أسهمت تداعيات انتشار فيروس كورونا وإصرار الجزائريين على التمسك بمطالب الحراك الشعبي في تسجيل إقبال ضعيف لتصويت الجزائريين في الاستفتاء على التعديل الدستوري، وقال من اقترع منهم إنه صوت من أجل “التغيير“ و “جزائر جديدة“، في حين ندّد مؤيدو المقاطعة باقتراع محسوم مسبقا.
في مركز اقتراع باستور، وسط العاصمة، صوّت قليل من الناخبين في الصباح. وبسبب الإجراءات الصحية غطوا وجوههم بالكمامة.
وعند المدخل، يقيس موظف في مكتب الانتخاب درجة حرارتهم ويدعوهم لتطهير أيديهم قبل التصويت لصالح “الجزائر الجديدة“ التي وعد بها الرئيس عبد المجيد تبون، عرّاب الإصلاح الدستوري.
وصرح أحد الناخبين عبد النور قنيش وهو تاجر يبلغ 34 سنة، لوكالة فرنس برس “انتخبت بنعم لأنني أساند التغيير“.
وأضاف “أنا متفائل بالنسبة للمستقبل، فالرئيس تبون وعد في خطاباته بإعطاء مكانة مهمة للشباب“.
وانتشرت قوات الأمن بكثافة في وسط العاصمة لمنع أي تجمع او تظاهرة في هذا اليوم المصادف للاحتفال بذكرى اندلاع حرب التحرير من الاستعمار الفرنسي (1954-1962).
واحتلت شاحنات الشرطة ساحة البريد المركزي، القلب النابض للحراك منذ بدايته في 22 فبراير 2019.
وصرح جيلالي بوعزة، 78 سنة، أحد الناخبين في مركز باستور لوسائل الإعلام بالقول: “صوّت بنعم من أجل بلدي حتى لا ينهار“.
وفي مكتب اقتراع بمركز شارع باستور وسط العاصمة الذي يضم 17 مكتبا، لم يصوت حتى الساعة العاشرة سوى ستة أشخاص من أصل 249 ناخبا مسجلا. وبحسب رئيس المكتب رشيد دراسني فإن سكان هذا الحي يصوتون عادة في الفترة المسائية.
وكان محرز العماري الناشط الحقوقي، أحد المصوتين بنعم في مركز باستور، وقال “اليوم صوّت من أجل الجزائر الجديدة ومن أجل ان تنتهي إلى الأبد الممارسات القديمة ومن اجل ان يعود السلم والوئام والاستقرار والوحدة والتضامن إلى البلد“.
“كل الانتخابات مزورة“
وفي حي بئر خادم بالضاحية الجنوبية للعاصمة الجزائرية اختار أحمد محند، 82 سنة، أن يقاطع الانتخابات رغم انه يسكن قبالة مكتب التصويت.
وقال لوكالة أنباء دولية “أنا لا أنتخب منذ ان استولى عبد العزيز بوتفليقة +الرئيس السابق+ على الحكم. منذ جاء وكل الانتخابات مزورة“.
وبعد عشرين سنة في الحكم (1999-2019) اضطر بوتفليقة الى الاستقالة تحت ضغط الجيش والحركة الاحتجاجية غير المسبوقة.
وأضاف محند الذي فضل استغلال هذا اليوم المشمس في تنظيف مرأبه “هنا انقسام كبير حول هذا المشروع، لذلك فضلت ان أطبق المثل الجزائري القائل: لما تختلط الأديان تمسك بدينك“.
ومقابل فتح القاعات ووسائل الإعلام الحكومية للحملة الانتخابية من اجل التصويت بـ“نعم“، لم يتمكن المعارضون للتعديل الدستوري من تنظيم أي تجمع لشرح موقفهم للجزائريين.
وبينما دعا نشطاء الحراك إلى مقاطعة الاستفتاء على الدستور المرفوض “شكلا ومضمونا“، دعا الإسلاميون إلى التصويت بـ“لا“.
وإذا كان الاقتراع جرى في الجزائر العاصمة بهدوء، مع لامبالاة فئة كبيرة من السكان، فقد عبّرت بعض المناطق بقوة أكبر عن معارضتها للاستفتاء من خلال الضغط على السلطات لإغلاق مراكز الاقتراع.
ففي ولايتي بجاية وتيزي وزو أكبر مدينتين في منطقة القبائل، أغلقت جميع المكاتب أبوابها تقريبًا في أعقاب حوادث مختلفة، حُطمت خلالها صناديق الاقتراع وأوراق الاقتراع. كما نظم ناشطون مسيرات احتجاجية، وفقًا لوسائل الإعلام المحلية.
وكُتب على لافتة رفعها شباب في بجاية “التصويت في الأول من نونبر خيانة لذاكرة الشهداء“.
والانتخابات الرئاسية التي أجريت في 12 دجنبر 2019 طبعتها نسبة امتناع قياسية تجاوزت 60 في المائة. وبعد مرور عام ، أصبحت نسبة المشاركة مرة أخرى هي الرهان الحقيقي للاقتراع.
وبحسب الأرقام التي أعلنتها السلطة الوطنية للانتخابات حتى الساعة الثانية بعد الأحد (13:00 ت غ) فإن نسبة المشاركة لم تتجاوز 13,03 في المائة.
وأغلقت مراكز الاقتراع البالغ عددها 61 ألفا في الساعة 19:00 بالتوقيت المحلي (18:00 ت غ).