محمد اليوبي – محمد أبطاش
استبق إلياس العماري، رئيس مجلس جهة طنجة تطوان الحسيمة، تنفيذ مخطط الإطاحة به من رئاسة الجهة، وسارع إلى وضع رسالة استقالته على مكتب والي الجهة، محمد امهيدية، صباح يوم السبت، وذلك بعد التطورات المتسارعة التي عرفتها الأحداث بالمجلس منذ أواسط الأسبوع الماضي، وبرر العماري استقالته بأسباب شخصية. وعاش مجلس الجهة، طيلة الأسبوع الماضي، على صفيح ساخن، بسبب انقلاب الأغلبية على العماري، ورفض الوالي مهيدية لجدول أعمال الدورة العادية المقرر إجراؤها يوم 7 أكتوبر المقبل، ما جعل العماري يستشعر خطورة الوضع، وبأن «هناك شيئا يتم التحضير له»، حسب مصدر من المجلس، وتخوفه من دخول المجلس في أزمة «بلوكاج» في حال عدم توفر نصاب الأغلبية للمصادقة على مشروع ميزانية سنة 2020، خاصة بعد فشله في عقد الدورة العادية للجنة الإشراف والمراقبة لوكالة تنفيذ المشاريع، التي يترأسها العماري بنفسه، رغم الاتصالات المكثفة التي أجراها مع أعضاء اللجنة، حيث امتنع بعضهم عن حضور الاجتماع، فيما رفض البعض الآخر الرد على المكالمات الهاتفية للعماري.
ولذلك، سارعت مديرة الوكالة الجهوية لتنفيذ المشاريع بالجهة، آمال وحيد، إلى إصدار بلاغ موجه لكافة أعضاء لجنة الإشراف والمراقبة للوكالة وأطر مجلس الجهة وأطر الوكالة، تخبرهم من خلاله بأنه تقرر، بعد موافقة رئيس اللجنة، تأجيل عقد الدورة العادية للجنة التي كانت مقررة يوم الجمعة، وذلك لعدم تمكنها من إعداد الميزانية التعديلية عن سنة 2019، موضوع جدول الأعمال، نتيجة تأخر أشغال لجنة الميزانية والشؤون المالية والبرمجة للمجلس التي لم تنه أشغالها إلا بعد زوال يوم الخميس الماضي.
وما زاد من تأزيم الوضع، وتعميق عزلة العماري، مفاجأته بقرار والي الجهة، الذي رفض جدول الأعمال المقترح للدورة، بسبب توصله به خارج الآجال القانونية، وتحفظ مصالح الداخلية على مجموعة من النقط المدرجة به. ووجد العماري نفسه في ورطة حقيقية، لأنه بدون حزب يوفر له الغطاء السياسي، إثر الصراعات والتطاحنات الداخلية التي يعرفها حزب الأصالة والمعاصرة، وبدون أغلبية عددية تسانده، خاصة بعد انهيار التحالف المسير للمجلس، إثر الانقلاب الذي يقوده ضده رموز أحزاب التجمع الوطني للأحرار والاتحاد الدستوري والتقدم والاشتراكية، وبعض أعضاء مجلس الجهة المنتمين إلى تيار «المستقبل» بحزب الأصالة والمعاصرة.
وشهدت لجنة المالية صراعات قوية بين مكونات الأغلبية، تسببت في توقفها أكثر من مرة، وحسب مصادر حضرت الاجتماع، فقد حاول محمد بوهريز، نائب رئيس الجهة عن حزب التجمع الوطني للأحرار، رفقة أعضاء آخرين منتمين للأغلبية، توقيف أشغال اللجنة ورفض جميع النقط المدرجة في جدول أعمالها بحجة أن ولاية طنجة رفضت جدول أعمال الجهة، ورغم محاولات موظفي المجلس ثنيه عن موقفه إلا أنه أصر على توقيف أشغال اللجنة لساعات قبل أن ينسحب دون تنسيق مع باقي مكونات الأغلبية، ويجهل لحد الآن سبب تمرد جزء من الأغلبية على رئيس الجهة ولا خلفيات هذا الانقلاب، في ظل حديث عن قرب استقالة إلياس العماري من رئاسة جهة طنجة تطوران الحسيمة.
وأوضحت المصادر أن استقالة العماري أحدثت حالة من الضبابية في أوساط المقربين منه، ناهيك عن أعضاء المجلس، حيث رفض الجميع التعليق على هذه المسألة، مؤكدين أنها جاءت في لحظة يعيش المجلس وسط تشنجات بين الأعضاء ووكالة تنفيذ المشاريع التي وضع عليها العماري إحدى المقربات منه. وتبعا لذلك، كشفت المصادر أنه من المرتقب أن تبت مصالح وزارة الداخلية في مضمون هذه الاستقالة، والكشف عن الأسباب التي دفعت العماري لتقديمها، حيث إن القرار ستكون له تبعات كبرى على مستوى الجهة، خصوصا وأن العماري سيكون أمام المساءلة بخصوص المشاريع التي أطلقها والتي وعد بها المواطنين، فضلا عن الميزانيات التي وجهت لأقاليم جهة طنجة.
وفي السياق نفسه، أوضحت المصادر أن هذه الاستقالة جاءت في وقت مثير، بالموازاة، مع منع وزارة الداخلية العماري من زيارة الصين في إطار الشراكات التي تجمع المجلس مع هذه الدولة، وكذا ما يتعلق بمشروع «مدينة محمد السادس طنجة تيك»، في الوقت الذي تعرض العماري لصفعة جديدة من قبل وزارة الداخلية خلال الأسبوع الماضي، بعد أن وجه ملف أشغال دورة المجلس لشهر أكتوبر، إلى ولاية جهة طنجة، خارج الآجال القانونية، ليتم رفضها، علما أنه يتوجب أن يتم إخبار هذه المصالح 15 يوما قبل تحديد موعد إجراء الدورة، وهو ما أغضب العماري، الذي كان يصف الوالي محمد امهيدية بصديقه المقرب.
وكان العماري، منذ استقالته من الأمانة العامة لحزب الأصالة والمعاصرة، يتجنب الحضور إلى بعض اللقاءات الخاصة باللجان الداخلية بمجلس جهة طنجة، مما أدى إلى بروز انشقاقات داخل بعض اللجان حول قرارات اعتبرت مصيرية داخل المجلس، منها المرتبطة بالدعم العمومي، خاصة أن تقارير سوداء أنجزتها المفتشية العامة لوزارة الداخلية تلاحق العماري، سيما خلال السنتين اللتين انتخب فيهما على رأس الجهة، بعد اكتشاف كون ملفات تضمنت ملايين الدراهم وجهت إلى أقاليم يتواجد فيها حزب الأصالة والمعاصرة بشكل قوي، في مقابل تهميش بقية المناطق، ومنها الريف، ما أدى إلى انفجار الوضع في إطار ما يعرف بـ«حراك الريف».