شوف تشوف

الرئيسيةتقاريروطنية

كيف تحولت جلسة برلمانية إلى “محاكمة” لوزير النقل؟

تحول اجتماع عقدته لجنة البنيات الأساسية والطاقة والمعادن والبيئة بمجلس النواب، أول أمس الثلاثاء، إلى جلسة لمحاكمة وزير النقل الاستقلالي، محمد عبد الجليل، حيث تلقى اتهامات بالفشل في إصلاح القطاع وتطهيره من «الريع». وأكد البرلمانيون أن هذا القطاع أصبح يشتغل خارج الدستور والقانون.

وخلال الاجتماع، الذي خصص لتدارس واقع وآفاق النقل الطرقي واللوجيستيك بالمغرب، بحضور عدد من مسؤولي الوزارة والمؤسسات العمومية التابعة لها، أكد النواب البرلمانيون على أهمية النهوض بقطاع النقل الطرقي واللوجيستيك، داعين إلى تجاوز العديد من الإشكاليات التي تشوب القطاع، منها النقل القروي باعتباره رافعة أساسية لفك العزلة، وضمانة لقضاء مختلف أغراض الساكنة القروية، وتسوية وضعية «النقالة» العاملين في النقل غير المهيكل. وأشاروا إلى أن هذا القطاع تحول إلى مرتع لكل أشكال «الريع»، كما شددوا على أهمية تحقيق الالتقائية والتنسيق الجيد بين مختلف القطاعات الحكومية، من أجل تعزيز مقومات القطاع كحلقة رئيسية في سلاسل الإمداد وفي تنقلات المواطنين.

وأوضح النائب البرلماني، محمد ملال، رئيس لجنة البنيات الأساسية، عن الفريق الاشتراكي، أن قطاع النقل (نقل البضائع والأشخاص) أصبح يشتغل خارج الدستور، لأنه يخرق مجموعة من المقتضيات التي جاء بها دستور 2011، ومنها المساواة وصون كرامة المواطنين، والقطع مع الممارسات اللاإنسانية، وكذلك ضمان العيش في بيئة سليمة، والتنافس الحر، وتكافؤ الفرص للجميع، والرعاية الخاصة للفئات الاجتماعية، كما أن الدستور يجرم حالات تنازع المصالح والإخلال بالتنافس النزيه، كما يحث على احترام ذوي الاحتياجات الخاصة، والحكامة الجيدة وتنظيم المرفق العمومي واستمرارية تقديم الخدمات.

وأبرز ملال أن قطاع النقل تحول إلى قطاع «ريعي» بامتياز، مشيرا إلى أن هذا القطاع تعمه الفوضى والعشوائية، حيث يمثل فيه القطاع غير المهيكل أزيد من 60 %، وهو ما يضرب في العمق مبادئ وأسس الدولة الاجتماعية، كما يفوت على خزينة الدولة موارد مالية مهمة، ويساهم في خدش سمعة البلاد. وأكد رئيس اللجنة أن هذا القطاع يحتاج إلى إصلاح شمولي منسجم ودامج لكل الفئات والمتدخلين، خاصة أن المغرب مرشح لاحتضان وتنظيم تظاهرات عالمية كبرى (كأس العالم 2030)، واقترح إعداد قانون إطار يتعلق بتنظيم نقل الأشخاص والبضائع، مع إدماج كافة الأشكال الأخرى للنقل في شبكة متكاملة، وهذا يتطلب إنجاز دراسة شاملة ومعمقة للقطاع.

ومن جهته، أكد الوزير عبد الجليل أن الحكومة تعمل جاهدة مع مختلف المتدخلين لتأهيل قطاع النقل واللوجستيك وعصرنة أدائه. وأوضح أن الوزارة تعمل من أجل إيجاد الحلول المناسبة لتجاوز المشاكل الهيكلية التي يعرفها القطاع، وكذا تسريع وتيرة إصلاحه.

وأبرز الوزير أن تأهيل قطاع النقل واللوجستيك يعد أمرا ضروريا لمواجهة التحديات المستقبلية ومقاومة الأزمات المتعلقة بالتقلبات الاقتصادية، والتطور التكنولوجي، والنقل المستدام، ومواجهة المنافسة الدولية، مشيرا إلى أن ذلك سيضمن مزيدا من المرونة للاستجابة الدقيقة لحاجيات التنقل والحركية.

وأضاف الوزير أن قطاع النقل واللوجيستيك يحظى باهتمام كبير من لدن السلطات الحكومية، بالنظر إلى الدور الهام الذي يضطلع به في الرفع من تنافسية الاقتصاد الوطني، وضمان تزويد وتموين كافة مناطق المملكة بالسلع والبضائع وكذا تنقل ساكنتها، سيما فك العزلة عن المناطق القروية والجبلية.

وسجل الوزير، في هذا السياق، أنه علاوة على المشاريع الكبرى التي أنجزتها المملكة خلال العقدين الأخيرين في مجال البنيات التحتية للنقل تحت قيادة الملك محمد السادس، تمت مباشرة مشاريع مهمة وهيكلية من أجل إصلاح قطاع النقل الطرقي واللوجيستيك، مستعرضا مشاريع تحرير أنشطة النقل الطرقي للبضائع، وتحويل المكتب الوطني للنقل إلى شركة وطنية للنقل واللوجيستيك، وتنزيل مدونة متطورة للسير على الطرق.

واعتبر عبد الجليل أنه، على الرغم مما تمت مباشرته من إصلاحات ومبادرات، فإن أداء قطاع النقل الطرقي واللوجيستيك «لا يرقى للطموحات والتطلعات التنموية المنشودة، إذ إنه يعاني من ضعف الهيكلة، وهشاشة الوضعية الاقتصادية والاجتماعية للعاملين به، مما يحد من تنافسيته ونجاعته»، مؤكدا أن الوزارة لها تصور لتعزيز دور القطاع كرافعة حقيقية للتنمية ببلادنا، يتجلى في تطوير نقل شمولي ومستدام ولوجيستيك تنافسي يدعمان النمو الاقتصادي ويساهمان في تحسين ظروف عيش المواطنين.

وأضاف الوزير أنه، لتحقيق هذا الطموح، تشتغل الوزارة على أربعة محاور استراتيجية، يتعلق الأول بحركية الأشخاص، حيث تهدف من خلاله إلى تطوير منظومة شمولية ومستدامة للنقل الجماعي للأشخاص؛ أما المحور الثاني فيتعلق بتطوير اللوجيستيك ونقل البضائع، من خلال تطوير سلاسل لوجيستيكية فعالة في خدمة تنافسية الاقتصاد الوطني؛ أما المحور الثالث فيتعلق بتحسين حكامة خدمات وبنيات النقل واللوجيستيك؛ ويتعلق المحور الرابع بتعزيز دور الإدارة وجعلها أكثر انفتاحا وقربا من المرتفقين، من خلال تسريع التحول الرقمي للوزارة.

محمد اليوبي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى