شوف تشوف

الدوليةبانوراما

كواليس انفراج في الحرب التجارية الأمريكية-الصينية

سهيلة التاور

مقالات ذات صلة

بعدما كانت اليابان تعتبر الدولة الثانية بعد أمريكا من حيث الاقتصاد، وكانت الشريك الاقتصادي الأكبر للولايات المتحدة الأمريكية في الثمانينات، تم الاتفاق بينهما على أن يتم تخفيض قيمة الدولار الأمريكي أمام الين الياباني الشيء الذي جعل اليابان دولة ليس لها تأثير سلبي على اقتصاد أمريكا. الأزمة نفسها مست الصين بعد أن أصيبت بعجز تجاري وصلت قيمته إلى 375 مليار دولار بنسبة تصل إلى أكثر من 60 بالمائة من إجمالي العجز التجاري الأمريكي.

ضعف الصين وورقتها الرابحة

الصين تعتبر ثالث قوة اقتصادية بعد أمريكا واليابان فاقتصادها الأساسي قائم على الصادرات بنسبة 20 في المائة من إجمالي الناتج المحلي، حيث تقوم باستيراد المواد الأولية وتصنعها ثم تصدرها. الشيء الذي يعتبر نقطة ضعفها، ومن بين الدول التي تصدر إليها أمريكا التي تقدر الصادرات إليها ب21 في المائة من الصادرات. فالحرب الاقتصادية القائمة بين أمريكا والصين تضر هذه الأخيرة أولا وبشكل كبير. فمن خلال بعض الدراسات تم الكشف عن الخسارة التي قد تمس الصين في حال تطورت هذه الحرب فقد يصل العجز الاقتصادي الصيني إلى 1.4 بالمائة، وذلك زيادة على الصادرات التكنولوجية عالية الجودة التي تصدرها الصين إلى أمريكا التي تعتبر المستورد القوي لهذه الصناعة، إلا أن الصين لا تزال تملك ورقة رابحة، حيث أنها تعتبر الدولة الأولى التي تستورد ثلث إنتاج أمريكا من فول الصويا، بالإضافة إلى 25 في المائة من طائرات البوينغ.

استراتيجية صنع في الصين 2025

ساهمت أمريكا بالدرجة الأولى في تطور الصين وذلك من خلال تغيير سياستها من الصناعي إلى تقديم الخدمات. الشيء الذي جعل إنتاج الصين يتقدم خلال 40 سنة فقط بعد أن كان يمثل الإنتاج الصناعي الصيني العالمي 0.3 في المائة و الإنتاج الصناعي الأمريكي يشكل نسبة 38.7 بالمئة من الإنتاج الصناعي العالمي خلال الحرب العالمية الثانية.
إلا أن الصين سئمت من الوضعية التي تشغلها منذ سنة 1978. فقد أصبحت مصنع العالم الملبي للرغبات الاستهلاكية الرخيصة على حساب مواردها، يدها العاملة (سكانها)… الشيء الذي دفعها إلى طرح استراتيجيتها الجديدة وهي طبع عبارة(صنع في الصين 2025) تحت كل منتج هي مسؤولة على تصنيعه، ما يهدد ترامب وسياسته وتشكل خطرا عليه لما له من مخلفات على السوق الداخلي الأمريكي. كما أن ترامب وعد قبل انتخابه بأنه سيعيد أمريكا لمكانتها الصناعية السابقة وسيوفر مناصب شغل برواتب جيدة للعمال.

بعد أن اتخذت الصين قرار تغيير استراتيجيتها وطبع (صنع في الصين 2025) استطاعت أن تبث شيئا من الراحة النفسية في مواطنيها، مبشرة في حال نجاح هذه الاستراتيجية التي استراتيجية تستهدف تطوير الصناعة الوطنية الصينية خاصة الصناعة التي تعتمد على التقنيات المتطورة في عشرة مجالات ستقوم الصين بالاستيلاء على جميع الصناعات المهمة في وقت وجيز. الشيء الذي سيجعلها أقوى دولة اقتصاديا وسيهدد الدولة الصناعية الأخرى ومنها أمريكا وهذا هو السبب التي تقوم عليه الحرب بين الصين وأمريكا.

صندوق النقد الدولي يدق ناقوس الخطر

في ما يتعلق بالحرب الاقتصادية القائمة بين أمريكا والصين، اقترح صندوق النقد الدولي الحوار بين الدوليتين وذلك بهدف إخماد النار التي لو شبت ستأكل الخضر واليابس في العالم كله والمتضررين أكثر من اثنين.
حيث أكدت مديرة صندوق النقد الدولي، لاغارد، بوجوب مشاركة الجهود لحل الخلافات بين أمريكا والصين والبحث على الصالح العام دون اللجوء إلى التفكير الأناني من خلال منصة حوار تقوم على التحليل المنطقي الهادئ للحفاظ على التجارة نشيطة بين ال 189 دولة المشاركة في صندوق النقد الدولي.

