إعداد: إكرام أوشن
تعتبر بعض النساء سن انقطاع الحيض نهاية حياتهن كأنثى، في حين أن هذه الفكرة ليست صحيحة، فما زالت أمام المرأة سنوات طويلة عليها أن تعيشها وتتكيف معها. هذا فضلا عن أن الوصول إلى هذا السن لا يضع حداً لنشاطها الجنسي، وعلى النقيض، فإن العديد من النساء يرحبن بانقطاع الحيض الذي يحررهن من عناء الحيض نفسه من جهة، ومن الإنجاب من جهة أخرى. فما هو سن انقطاع الطمث؟ وكيف يؤثر على نفسية المرأة؟ وهل له من علاقة بالجنس؟
انقطاع الحيض.. الأسباب والمضاعفات العضوية والنفسية
يعرف سن انقطاع الحيض (سن اليأس)، بأنه الانقطاع الدائم للحيض ونهاية الخصوبة والإنجاب، نتيجة توقف تطور الجريبات في المبيضين. ويقال إن المرأة وصلت هذا السن بعد غياب 12 دورة شهرية متتالية (أو بعد مرور 12 شهراً على آخر دورة شهرية).
إن انقطاع الحيض الدائم والطبيعي (غير الناتج عن أمراض) هو عبارة عن عملية بيولوجية طبيعية تحدث للنساء ما بين سن 45 و55 عاماً. وسجلت حالات وصلت فيها المرأة سن انقطاع الحيض في عمر مبكر (35 عاماً)، أو متأخرة (60 عاماً).
ويذكر أن نتائج دراسة صدرت العام الماضي بينت أن 2 بالمائة من النساء يصلن سن انقطاع الحيض في سن الأربعين. ويمكن أن تؤدي الأعراض النفسية والعضوية التي ترافق سن انقطاع الحيض إلى اضطراب النوم وضعف حيوية ونشاط المرأة.
أسباب انقطاع الحيض الدائم
• انخفاض مستوى الهرمونات الأنثوية:
عندما تصل المرأة إلى نهاية الثلاثينيات من عمرها، ينخفض إنتاج المبيضين للهرمونات التناسلية: الأستروجين والبروجسترون . ومن المعروف أن هذه الهرمونات تنظم الدورة الشهرية. وفي نهاية الثلاثينيات يبدأ إنتاج البويضات بالانخفاض تدريجياً. وكذلك فإن إفراز هرمون البروجسترون ينخفض بعد الإباضة. ومن المعروف أن هذا الهرمون يجهز جسم المرأة للحمل. لذلك نرى أن خصوبة المرأة بدأت بالانخفاض بسبب هذه التغييرات والتأثيرات الهرمونية. وخلال المرحلة الانتقالية، والتي تسمى «المرحلة ما قبل انقطاع الحيض»، يلاحظ أنه إضافة إلى انخفاض هرمون الأستروجين، ارتفاع مستوى هرمون حاث الجريبات وهرمون اللوتنة والذي يفرز من قبل الفص الأمامي للغدة النخامية.
• استئصال الرحم:
استئصال الرحم لوحده (دون استئصال المبيضين)، لا يؤدي إلى وصول المرأة سن اليأس (سن الأمان). فمع أن الحيض يتوقف فإن المبيضين يواصلان إنتاج البويضات وهرموني الأستروجين والبروجسترون. أما في حال استئصال الرحم والمبيضين معاً، فإن ذلك يؤدي إلى وصول المرأة سن اليأس دون مرورها بالمرحلة الانتقالية، وهذا يؤدي إلى العلامات والأعراض المميزة لسن الأمان.
• قصور المبيضين الأولي:
نحو واحد بالمائة من النساء يصلن إلى انقطاع الحيض الدائم قبل سن 40 عاماً. وقد يكون سبب ذلك فشل (قصور) المبيضين الأولي، والذي يتمثل في عدم مقدرة المبيضين على إنتاج المستوى الطبيعي للهرمونات الأنثوية. ومع أن سبب هذا الفشل ما زال غير معروف حتى يومنا هذا، فإنه يعتقد أن للعامل الجيني (المورثات) وللأمراض ذاتية المناعة دوراً في ذلك.
