شوف تشوف

الرئيسيةتقاريرملف الأسبوع

كنت انفصاليا قياديون سابقون بالبوليساريو أصبحوا مدافعين عن القضية الوطنية

 

 

تبنى شيوخ القبائل بجهة العيون الساقية الحمراء حملة التنديد والاستنكار، ضد الاعتداء الجبان الذي استهدف مدينة السمارة المغربية من طرف فلول البوليساريو، ومن بين آلاف الصحراويين الذين ساروا في المسيرة المنددة، تحمل وزر المرض وعناء السن وراقب الموقف الغاضب للسكان بعض القيادات السابقة للبوليساريو التي اختارت العودة إلى الوطن.

شارك الآلاف من سكان مدينة العيون، كبرى حواضر الصحراء المغربية، يوم الأحد الماضي، في مسيرة حاشدة ضد الهجوم الذي تعرضت له مدينة السمارة يوم 29 أكتوبر الماضي، ونسب إلى الانفصاليين. وفي ظلال شجر بمنطقة أم السعد وساحة المشور كان قياديون سابقون يراقبون الموقف بتمعن.

لقد شكل مؤسسون وقادة سابقون للبوليساريو، جبهة تروج للمغرب، بل وساهموا في بناء صرح وطن لا يقبل الشتات، وقد أصبحوا سفراء وولاة وعمالا وموظفين سامين بالمملكة، بعدما لبوا نداء الحسن الثاني «الوطن غفور رحيم».

وحين يشعر قياديو البوليساريو بأن القرار يأتي من الجزائر العاصمة وليس من الرابوني، ويتبين بالملموس أن الجبهة تعيش منذ سنوات حالة من التآكل الداخلي، وأنه لولا النظام الجزائري لانتهت إلى الزوال، تتحرك بركة الوطنية الراكدة ويستحضر العارفون بخبايا الأمور قولة الملك الحسن الثاني: «الوطن غفور رحيم»، والتي تحولت إلى نداء ساهم في عودة قامات من قبيل البشير الدخيل ولحبيب أيوب، وعمر الحضرمي وإبراهيم حكيم الوزير وولد سويلم الذي شغل منصب المستشار الخاص لمحمد عبد العزيز ويحضيه بوشعاب ونور الدين بلالي، وكجمولة بنت أبي واللائحة طويلة.

كانوا بالأمس دعاة للانفصال وساندوا اليوم حضوريا أو عن بعد مسيرة السلام والالتفاف نحو الوطن.

 

حسن البصري

 

الدخيل.. لقاء مع الحسن الثاني حرك رغبة العودة للوطن

لا يعرف كثير من متتبعي الشأن الصحراوي أن القيادي البشير الدخيل عاش طفولته وشبابه في الدار البيضاء، حيث درس التعليم الابتدائي في عين الشق، انتقل إلى ثانوية في شارع 2 مارس «ثانوية محمد الخامس» ومنها انتقل رفقة أبناء شهداء جيش التحرير إلى الرباط لاستكمال تعليمه الثانوي في ثانوية الليمون بالرباط، كمعبر لدخول الجامعة في الرباط.

ظهرت مواهب الدخيل مبكرا حين كان شابا قياديا، وحين أصبح من مؤسسي جبهة البوليساريو ومن بين العناصر النشيطة في ملف النزاع، خاصة وأنه تمكن من معايشة تفاصيل الأوضاع السياسية والاقتصادية في المنطقة، في سنوات الخمسينات كان والده من بين قيادات جيش التحرير.

يعتبر البشير الدخيل وهو من مواليد 8 أبريل 1954 بالعيون، وأحد أبرز القيادات المؤسسة لجبهة البوليساريو، وأول سفير لها بسويسرا ليتنقل بعد ذلك إلى برشلونة، قبل أن يخطط للعودة إلى المغرب سنة 1992.

