محمد اليوبي
كشف وزير الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة، محمد بنشعبون، أن خزينة الدولة ستخسر مداخيل تقدر بحوالي 44 مليار درهم، خلال السنة الحالية، جراء التداعيات الاقتصادية والاجتماعية للأزمة الصحية التي تسبب فيها فيروس كورونا، ودعا الوزير إلى اتخاذ إجراءات تقشفية صارمة في ميزانية السنة المقبلة لمواجهة عجز الميزانية.
تراجع الموارد الجبائية
أكد الوزير، في عرض قدمه، صباح أمس الاثنين، أمام لجنة المالية بمجلس النواب، حول تنفيذ ستة أشهر من ميزانية سنة 2020 والرهانات المرتبطة بإعداد مشروع قانون المالية لسنة 2021، استمرار تراجع الموارد الجبائية بفعل تداعيات الأزمة، خلال السنة المقبلة، ومن المتوقع أن تتراجع هذه الموارد ما بين 20 و25 مليار درهم مقارنة بما تم تحصيله سنة 2019، وبناء على هذه المعطيات، من المتوقع أن يتفاقم عجز الميزانية وهو ما يعني تفاقم معدل المديونية، مما يهدد استدامة التوازنات المالية.
وأكد بنشعبون أنه، في ظل وجود كل هذه الإكراهات، يتعين اتخاذ التدابير اللازمة لضمان استدامة التوازنات المالية، وتوفير الهوامش الضرورية لإطلاق الإصلاحات الهيكلية الكفيلة باستشراف آفاق الإقلاع في مرحلة ما بعد الأزمة. وتطرق الوزير إلى التدابير التي ينبغي اتخاذها، ومنها ترشيد النفقات المرتبطة بتسيير الإدارة، داعيا إلى مواصلة التقيد الصارم بتوجهات التدبير الأمثل لنفقات التسيير وإعادة تقييمها وحصرها في الحاجيات الضرورية والملحة تماشيا مع ما يفرضه سياق الأزمة، وذلك من خلال حذف النفقات الموجهة لكراء السيارات، وتقليص 70 في المائة من نفقات النقل والتنقل داخل وخارج المملكة والفندقة والإيواء وتعويضات المهمة بالخارج ومصاريف الاستقبال ونقل الأثاث والعتاد، وتقليص 50 في المائة من مصاريف الصيانة وإصلاح السيارات ونفقات التدريب والتكوين.
وحث بنشعبون على تقليص 50 في المائة من النفقات المتعلقة بالدراسات مع الحرص على تثمين الدراسات التي سبق إنجازها من خلال الاستفادة المتبادلة بين مختلف القطاعات في المجالات ذات التدخل المشترك، كما سيتم إخضاع طلبات العروض المرتبطة بالدراسات للترخيص المسبق لرئيس الحكومة تطبيقا لمقتضيات المنشور رقم 14/2020 بتاريخ 09 شتنبر 2020 وذلك بناء على رأي لجنة محدثة لهذا الغرض، وتقليص 30 في المائة من مصاريف الوقود والزيوت.
وأشار بنشعبون إلى أن المغرب يمر بأزمة استثنائية نتيجة جائحة كوفيد -19، وكذلك بروز موجة ثانية للجائحة على المستوى العالمي خاصة لدى الشركاء الأوربيين، بالإضافة إلى تفاقم الأزمة الصحية على المستوى الوطني، وانعكاس التدابير الصحية الوقائية على استئناف مختلف الأنشطة بعد فترة الحجر الصحي، وتعاقب سنتين من الجفاف.
