من بين أكثر المشاكل التي تواجه الأطفال في عمر مبكرة مشكلة التواصل أو القدرة على التواصل مع الآخرين، لأن التواصل يتوقف على بعض الأساسيات المهمة، وهي وجود اللغة، أي لغة التواصل مع الآخرين، والقدرة على الفهم والتعبير بالكلام، وأيضا القدرة على استخدام المصطلحات والكلمات، ولهذا فإن الطفل الذي يعاني من أي خلل في هذه النقاط الثلاث فهو معرض لأن يكون من الأشخاص الذين يعانون من اضطراب التواصل
هناك أطفال يعانون من مشكلة اضطرابات اللغة ويدخل ضمن خانة اضطرابات اللغة القدرة على التعبير والاستقبال، وعدم القدرة على التعبير بالكلام، أو عدم القدرة على استخدام الجمل بالمقارنة مع عمر الطفل، وبالتالي فإن الطفل الذي لا يستطيع استخدام اللغة في التواصل فهو بلا شك يعاني من هذا الاضطراب.
اضطرابات اللغة
بحسب جمعية الطب النفسي، فإن اللغة تنقسم إلى أربعة محاور رئيسية، أولها هو علم الصوت، وعلم الصوت هو تمكن الطفل من استخدام صوته من أجل إخراج الكلمات والحروف، والتفرقة بينهم، ولا بد من استخدام الصوت وتوفره لاستخدام الكلمات.
والمحور الثاني الذي يؤثر في اللغة هي القواعد اللغوية، وتعني بها استخدام الكلمات في محلها الصحيح للحصول على جمل صحيحة مفيدة، فتوفر الكلمات دون استخدام في مكانها الصحيح لا يؤدي إلى الفهم الصحيح للكلمات، وبالتالي عدم القدرة على التعبير بشكل صحيح وإعطاء معنى للكلام.
وثالثا دلالات الألفاظ، هي المعنى الذي يريد الطفل توصيله من خلال كلامه، ومن أجل القيام بذلك فلا بد من تجميع الكلمات مع بعضها لإعطاء معنى للكلام، باستخدام الكلمات المخزنة في دماغه، والطفل الذي لا يستطيع القيام بهذه العملية فهو يعاني من مشكلة تخزين الكلمات وتذكرها.
والمحور الثالث هو الواقعية أو العلمية لأي استخدام للكلمات والتحدث بكل طلاقة، مع معرفة القدرة على الإجابة عن الأسئلة المطروحة أو تغيير الموضوع. وتجب معرفة أن كل سن من عمر الطفل يكتسب فيها كلمات جديدة، بحيث إنه في سن الثالثة يكون قادرا على المحادثة بصورة جيدة.
عندما يلاحظ أن الطفل يعاني من مشاكل من قبيل تكوين جمل وبنائها أو استخدام الزمن بالشكل الصحيح، أو إعادة الكلمات فهو بلا شك يعاني من مشكلة الاضطراب اللغوي، ولا يتم الجزم أن الطفل يعاني من الاضطراب اللغوي إلا في حال القيام باختبارات معينة وأهمها اختبار «ويكسلار». ويلاحظ أن الأطفال الذين يعانون من اضطراب الأداء اللغوي تعبيرهم اللفظي يبدو أصغر من عمرهم ومقارنة مع أطفال في عمرهم. ومن الممكن أن يحدث هذا الاضطراب بسبب الوراثة، أو نتيجة لاضطراب النمو.
كيف يتم تشخيص اضطراب التعبير اللغوي:
بحسب جمعية الطب النفسي، فإن من يعانون من اضطراب اللغة، فإنهم عادة ما يعانون من محدودية الحصيلة اللغوية، أو عدم القدرة على تركيب الكلمات والجمل في الأزمنة الصحيحة، وعدم القدرة على تذكر الكلمات أو تركيب جمل طويلة، كما قد تؤثر بشكل كبير على التحصيل الدراسي، وعادة قد يلاحظ هذا الاضطراب عند الأطفال الذين يعانون من تخلف عقلي أو عجز حسي أو نطقي وحتى حركي.
وينتشر هذا الاضطراب عند خمسة 10 في المائة بالنسبة إلى الأطفال الأقل من ثلاث سنوات، فيما تصل نسبته إلى 6 في المائة عند الأطفال الدين تتراوح أعمارهم ما بين 5 إلى 11 سنة، وتقل هذه النسبة عند من هم أكبر سنا، أي أكبر من 11 سنة. كما أن هذا الاضطراب يصيب الأولاد أكثر من الفتيات، كما تزيد نسبة حدوثه عند الأطفال الذين ينتمون إلى أسر يعانون من نفس المشكلة.
مشاكل مصاحبة لاضطراب اللغة
عادة، فإن الأطفال الذين يعانون من اضطراب التعبير اللغوي فهم يعانون من مشاكل أخرى، ومنها اضطرابات عقلية ونفسية، ومن أكثر الاضطرابات المرافقة لاضطراب اللغة حسب ما توصل إليه العلماء، هو الإصابة بفرط النشاط وقلة الانتباه، ويمثل ما نسبته 19 في المائة من الحالات. اضطرابات القلق، والإصابة باضطراب التحدي الاعتراضي «وهو أحد الاضطرابات التي تصيب البشر».
وعادة فإن الطفل الذي يعاني من اضطرابات اللغة، هو عادة أكثر تعرضا للإصابة باضطراب القراءة واضطراب التواصل واستقبال الكلام.
وتجب معرفة أن الطفل الذي يعاني من اضطرابات في التعبير، فهو بالتالي يعاني من اضطرابات في التواصل، أو في الاستقبال، لأن الأمر كله يتعلق بالحواس التي تستقبل وقد لاحظ الباحثون أن من يعانون من مشكلة اضطراب التعبير اللغوي والاستقبال يعانون أيضا من مشكلة الحركة والتبول اللاإرادي، أيضا تمت ملاحظة أن هؤلاء الأطفال يعانون من اضطرابات الصوت، بحيث إنه بعد القيام بالفحوصات وجد الباحثون أن هؤلاء الأطفال يعانون من اضطرابات الأعصاب.
أهم أسباب الإصابة بهذا الاضطراب
في الواقع لا يمكننا القول إن هناك سببا رئيسيا لحدوث هذه المشكلة، لكن هناك بعض العوامل التي قد تتداخل في ما بينها، ومن أهمها تأخر نضج الخلايا الدماغية، ووجود مشكلة في الدماغ وهي عدم وجود تماثل طبيعي بين الفص الأيسر والأيمن للدماغ، بحيث إن وجود فص أكبر من الثاني يؤدي إلى حدوث مشاكل في التعبير اللغوي.
كما قد يكون للوراثة دورا مهما في الإصابة بهذا الاضطراب، إذ لاحظ الباحثون أن الأسر التي تعاني من هذا الاضطراب لها احتمالية كبيرة لولادة أبناء يعانون من هذه المشكلة، وفي حالة وجود مشاكل في جينات معينة، فقد تظهر مشاكل القلب والتعبير اللغوي وبعض الاضطرابات في القدرات المعرفية للطفل.
كما أن شرب الأم للكحول خلال فترة الحمل، فقد يكون له تأثيرا قويا على معاناة طفلها في ما بعد من تأخر الكلام، بالإضافة إلى تأثير البيئة بشكل كبير في هذا السلوك.
ملاحظة الأعراض
عندما تبدأ الأعراض في الظهور قد لا يلاحظ الأبوين الأمر وقد يعتبر أمرا طبيعيا، لكن من المهم جدا مراقبة الطفل ومحاولة التوقف عند الأعراض التي تحدثنا عنها سابقا، لأنه من المهم جدا الاكتشاف المبكر لتلقي العلاج في أسرع وقت ممكن. كما قد يلاحظ أصدقاء الطفل أو المقربين منه عدم قدرته على التعبير والمشاركة مع أقرانه في ما يتحدثون عنه. كما قد يبدو الطفل كما لو أنه غير قادر على اتباع حكاية الأمور بأكملها وعدم القدرة على تسمية الأشياء، كما يبدو الطفل أنه يتكلم بطريقة أصغر منه سنا وطريقة كلامه لا تناسب من هم في سنه. كما قد تلاحظ الأم في عمر مبكر أن الطفل غير قادر على استخدام صوته للتعبير حتى وهو رضيع وغير قادر على إخراج كلمات مثل ما، با، كما يلاحظ أن الطفل لا يحاول استخدام الكلام للتعبير ويعول أكثر على الإشارات. يلاحظ أن الطفل يركز في تواصله على النظر في الأم لعدم قدرته على التعبير بالكلام، كما يلاحظ أنه في سن الرابعة غير قادر على استخدام الكلمات، كما يلاحظ أنه غير قادر على استخدام مصطلحات جديدة مقارنة مع أقرانه، وتجده غير قادر على المزاح والكلام مع أقرانه لأنه غير قادر على استخدام الكلمات.
العلاج
بداية يقوم الطبيب باختبار السمع للتأكد من سلامة السمع لدى الطفل، كما أن العلاج يتوقف على مدى شدة الاضطراب وسن الطفل ومدى تعاون الأسرة على علاج المشكل، كما أن العلاج يتوقف على رغبة الطفل في العلاج، ومدى قدرة الآباء على المساعدة وتقديم الدعم النفسي للطفل.