• المعالجة الكيميائية والإشعاعية:
تصاب العديد من النساء اللواتي يتلقين علاج السرطان بالمواد الكيميائية أو بالأشعة، بالأعراض الكلاسيكية لسن انقطاع الحيض خلال فترة العلاج، أو حتى بعد ستة أشهر من انتهاء هذا العلاج.
• الاكتئاب:
مع أن معظم النساء ينتقلن إلى سن انقطاع الحيض دون معاناة من مشاكل نفسية، فإنه يمكن أن تصاب نحو 21 بالمائة منهن بالاكتئاب. وأشارت عدة دراسات إلى زيادة نسبة إمكانية الإصابة بالاكتئاب في المرحلة ما قبل سن انقطاع الحيض، مقارنة مع الفترة ما بعد سن انقطاع الحيض (حيث تقل إمكانية الإصابة بالاكتئاب).
مضاعفات مرحلة ما بعد انقطاع الحيض
• أمراض الجهاز الدوري:
يؤدي الانخفاض الملحوظ في مستوى هرمون الأستروجين إلى خطر إصابة المرأة بأمراض الجهاز الدوري (القلب والأوعية الدموية). إذ تعتبر أمراض القلب السبب الرئيسي لموت النساء (والرجال) في سن الكبر. لذلك هنالك الكثير الذي تستطيع المرأة فعله لتجنب الإصابة بأمراض القلب، وهي: التوقف عن تدخين التبغ، المحافظة على ضغط الدم الشرياني في حدود المستويات الطبيعية، ممارسة الرياضة البدنية، والتقيد بحمية قليلة الدهنيات المشبعة مع الإكثار من تناول الفواكه والخضروات والحنطة الكاملة (الخبز الأسمر).
• هشاشة العظام:
خلال السنوات الأولى بعد انقطاع الحيض الدائم، قد تقل كثافة العظام بمعدل سريع، وبذلك ترتفع إمكانية الإصابة بهشاشة العظام، ما يجعل العظام هشة وسريعة الانكسار.
• عدم التحكم في البول:
بعد سن انقطاع الحيض يفقد الرحم والإحليل مرونتهما، ما يؤدي إلى الحاجة الملحة والمفاجئة للتبول وبشكل متكرر، ويمكن أن يؤدي ذلك بالتالي إلى عدم القدرة على السيطرة على البول، وقد يؤدي السعال والضحك أو رفع أشياء ثقيلة إلى سيولة البول لاإرادياً.
• البدانة:
الكثير من النساء يزددن في الوزن أثناء فترة ما قبل الحيض وبعدها. لذلك يجب التحكم في تناول الطعام واتباع حمية صحية وممارسة الرياضة البدنية. وهناك دلائل قوية على أن البدانة بعد سن انقطاع الحيض تزيد من مخاطر الإصابة بسرطان الثدي.
ما آثار مرحلة انقطاع الطمث على العلاقة الحميمية؟
تشير دراسة إلى أنه رغم أن التغيرات الهرمونية بعد انقطاع الطمث تصيب الكثير من النساء بأعراض متشابهة، فإن الاختلافات الثقافية يمكن أن تؤثر على ما يشعرن به في هذه المرحلة من العمر. وفحص الباحثون نتائج مسح على الإنترنت تم فيه توجيه سؤال إلى 8200 رجل وامرأة من المتقدمين بالعمر في أمريكا الشمالية وأوربا حول تأثير انقطاع الطمث على علاقاتهم الحميمية، فوجدوا شكاوى متشابهة في دول مختلفة، لكن حجم المعاناة من الأعراض نفسها من قبيل الهبات الساخنة التي تسبب الشعور بالحرارة والجفاف المهبلي وزيادة الوزن، يتفاوت تبعاً للجنسية.
وقالت ماري جين مينكين، أستاذة أمراض النساء والتوليد والصحة الإنجابية في كلية الطب بجامعة ييل الأمريكية، التي قادت فريق البحث، إن في المجتمعات التي تحترم السن تعد النساء الأكبر سناً أفضل وأكثر حكمة، وتكون أعراض انقطاع الطمث أقل إزعاجاً بدرجة ملحوظة، كما أن في الأماكن التي لا يكون فيها التقدم في العمر ميزة، تربط الكثير من النساء انقطاع الطمث بالكبر، ويمكن أن تكون الأعراض أكثر ضرراً بشكل كبير.
هذا وينقطع الطمث عند النساء في عمر يتراوح ما بين 45 و55 عاماً، ومع انخفاض إنتاج المبايض لهرموني الأستروجين والبروجسترون في السنوات السابقة لانقطاع الطمث، يمكن أن تواجه النساء أعراضاً عديدة، مثل عدم انتظام الدورة الشهرية، والجفاف المهبلي، وتقلب المزاج والأرق.
وذكر الباحثون، في دورية انقطاع الطمث، أن الشكوى الرئيسة من الرجال والنساء كانت الجفاف المهبلي بغض النظر عن جنسياتهم، وهذا الأمر ليس مفاجئاً. ووجدت الدراسة أن الكثير من الأعراض كانت أكثر شيوعاً بين النساء من الولايات المتحدة وبريطانيا وكندا، وأقل انتشاراً بين النساء من السويد وإيطاليا، وكان الرجال من الولايات المتحدة أكثر من تحدثوا عن أعراض تعاني منها شريكاتهم، كما ذكر الرجال أن تقلب المزاج والألم أثناء العلاقة الحميمية من أبرز خمس شكاوى مرتبطة بانقطاع الطمث، بينما ذكرت النساء أن عدم انتظام النوم وزيادة الوزن أكثر أهمية.
وذكرت معظم النساء المقيمات في الدانمارك والسويد والنرويج أنهن وجدن أن انقطاع الطمث أفضل من توقعاتهن، بينما ذكرت أغلب المشاركات المقيمات في بريطانيا وفرنسا وكندا أن انقطاع الطمث كان أسوأ من توقعاتهن.
تحسين الرغبة الجنسية أثناء فترة انقطاع الطمث
في الوقت الحالي، لا توجد أي أدوية جيدة لعلاج المشاكل الجنسية عند السيدات في مرحلة انقطاع الطمث. قد يكون العلاج بالأستروجين البديل جيدًا، ولكن نتائج الأبحاث أظهرت تعارضًا في ما يتعلق بفعاليته. وبالرغم من ذلك، فإن الأستروجين قد يجعل اللقاء الجنسي أقل ألمًا عن طريق علاج جفاف المهبل. ويقوم الأطباء أيضًا بدراسة ما إذا كان المركب المكون من الأستروجين والهرمونات الذكرية التي يطلق عليها «أندروجينات» يمكن أن يكون مفيدًا في زيادة الرغبة الجنسية عند النساء.
ورغم أن مناقشة المشاكل الجنسية مع طبيبك قد تكون صعبة، فإن هناك خيارات يمكن أخذها في الاعتبار، مثل الاستشارات. قد يحيلك طبيبك أنت وشريكك على المهني الصحي المتخصص في الاضطرابات الجنسية، وقد ينصحك المعالج بإجراء استشارة جنسية على مستوى شخصي، أو مع زوجك. إن هذا النوع من الاستشارات يكون مفيدًا للغاية، حتى إذا تم القيام به في فترة زمنية قصيرة.
• ثقفي نفسك عن تشريحك الجسدي والوظيفة الجنسية والتغيرات الطبيعية المصاحبة لتقدم العمر، بالإضافة إلى السلوكيات والاستجابات الجنسية. فذلك قد يساعد في التغلب على القلق الذي يساورك بخصوص الوظيفة الجنسية والأداء الجنسي.
• قومي بتحسين الإثارة عن طريق التغييرات في الروتين الجنسي.
• استخدمي تقنيات الإلهاء (موسيقى، رقص…) لزيادة الاسترخاء وإزالة القلق.
• مارسي سلوكيات أخرى بخلاف الجماع (نشاط مثير جسديًا لا يتضمن الجماع)، مثل التدليك الحسي، ويمكن استخدام هذه الأنشطة لتعزيز الراحة وزيادة التواصل بينك وزوجك.
• قومي بتقليل أي ألم قد تشعرين به عن طريق استخدام أوضاع جنسية تسمح لك بالتحكم في عمق الإيلاج. قد ترغبين أيضًا في الاستمتاع بدش دافئ قبل اللقاء الجنسي لمساعدتك على الاسترخاء، واستخدمي المزلقات المهبلية للمساعدة على تقليل الألم الناتج عن الاحتكاك.
• تواصلي مع زوجك بخصوص أي الأمور أكثر راحة لك وأيها ليست كذلك.