وكشف الوزير عن خفض توقعات النمو ب 0.8 نقطة مقارنةً مع فرضيات قانون المالية المعدل نتيجة تفاقم الحالة الوبائية لاسيما على مستوى قطاع السياحة (تراجع القيمة المضافة ب 50 في المائة مقابل -27 في المائة)، وقطاع النقل (تراجع القيمة المضافة ب 12 في المائة مقابل -9.6 في المائة) ، ولا سيما النقل الجوي، ثم قطاع التجارة (تراجع القيمة المضافة ب 9.1 في المائة مقابل -8 في المائة)، وذلك جراء تدابير حظر السفر بين بعض المدن، وإعادة الحجر الجزئي وتشديد إغلاق منافذ بعض المدن التي تشهد وضعية وبائية مقلقة، إقرار ساعات عمل محدودة.
وعلى مستوى المداخيل، تم تسجيل انخفاض المداخيل الجبائية في متم غشت (-11,5 مليار درهم أو -3,8 في المائة)، باستثناء الضريبة على الشركات التي عرفت انخفاضا طفيفا مقارنة مع نفس الفترة من سنة 2019، سجلت الضرائب الأخرى انخفاضا، حيث تراجعت الضريبة على الدخل بمبلغ 1,9- مليار درهم، مع تسجيل تراجع خلال شهري يوليوز (-156 مليون درهم) وغشت (-215 مليون درهم) بعد التحسن الملموس خلال شهر يونيو (+384 مليون درهم)، وتراجع الضريبة على القيمة المضافة بمبلغ 3,7- مليار درهم، مع تسجيل وتيرة انخفاض أقل خلال شهر غشت (-149 مليون درهم) بالمقارنة مع الفترة الممتدة بين أبريل ويوليوز (-990 مليون درهم كمعدل شهري)، كما تراجعت الضريبة الداخلية على الاستهلاك بمبلغ 2,5- مليار درهم، مع تسجيل تراجع خلال شهر غشت (- 392 مليون درهم) بعد تراجع وتيرة الانخفاض بين ماي ويوليوز (- 24 مليون درهم كمعدل شهري)، وتراجعت رسوم التسجيل والتنبر بمبلغ 2,4- مليار درهم، مع تسجيل تباطؤ في وتيرته التنازلية خلال شهري يوليوز (-165 مليون درهم) و غشت (-173 مليون درهم) مقارنة مع الفترة الممتدة بين أبريل و يونيو (-713 مليون درهم كمعدل شهري)، وتراجعت الرسوم الجمركية بمبلغ -409 مليون درهم مع تسجيل ارتفاع خلال شهر غشت (+51 مليون درهم) مقارنة مع الفترة الممتدة بين أبريل ويوليوز (-176 مليون درهم كمعدل شهري).
المداخيل غير الجبائية
سجل الوزير انخفاض المداخيل غير الجبائية بحوالي 2,3 مليار درهم، نتيجة عدم تحصيل مداخيل برسم الخوصصة (-4,4 مليار درهم) وتأخر تحصيل بعض المداخيل المتأتية من المؤسسات والمنشآت العمومية بمبلغ 0,6 مليار درهم، فيما عرفت المداخيل غير الجبائية الأخرى تحسنا بمبلغ 2,8 مليار درهم، وفي المجموع، سجلت المداخيل تراجعا بحوالي 13,8 مليار درهم ( أو -8,8 في المائة) مقارنة مع سنة 2019.
وعلى مستوى النفقات، تحدث بنشعبون عن ارتفاع النفقات الجارية بنسبة 5,8 في المائة أو 8,7 مليار درهم، تحت تأثير ارتفاع كل من نفقات المستخدمين بنسبة 7,2 في المائة (+6 مليار درهم) ونفقات السلع والخدمات بنسبة 8,3 في المائة (+3 مليار درهم) و فوائد الدين بنسبة 1,9 في المائة (+410 مليون درهم) فيما عرفت نفقات الدعم انخفاضا بنسبة 6,4 في المائة (-664 مليون درهم)، ويعزى ارتفاع نفقات المستخدمين إلى أثر الزيادات في الأجور نتيجة الإجراءات المتخذة في إطار الحوار الاجتماعي فيما تزايدت نفقات السلع والخدمات نتيجة ارتفاع نفقات القطاعات الوزارية و كذا التحويلات برسم النفقات المشتركة.