد ميلاني يمارس ضمن فريق الراك، بينما سيكتب لجواد تدريب الجيش الملكي.
كان الفريق العسكري يتمتع بعناية فائقة من قبل مولاي الحسن، إلى حد أنه كان يتابع التداريب ويراقب تغذية اللاعبين، في هذه الفترة سيعين المكي ميلاني مديرا إداريا للفريق وستبدأ مهامه من مركز التدريب الذي كان يوجد في حي أكدال، إذ شكل إلى جانب المدرب غاي كليزو ثنائيا متسلحا بالصرامة الكافية. قال عنه الصحافي نجيب السالمي: «إن المكي ميلاني يعتبر رمزا من رموز الجيش الملكي، في زمن كان فيه لكل فريق رمزه كالزاولي والطاس والصوري والكاك والأب جيكو والرجاء». ساهم المكي في جلب مجموعة من اللاعبين البارزين للجيش أبرزهم عناصر يوسفية برشيد التي أقنعها بالالتحاق بالفريق العسكري، على غرار الحطاب وبوعزة والعماري، إلى جانب أسماء أخرى من الدار البيضاء كاللاعب الخياطي.
قضى المكي ثلاثين سنة في خدمة الجيش الملكي، لم يكن يهتم بالرتب العسكرية بقدر ما كان يهتم بالشأن الإداري للفريق، إلى أن أصبح عضوا جامعيا ممثلا للفريق العسكري ضمن المكتب التنفيذي للجامعة الملكية المغربية لكرة القدم. في منتصف فبراير 1990 سيرحل ميلاني بعد معاناة طويلة مع المرض، ومات عاشقا للجيش.