تولدت فكرة العودة في دواخل البشير، بعد لقاء جمع الملك الحسن الثاني مع مجموعة من قيادات البوليساريو سنة 1988 بمراكش. واختمرت فكرة النداء السامي الوطن غفور رحيم سنة 1989 وهي سنة سقوط جدار برلين وبداية لحقبة جديدة من تاريخ البشرية، حيث بادر بالاتصال بالمصالح الديبلوماسية لترتيب العودة. يقول الدخيل إنه استبشر خيرا، وفهم من الدعوة أنها إرادة ملكية سامية من أجل تصالح وطني والعيش الكريم لكافة المعارضين الصحراويين منهم وغيرهم، «نحن السياسيون عدنا في هذا الإطار من أجل الحل النهائي للمشكل والمساهمة في بناء وترسيخ دولة الحق والقانون، لكن إشكالية الاندماج ما زالت مطروحة»، مضيفا في حواراته الصحفية بأن قصص العودة تحكمت فيها النوايا: «كل ونيته في العودة، ولا ينبغي أن نحصر العائدين في من دخل المغرب فقط، بل هناك من فضل العيش في موريتانيا وإسبانيا وفرنسا وغيرها، والله يتولى السرائر. إنني أستغرب أن يطل علينا كل يوم وآخر شخص من العائدين يدعي تأسيسه لجبهة البوليساريو. فمؤسسو الجبهة للتاريخ معروفون وهم 21 صحراويا، وليسوا 210، وهذا لا يعني التقليل من مساهمة العديدين في السياق العام للتأسيس».

وقال الدخيل، في حديث إعلامي سابق، إنه عاد إلى المغرب بعد توقفه عن الاقتناع بخطاب وممارسات البوليساريو، لأنها شرعت في التعامل مع الصحراويين في تندوف باعتبارهم أعداء، وسجنتهم وعذبتهم، «كما حدث معي عام 1975، إذ قضيت عاما كاملاً مسجونا في ثكنة عسكرية على الحدود الجزائرية-الموريتانية، وتعرضت لأكثر من محاولة اغتيال».

أسس البشير الدخيل معهد «الأندلس الدولي للدراسات الصحراوية»، الذي يضم باحثين من مختلف دول العالم، لتقديم دراسات علمية أَساسها المعلومات الصحيحة حول المجال الصحراوي المغربي، في ظل ندرة الدراسات العلمية المتعلقة بالمجال الصحراوي، في الوقت الذي تنتشر فيه كتابات اليسار الإسباني حول الصحراء المغربية، في أمريكا اللاتينية وأوروبا.

 

لحبيب.. قاتل ضد المغرب ومات بالمستشفى العسكري بالرباط

اسمه الحقيقي لحبيب سيد أحمد، المعروف بلقب لحبيب أيوب من مواليد سنة 1951 بتيفاريتي. هو مقاتل صحراوي وأحد مؤسسي جبهة البوليساريو. سبق له أن عمل في الجيش الإسباني، كما قاد العديد من النزاعات قبل عودته إلى المغرب عام 2002.

في عام 1973، أصبح من الأعضاء المؤسسين لجبهة البوليساريو، وكان مقربا من الوالي مصطفى السيد، الذي أصبح في ما بعد زعيما للجبهة. خلال حرب الصحراء، قاد العديد من المعارك. وبعد وفاة الوالي مصطفى، سافر إلى نواذيبو في 6 يونيو 1976 وحاول اغتيال الرئيس الموريتاني المختار ولد داده، وقاد هجمات على الجدار الرملي، وقاد معركة كلتة زمور عام 1989.

في عام 2001، وبسبب الخلافات مع زعيم الانفصاليين محمد عبد العزيز حول العلاقات مع الجزائر اختار الابتعاد عن الجبهة، ليغادر الصحراء إلى مالي وانضم إلى مختار بلمختار ومنها إلى موريتانيا. وفي أكتوبر 2002، عاد إلى المغرب.

حين أعلن قائد بارز في جبهة البوليساريو يدعى لحبيب أيوب عن انفصاله عن قيادة مسيرة تقود الجبهة نحو الباب المسدود، وتقبل الحرب بالوكالة، عاشت تيندوف حالة استنفار قصوى، خاصة بعد أن ظهرت صورة لحبيب القائد العسكري للبوليساريو وهو يقدم ولاءه للملك محمد السادس في القصر الملكي بمراكش أثناء لقاء جمعهما.