عناد دونالد ترامب

لا يزال الرئيس الأمريكي ينادي بشعار (أمريكا أولا) ليتبنى إجراءات جديدة لحماية المؤسسات والعمال الأمريكيين حتى ولو كان ذلك على حساب علاقاته التبادلية الحرة مع أهم شركائه. فقد قام بفرض رسوم جمركية على واردات البلاد من الفولاذ والألمنيوم في شهر مارس الماضي، كما أن إدارته حددت منتجات صينية من المتوقع أن تفرض عليها ضرائب جديدة. وذلك بعد أن فرضت الصين استراتيجيتها ( صنع في الصين 2025). دون تأخر هذه الأخيرة قامت بنفس التصرف وفرضت الصين رسوما على الواردات من الولايات المتحدة الأمريكية بعد أن اتهمتها هذه الأخيرة بسرقة الملكية الفكرية للتكنولوجيا الأمريكية.
كما أن أمريكا تهدد بالخروج من اتفاقية التبادل الحر لدول أمريكا الشمالية، الموقعة بين بلاده وكندا والمكسيك منذ 1994 إذا لم يتم التفاوض من جديد حولها بشكل مرض.

روسيا تنتهز الفرصة

موسكو لا تضيع الفرص، فهي تنوي الفوز من هذه الحرب الاقتصادية وتوسيع تعاونها الاقتصادي والتجاري مع بكين، حيث صرح نائب وزير الخارجية الروسي، إيغور مورغولوف، أن روسيا من حيث المبدأ تعارض الحروب التجارية ومن يلوح بعصا العقوبات، لكنها بالطبع لن نتوارى عن استغلال الفرص المتاحة.
وقد أشار الدبلوماسي الروسي في ما يخص سبل التعاون الاقتصادي بين روسيا والصين، إلى وجود فرصة ذهبية لتعزيز تجارة المنتجات الزراعية، سيما بعد أن فرضت بكين رسوما جمركية إضافية على 106 من السلع الأمريكية المستوردة، منها منتجات زراعية. وقد أكد بأن تجارة المنتجات الزراعية أظهرت ديناميكية نمو إيجابية، حيث كان ذلك واضحا حتى قبل زيادة حدة التوتر التجاري بين الصين والولايات المتحدة، والآن تتوفر شروط أفضل لتنمية التعاون في هذا المجال. كما أكد مورغولوف أن موسكو وبكين لا تخططان لإنشاء تحالفات، كون ذلك لا يتوافق مع الرؤى الروسية والصينية، لافتا إلى أن التعاون التجاري والاقتصادي مع الصين له قيمة جوهرية.
في حين قامت واشنطن بنشر قائمة من 1300 سلعة صينية تستورد منها الولايات المتحدة سنويا «ما تقدر قيمته ب 50 مليار دولار تقريبا»، تعتزم فرض رسوم جمركية إضافية عليها بنحو 25 في المائة، لترد بكين بنشر قائمة بـ106 سلع أمريكية تستورد منها الصين سنويا أيضا «ما قيمته 50 مليار دولار»، ستفرض رسوما جمركية عليها بنحو 25 في المائة أيضا.

بوادر الصلح

استمرت المفاوضات الأمريكية الصينية في بكين 3 أيام، وهي كانت الأولى منذ لقاء ترامب مع الرئيس الصيني، شي جين بينغ في بوينس آيرس في دجنبر الماضي، والذي تم الإعلان خلاله عن هدنة في الحرب التجارية بين واشنطن وبكين لمدة 90 يوما. لكن بعد المحادثات على مستوى نواب الوزراء حول القضايا الاقتصادية والتجارية التي أجرتها بكين وواشنطن عززت الفهم المتبادل، ووضعت أساسا لمعالجة مخاوف الجانبين. وأقاما تبادلات مكثفة ومعمقة ومفصلة حول التجارة والقضايا الهيكلية محل الاهتمام المشترك واتفقا على إبقاء اتصال وثيق بشكل مستمر.
كما تعهدت الصين بشراء كمية كبيرة من السلع والخدمات الزراعية والطاقة والمصنعة من الولايات المتحدة، وفقا لما ذكره مكتب الممثل التجاري الأمريكي، بعد انتهاء المحادثات التجارية بين الولايات المتحدة والصين في بكين.
كما ناقش المسؤولون الأمريكيون والصينيون القضايا المتعلقة بحماية الملكية الفكرية والحاجة إلى أي اتفاق يحل النزاع التجاري بين أكبر اقتصادين في العالم لتوفير التنفيذ الكامل رهنا بالتحقق المستمر والتنفيذ الفعال.
وإذا لم يتم التوصل إلى اتفاق بحلول 2 مارس، قال ترامب إنه سيبدأ في رفع التعريفات إلى 25 في المائة من 10 في المائة على الواردات الصينية بقيمة 200 مليار دولار، في وقت يتراجع فيه الاقتصاد الصيني بشكل كبير، وقد ردت بكين بالفعل بتعريفاتها الخاصة على المنتجات الأمريكية.
وتشعر الشركات في كلا البلدين بالألم من آثار التعريفات، وهزت شركة «أبل» الأسواق العالمية، الأسبوع الماضي بخفض توقعاتها للمبيعات، وألقت باللوم على ضعف الطلب في الصين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى