حسن البصري
يصادف اليوم عيد الحب، نلمس مظاهره وأعراضه ونشم رائحته في واجهات المحلات التجارية بالأحياء الراقية، وكأن الحب والهشاشة لا يلتقيان.
يتسلل «فلانتان» إلى الأحياء الشعبية ويحجز لنفسه موعدا، رغم أن العيد عند البسطاء لا يكتمل إلا بارتداء ملابس جديدة وجمع المساعدات النقدية والعينية من الجيران والوقوف في طابور مصور يؤرخ لطفل بهندام استثنائي.
لا تقف الحواجز في وجه هذا العيد، فلا يطالب الحقوقيون بإسقاطه من أجندة الأيام الوطنية، حتى الذين يفتون بتحريمه يحتفلون به تحت جنح الظلام.
تسلل الحب إلى ملاعب الكرة وفيها ظهرت أعراض الحب على كثير من المدربين الأجانب الذين وطأت أقدامهم وقلوبهم أرض المغرب، قبل أن يعترفوا بفشل خططهم في صد غارات الحب.
سقط كثير من المدربين الأجانب في شراك مغربيات، فمنحوا إجازة للاعبين لينعموا بهذا العيد، واعتبروا الرابع عشر من فبراير من كل سنة يوما للقلب والوجدان.
سقط خوصي فاريا، مدرب المنتخب الوطني السابق، في حب فتاة سوسية تدعى السعدية، فتزوجها وجعل المغرب مستقره النهائي، وتعلق المدرب جورفان فييرا بحسناء مغربية فوق السحاب ونسج مع مضيفة طيران تدعى خديجة، قصة حب لازالت مطارات العالم شاهدة عليها.
وحين ارتبط المدرب الفرنسي لوران كوجير بأولمبيك آسفي لكرة القدم، عشق السردين والطين ومريم العبدية، وأمام سلطة الحب ألغى كل البنود الجزائية. ليس هو المدرب الوحيد الذي يمنى بهزيمة وجدانية، فقد عجز سابقه ألان غيغر عن الصمود أمام عيون نعيمة التي بعثرت كل خططه.
تعلق قلب الإسباني سيرخيو لوبيرا مدرب المغرب التطواني، بفتاة تدعى هدى، وعاشا قصة حب ما زالت حيطان ملعب سانية الرمل شاهدة عليها، وحين انتقل إلى الهند لاستكمال مشوار التدريب، قررا تصوير باقي المشاهد في عاصمة الأفلام الرومانسية.
يضيق المجال للحديث عن مدربين ولاعبين أجانب وقعوا عقودا لتدريب فرق ومنتخبات، وعادوا إلى بلدانهم يتأبطون عقود زواج، لا يدرون ما إذا كان الحب خدعة كالكرة، لكن هناك آخرون نجوا بأعجوبة من شراك مغربيات وعادوا إلى قواعدهم سالمين.
بعض اللاعبين يحملون منسوبا عاليا من الحب يبكون للهزائم فيجافيهم النوم، ويفرحون للانتصارات كأطفال في يوم العيد. أغلبهم ولدوا في عيد الحب ويحتفلون بأعياد ميلادهم يوم «فلانتان»، تضم اللائحة زين الدين زيدان ودي ماريا ولوكاس هيرنانديز وكافاني وسانيا وأسماء عديدة يتقاسم معها العشاق لحظات عيدهم العالمي.
وفي المغرب يفتخر كثير من نجوم الكرة المغربية بصدفة ميلاد في عيد الحب، في غفلة من العشاق، حارسا الوداد والرجاء فكروش والشاذلي والمدرب شكليط والعميد اللويسي ولاعب الوداد الجعدي وكثير من اللاعبين والمدربين الذين تألقوا في ملاعب الحب والكرة.
لا تعير عشيرة الكرة اهتماما لهذا العيد، لا تتوقف فيه الكرة عن الدوران لنسمع صوت خفقان القلوب، لا يبسط الحب هيمنته على الملاعب ولا يستطيع التصدي لنوايا الشر الراقدة في مربع العمليات.
إذا سقط الحب سهوا أو لهوا على ملاعبنا، سيلغي الحكام بطائقهم الصفراء والحمراء، وسينتهي العمل بضربات الجزاء والتسلل ويعفى «الفار» من مهامه، وسيستبدل عمداء الفرق شعارات الأندية بباقات ورود حمراء، وسيتبادل اللاعبون الأقمصة بمجرد نهاية المباريات، وستلغى جميع لوحات الإشهار في جنبات الملاعب لتفسح المجال لترويج أنواع الشوكولاتة.
في عيد الحب سيتقرر تشميع مقر غرفة المنازعات وتسريح أعضائها، وتحطيم الحدود الوهمية الفاصلة بين مدرجات الغريمين، وإعلان الرابع عشر من فبراير يوما بدون هزيمة.
لن تدخل هذه الملتمسات حيز التنفيذ، وسيصنف دعاتها في خانة المعتوهين الذين بهم مس من الجنون، لقد كان الحب في الماضي للحبيب الأول وأصبح مع مرور الوقت للجيب الأول.