ووصفت الصحافة الإسبانية لحبيب بأنه صيد ثمين، مشيرة إلى أنه أحد مؤسسي الجبهة في أواسط السبعينيات، في حين لم يعلق مسؤولو البوليساريو في الجزائر على عودة لحبيب الذي كان يشغل منصب «وزير الأراضي المحتلة» في جبهة البوليساريو.

لم يذكر الزعيم السابق في البوليساريو سبب قراره بالانشقاق عن الجبهة المدعومة جزائريا والتي تخوض حرب عصابات ضد القوات المغربية في الصحراء. لكن مراسلة للجزيرة في المغرب قالت إن قضية عودة لحبيب كانت مطروحة منذ المؤتمر العاشر للجبهة، مشيرة إلى خلافات بين لحبيب وقيادة الجبهة على اتفاق الإطار الذي اقترحه الوسيط الدولي وزير الخارجية الأمريكي السابق جيمس بيكر والقاضي بمنح الصحراء حكما ذاتيا موسعا تحت السيادة المغربية.

رحلة العودة تم التخطيط لها بتنسيق مع السلطات المغربية، إذ سافر أيوب لحبيب مع عدد من أنصاره إلى موريتانيا، حيث أدار مفاوضات مع السلطات المغربية تمهيدا لعودته إلى البلاد.

ولقد عرف أيوب باللين في معاملة الأسرى المغاربة، كما قال الطيار علي نجاب حين تحدث عن أول استنطاق مع الحبيب، كما عرف بالتقوى والورع وحسن الخلق والدماثة، كما جاء في تصريحات كثير من القياديين العائدين.

قضى أيوب سنواته الأخيرة في المصحات، إلى أن لقي ربه في نونبر 2022 بالمستشفى العسكري بالرباط بعد صراع طويل مع مرض القلب.

 

ولد سويلم.. مستشار رئيس الجبهة يتصدى لأذناب الجبهة

شغل حميدو ولد سويلم مهاما حساسة في دائرة القرار السياسي بل كان مستشارا للرئيس محمد عبد العزيز، وأحد المؤسسين لجبهة البوليساريو، إلى سنة 2009، قبل أن يفكر جديا في العودة. وقال في تصريحات متناثرة مع وكالة المغرب العربي للأنباء «إن العودة أملتها مبادرة الحكم الذاتي في الأقاليم الجنوبية التي تقدم بها المغرب، جاءت لتلبي حاجة نفسية وحقيقية للصحراويين المحتجزين في تندوف الذين يعيشون على إيقاع اليأس وعدم الاستقرار».

وأوضح ولد سويلم في ندوة صحفية أن الصحراويين في مخيمات تندوف تحدوهم الرغبة في الالتحاق بركب مقترح الحكم الذاتي، الذي يرون فيه حلا من شأنه أن يضع حدا للأوضاع المزرية واللاإنسانية التي يرزحون تحتها داخل المخيمات.

وتابع قائلا إن قادة البوليساريو يعملون بإيعاز من الجزائر، على عرقلة الجهود الرامية إلى تسوية هذا النزاع المفتعل، بالنظر إلى كونهم يستفيدون من بقاء الوضع على حاله.

وأكد ولد سويلم أنه قدم ولاءه وجدد بيعته وبيعة قبيلة ولاد دليم للعرش العلوي المجيد، معربا للملك عن قناعته بأن مقترح منح الأقاليم الجنوبية للمملكة المغربية الشريفة حكما ذاتيا موسعا، هو الحل الوحيد والعادل للمشكل المصطنع وإنهاء معاناة المحتجزين في مخيمات تيندوف.

وعلى إثر هذه العودة، جرى عقد سلسلة اجتماعات في تندوف، وفي الجزائر العاصمة، بحضور قادة عسكريين نافذين، وتم فتح تحقيقات لتوضيح ملابسات «فرار» ولد سويلم، ومن بين القادة الذين شملتهم هذه الإجراءات، حسب المصادر نفسها، محمد يسلم يبسط، «وزير منتدب لدى وزير الشؤون الخارجية المكلف بإفريقيا» في الجمهورية الصحراوية الوهمية، والبشير مصطفى السيد، ومسؤولون بارزون آخرون في بوليساريو، ممن يعتقد أنهم كانوا يحضرون للالتحاق بالمغرب عن طريق موريتانيا.

دار جدل كبير حين عين حميدو ولد سويلم سفيرا للمغرب في إسبانيا، بالنظر إلى معرفته الواسعة بملف الصحراء عكس سابقيه، لكنه قضى في المنصب سنتين فقط وحين انتهت ولايته حصل على وسام من درجة قائد إيزابيل لاكاطوليك، الذي منحه له العاهل الإسباني لأدائه الدبلوماسي الجيد لمدة سنتين من سنة 2011 إلى غاية 2013 سفيرا للمغرب بمدريد منذ اعتماده من طرف المملكة المغربية، حيث ساهم في تقوية العلاقات الثنائية، وشارك في أنشطة مهمة أبرزها الاجتماع السادس للجنة العليا في شهر أكتوبر 2012، وصادفت مهامه الديبلوماسية زيارة ملك إسبانيا خوان كارلوس في شهر يوليوز 2013، وانعقاد الملتقى الثاني للبرلمانيين بمدريد.

ولد سويلم حسب السفارة الإسبانية رجل له دراية كبيرة بإسبانيا، وساعده في ذلك اتقانه للغة الإسبانية، وهي اللغة التي ساعدته كثيرا على دراسة الملفات، لأنه منحدر من مدينة فيلا كازنيروس.

 

مربيه ربه.. رئيس إذاعة البوليساريو يعترف بفشل «البروباغندا»

عاش جزءا من طفولته في دار التوزاني وكان شغوفا بالإعلام، ليصبح ماء العينين مربيه ربه اسما إعلاميا بارزا. شغل مناصب عديدة في جبهة البوليساريو، قبل أن يقرر العودة إلى وطن لم يكن يعرف عنه أي شيء، ولكنه كان يحمل انتماءه في الدم الذي يجري في عروقه. وقرر أن يحقق الحلم الذي راوده منذ أن تم اختطافه أياما قليلة قبل المسيرة الخضراء ليساق قسرا إلى مخيمات تيندوف تحت الحراسة المشددة لعناصر الجيش والمخابرات العسكرية الجزائرية، رغم الأخطار المحيطة بقراره، وترك منصبه كمدير للإعلام، وعاد إلى الوطن بمساعدة صديق له فرنسي الجنسية عبر النقطة الحدودية «زوج بغال» بين وجدة والجزائر.

ولد ماء العينين في ضواحي الداخلة سنة 1950، ونظرا لغياب بنية تحتية تعليمية في المنطقة، كان من بين المرحلين إلى شمال المغرب، حيث سيحط مربيه ربو الرحال بالدار البيضاء وتحديدا دار التوزاني ويدرس في ثانوية 2 مارس، قبل أن ينتقل إلى الرباط ليلتحق بثانوية الليمون. خلال مقامه في الدار البيضاء كان رفيق درب ابن طانطان عبد القادر طالب عمر، الذي سيصبح قياديا بارزا في البوليساريو.

حين التحق بالوطن شغل مهاما سياسية في حزب التقدم والاشتراكية، وانتهى به القدر في إحدى مصحات العاصمة الرباط.

وعلى غرار رفيق دربه في معركة «البروباغندا»، قطع عبد الدائم المصطفى علاقته بجبهة البوليساريو، وهو واحد من كبار إعلام الانفصاليين، وبرر القطيعة في تصريح قال فيه: «جاء قرار العودة إلى الوطن بعد اكتشافي أن قياداتها اعتقلت وعذبت وقتلت المئات من الصحراويين بدم بارد. وأنها تريد إرساء نموذج عسكري ديكتاتوري، وهو ما يعززه دستورها الذي يشترط أن يكون رئيس الدولة عسكريا، في الوقت الذي تقول فيه البوليساريو إنها حركة تحررية، لا تزال فئة العبيد موجودة في مخيمات تندوف».

 

حكيم.. من الخارجية إلى الإعلام إلى التوبة

يعتبر إبراهيم حكيم من أبرز مؤسسي البوليساريو في بداية السبعينات، وشغل منصب أول وزير خارجية للجبهة الصحراوية، ولمدة عشر سنوات، ثم أصبح وزيرا للإعلام لمدة ثلاث سنوات، وعين بعد ذلك سفيرا في الجزائر قبل التحاقه بالمغرب.

وقد عينه الملك الحسن الثاني ممثلا شخصيا له بدرجة سفير متجول. وهو مجاز في الحقوق وحاصل على ديبلوم الدراسات العليا من جامعة جنيف، فضلا عن خبرته الطويلة في المجال السياسي.

وينحدر حكيم من قبيلة أولاد موسى الكبيرة المنتشرة في المغرب والصحراء وتيرس زمور وموريتانيا وإسبانيا ومخيمات جبهة البوليساريو، بل ويعد حكيم القبيلة.

في مناظراته، يؤكد حكيم أن الجزائريين ينظرون إلى قضية الصحراء على أنها مشكلة مفتعلة، وأن النظام في السبعينات خاصة في عهد هواري بومدين، أخذ موقفه منها من دون استشارتهم، ومع النتائج التي تمخض عنها إقرار التعددية الحزبية، أصبحت النخب السياسية أكثر شعورا بوطأة المشكلة، وقد تحولت إلى عائق حقيقي أمام بناء وحدة المغرب العربي. «منذ كنت ممثلا للبوليساريو استنتجت أن الوضع بات من الصعب عليه تحمل عبء لا داعي لتحمله، علما أن الشعار الذي تدور حوله السياسة الجزائرية الآن هو «الجزائر قبل كل شيء».

لمس حكيم نفور الجزائر من البوليساريو في اجتماعين أحدهما أثناء رئاسة الراحل محمد بوضياف، والآخر بعد اغتياله بأيام قليلة. «كان اللواء خالد نزار عضو مجلس الرئاسة وزير الدفاع واضحا جدا في مخاطبة محمد عبد العزيز رئيس الجمهورية الصحراوية المزعومة، إذ قال له، وكنت حاضرا في اللقاءين: «كفانا من هذا موضوع الصحراء لأنه أصبح حجر عثرة أمام شيء غال علينا ومهم جدا بالنسبة إلى الجزائر، هو وحدة المغرب العربي، لقد تبين عدم جدوى هذه القضية التي استنفدت جهودنا».

من أصعب المواقف في حياة قيادة البوليساريو، عودة قائد عسكري إلى المغرب أو وزير للإعلام، لأن الأول يملك أسرار المعارك والسلاح والثاني كان يروج لأطروحة ثم استقال من نشر الدعاية.

 

الحضرمي.. قائد الأمن العسكري للبوليساريو تحت الأسر بتيندوف

يعد محمد علي العظمي، واسمه الحركي محمد الحضرمي، من رجالات قبيلة الركيبات المتركزة في السمارة، لكنه ولد بأسا وترعرع ودرس الابتدائي في نواحي كلميم وبالضبط في تغجيجت، وبالتالي خبر جميع مكونات القبائل الصحراوية، كما يقول الباحث عمر بنحسون.

درس كبير منظري جبهة البوليساريو في ثانوية بويزكارن، ثم استكمل تعليمه الجامعي في الرباط، فيما اختار صديقه زعيم البوليساريو وأول رئيس لجمهوريتها الوهمية، الوالي مصطفى السيد الدراسة جامعة محمد الخامس، فضل محمد علي العظمي التعليم فالتحق بالمدرسة العليا للأساتذة.

وفي بداية سنة 1973، بدأت المشاورات بين الطلبة الصحراويين التي كانت تسمى مجموعة الرباط، والذين كانوا يتعاطفون مع اليسار الماركسي، حيث طرقوا أبواب جميع الأحزاب المغربية حينها لبدء تحركات في الصحراء ضد الاستعمار الإسباني، وكان الحضرمي من أبرز المفاوضين في هذا الملف.

غير أنهم اختاروا أن يبدؤوا تحركاتهم لوحدهم. وفي ماي في السنة ذاتها نظموا انتفاضة فاشلة في طانطان جعلتهم يتركون مقاعد دراستهم ويلتحقون بالصحراء حيث أسسوا جبهة البوليساريو.

كانت مهمة محمد علي العظمي تنظيم مخيمات اللاجئين من الرحل الذين فروا من الحرب، سواء ضد إسبانيا أو حين حولت البوليساريو فوهات بنادقها نحو المغرب عام 1975.

«فرض الحضرمي نظاما صارما على المدنيين في المخيمات حاز بسببها على ثقة كاملة من الوالي مصطفى السيد»، الذي نقل عنه الحضرمي قوله: «لقد أجرمنا في حق شعبنا» في لحظة اعتراف وهم يخططون للحرب ضد موريتانيا أيضا والتي قضى بسببها الوالي السيد».

أسندت للحضرمي مهمة الأمن العسكري في المخيمات، منذ سنة 1982، وهنا نقل العديد من الأسرى المغاربة أن الحضرمي حضر بعض جلسات التعذيب في حقهم وحق المدنيين الصحراويين، لكن شهادة الأسير المغربي عبد الله لماني أثبتت العكس، إذ قال لـ»الأخبار» إن الحضرمي نظم مباراة في كرة القدم بين الأسرى المغاربة وقاطني المخيمات، ولعب في الشوط الثاني مع الفريق المغربي بعد أن كان حكما في الجولة الأولى.

في نهاية الثمانينات ومع المصالحة المغربية الليبية حين استقبل الحسن الثاني معمر القذافي ووقع معه الوحدة المغربية الليبية، توقف الدعم الليبي الموجه إلى البوليساريو، ومع تفكك المعسكر الشرقي تقلص الدعم السوفياتي، وبدأت الأوضاع السياسية والاقتصادية تتدهور في المخيمات وخصوصا مع نجاح الجدار الأمني المغربي في صد تسللات قوات البوليساريو إلى عمق الصحراء.

ومع كل الانتفاضات التي شملت بلدان المعسكر الشرقي من أوروبا الشرقية إلى الجزائر نفسها بدأت انتفاضة في المخيمات الصحراوية قادها شباب وصغار الضباط للإطاحة بمحمد عبد العزيز وحاشيته، وهنا كبرت فكرة الرحيل عند الحضرمي وكثير من القيادات المؤسسة لهذا الكيان.

ظهرت نوايا الرجل ولم يستطع محمد عبد العزيز محاكمته أو معاقبته نظرا لوزنه الثقيل قبليا وسياسيا، وبعد وضعه تحت الإقامة الجبرية لستة أشهر من أكتوبر 1988 إلى ماي 1989 وتم الاتفاق على إبعاده بطريقة مرنة عن دائرة القرار، تم تعيينه ممثلا للجبهة في أمريكا. مرت ثلاثة شهور على التعيين فقرر الحضرمي العودة إلى المغرب في غشت 1989، تلبية للنداء الذي أطلقه الحسن الثاني «الوطن غفور رحيم».

عينه الحسن الثاني في وزارة الداخلية ثم عاملا على قلعة السراغنة ثم سيدي قاسم، وفي عام 2002 عينه الملك محمد السادس عاملا على إقليم سطات ثم واليا على جهة الشاوية ورديغة، وواليا على كلميم. غير أن الوالي لسوء حظه وقع في عدة أخطاء من بينها تورطه في صراعات انتخابية مع رئيس بلدية كلميم القوي المستند إلى قبيلته أيت باعمران وغيرها من المكونات الأمازيغية في الجهة التي أثارتها طريقة تعامل الوالي التي تحابي مكونات حزبية ضد أخرى. لكن رفاق العظمي يؤكدون أنه وطني وسيظل يخدم قضايا الوطن حتى وإن وجد نفسه في الهامش.

ومن المفارقات العجيبة أن وضع الحضرمي رهن الإقامة الجبرية، جعل محمد عبد العزيز يبادر باستبداله بولد خداد الذي تسلم مهامه كمدير أمن الجبهة عام 1988، وهي المهمة التي كان يشغلها عمر الحضرمي قبل عودته للمغرب، علما أن خداد هو من كشف النوايا الوطنية التي تسكن الحضرمي.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى