كوفي عنان رئيسا لـ«الكاف»
في الوقت الذي كان الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة يتحدث، في رسالته إلى الملك محمد السادس، بمناسبة عيد الأضحى، عن قيم التآخي والتضامن والرغبة في إحياء عظام اتحاد المغرب العربي وهي رميم، كانت الصحف الجزائرية تتحدث عن معركة باردة بين البلدين من أجل الظفر بتنظيم كأس إفريقيا لكرة القدم، بعد أن لاحت في الأفق بوادر أزمة سياسية في الغابون مباشرة بعد الإعلان عن نتائج الانتخابات الرئاسية.
ولأن «رب كل ضارة نافعة»، فقد تبين أن الدول الإفريقية تجسد معنى التضامن، حين تتحين فرصة اندلاع أزمة سياسية في بلد إفريقي لتعلن نفسها مرشحة لتنظيم مؤتمر أو تظاهرة رياضية نيابة عنه. فالمغرب لم ينظم دورة 1988 إلا بعد أن تخلت كينيا مكرهة عن التزاماتها، وأعلنت استقالتها من تنظيم حدث قاري بسبب نوبة انقلاب حادة انتابت قياديا عسكريا. الوضع نفسه عاشته ليبيا التي طالبت بتأجيل احتضانها كأس أمم إفريقيا 2017 بسبب تنامي حدة الاقتتال بين فصائل أخرى حول نصر سياسي، فنقل عيسى حياتو التظاهرة إلى غينيا الاستوائية إلى أن تستوي الأحوال وتنسحب الكتائب من الملاعب.
يقول العارفون بشؤون «الكاف» إن حياتو اسم على غير مسمى، فرغم أنه لا يضمن حياته لساعة واحدة كباقي خلق الله، إلا أنه يصر على منح تزكيات طويلة المدى، حيث أسند لبلده الكاميرون حق تنظيم دورة 2019، وكلف الكوت ديفوار باحتضان دورة 2021 ومنح غينيا حق تنظيم دورة 2023. حينها سيكون عمره الافتراضي 77 سنة، أطال الله في عمر الرجل حتى يظل حاضرا في المقصورات الرسمية لكل التظاهرات القارية، شريطة تجهيزها طبيا بلوازم الطوارئ.
يقول الراسخون في علم تضاريس الكرة الإفريقية، إن عيسى حياتو لن يمنح الجزائر فرصة تنظيم كأس إفريقيا، لأن خلافه مع رئيس الاتحاد الجزائري محمد راوراوة تجاوز بناية الكونفدرالية في ضواحي القاهرة. لكن هل وهب الله عيسى نعمة النسيان ووضع على ذاكرته طبقات سميكة من الغبار تمنعه من تذكر المعارك القضائية التي خاضها المغرب ضده، في المحكمة الرياضية بسويسرا؟
في ظل هذا الوضع، قيل لعيسى لماذا لا تختار دولة آمنة تبنى فيها ملاعب لتحتضن الدورات الكروية بعيدا عن رائحة البارود، وتصبح بمثابة ملاعب خلفية للقارة؟ وقيل لعلي الفاسي الفهري، قبل سنوات، لماذا لا تبتعد عن قذارة الحروب التي أصبحت هواية القادة الأفارقة، وتعلن ترشيح المنتخب المغربي للمشاركة في الدورات الأوربية مادام أغلب لاعبي المنتخب يحملون جنسيات أوربية؟ فظروف الحياة أصبحت لا تطاق في القارة السمراء، لأن شفتي الزعيم تتمددان بالحرارة كالحديد، فيعلن مصادرة الكرة واعتقال الحكم والهداف والمدرب والمشجع العالق فوق الشجر.
في اجتماع طارئ للاتحاد العربي لكرة القدم، حول مكان إجراء دورة كأس العرب، رفع مسؤول عربي رفيع «المحتوى»، سبابته وطالب بتنظيم التظاهرة في بيروت من أجل عيون هيفاء وهبي، وتحدث، نيابة عن مسؤول لبناني، عن الوضع المستقر في لبنان، وفي لحظة التصويت الحاسمة اتفق العرب على ألا يتفقوا، لهذا غنت هيفاء «مش قادرة استنى».
ومع اتساع رقعة النعرات السياسية في القارة الإفريقية، اهتدى حياتو إلى وسيلة للتصدي للوضع، وأعلن عن توظيف موظفين جدد في «الكاف»، مهمتهم وضع مخطط سلام إفريقي، وتقديم تقارير حول الأوضاع الأمنية في البلدان الإفريقية، بعد أن استعصى تنظيم التظاهرات في كثير من بقاع القارة بسبب «بوكو حرام» و«داعش» و«جماعة أنصار الدين» و«فجر ليبيا» وهلم شرا..
يبدو أن كوفي عنان، الأكثر حظا لخلافة عيسى، بالنظر إلى ما راكمه من تجارب في فض المنازعات، وما راكمه أيضا من أموال في المصارف البعيدة عن بؤر التوتر، فالرجل يملك مشروعا ضد فتاوى متطرفة تدعو إلى تنظيم دورة رياضية موازية لكأس عصبة الطوائف الدينية والعرقية، يتبارى فيها السنيون والشيعيون والوهابيون والطوارق والخوارج والمعتزلة، وفق نظام خروج المهزوم منفجرا.