شوف تشوف

الرئيسيةتقارير

كل ما تجب معرفته حول فيضانات إسبانيا

ارتفاع حصيلة الضحايا إلى 211 والبحث ما زال مستمرا

لا تزال إسبانيا تحاول التعافي مما شهدته من تساقط أمطار غزيرة في غضون ساعات فقط، تسبب في فيضانات حولت الشوارع إلى منحدرات هائجة، وجرفت السيارات والجسور وخلفت 211 قتيلا، وما زالت فرق الإنقاذ تبحث عن ضحايا آخرين تحاصرهم المياه والطين، أو محبوسين داخل السيارات التي شكلت أكواما في الشوارع.

مقالات ذات صلة

 

سهيلة التاور

شهدت إسبانيا أسوأ فيضانات منذ عقود، بعد أن هطلت أمطار على مدار عام في بعض مناطق جنوب وشرق البلاد في غضون ساعات، وبدأت عاصفة الثلاثاء الماضي، وأدت في نهاية المطاف إلى فيضانات عارمة.

ووفق التقارير، يعادل منسوب الأمطار التي هطلت خلال 8 ساعات، الثلاثاء الماضي، منسوب الأمطار التي تهطل على هذه البقعة من شبه جزيرة إيبيريا (التي تضم إسبانيا والبرتغال) في عام كامل، ما أدى إلى تدمير الطرق والسكك الحديدية والجسور وفيضان الأنهار.

 

فيضان «غير عادي»

قالت هيئة الأرصاد الجوية الوطنية الإسبانية إن منطقة «تشيفا» المتضررة بشدة شهدت هطول أمطار غزيرة، خلال ثماني ساعات، أكثر مما شهدته خلال العشرين شهرا السابقة، ووصفت الفيضان بأنه «غير عادي».

وعندما أرسلت السلطات تنبيهات إلى السكان عبر الهواتف المحمولة، محذرة من خطورة الظاهرة وطلبت منهم البقاء في المنازل، كان كثيرون بالفعل على الطريق، أو يعملون، أو تغمرهم المياه في المناطق المنخفضة أو المرائب؛ حيث استنكر العديد منهم التنبيهات المتأخرة، وفق «بوليتيكو».

وارتفعت حصيلة القتلى بسبب الفيضانات العارمة التي اجتاحت المناطق الجنوبية والشرقية من إسبانيا، إلى 211 شخصا في أسوأ فيضانات تشهدها البلاد منذ عقود.

وأكد فرناندو جراند مارلاسكا، وزير الداخلية الإسباني، أن العدد قد يرتفع في الساعات المقبلة، مع استمرار البحث في المناطق الأكثر تضررا.

وسجلت منطقة فالنسيا وحدها 208 وفيات، بالإضافة إلى 3 وفيات في منطقتي كاستيلا-لا مانشا والأندلس. كما تزايدت المخاوف من العثور على مزيد من الضحايا في السيارات التي جرفتها السيول، التي أدت إلى غمر العديد من البلدات.

 

تضامن غير محدود

بعد مرور 3 أيام على الكارثة، تلاشت الآمال في العثور على ناجين، حيث تضررت العديد من المناطق بشدة، وانهارت الجسور وغمر الوحل المدن، وتحولت مبان مثل مبنى المحكمة في فالنسيا إلى ثلاجات للجثث.

وسجلت الحكومة الإسبانية مشاهد يائسة في العديد من البلدات، حيث يفتقر السكان إلى الماء والغذاء والكهرباء، مما أدى إلى تفشي حالات النهب والسلب. وأعلنت الشرطة عن اعتقال 50 شخصا على خلفية حوادث تشمل السرقة.

وفي ظل هذه الكارثة، أبدى الآلاف من المتطوعين تضامنهم مع المتضررين، حيث توجه الكثير منهم للمساعدة في إزالة الطين، وتقديم الإمدادات الأساسية للمحتاجين. وعبّر بيدرو سانشيز، رئيس الوزراء الإسباني، عن تقديره «للتضامن غير المحدود» من المجتمع الإسباني في مواجهة هذه الكارثة.

وتتواصل جهود الحكومة الإسبانية في تعزيز التعاون بين السلطات الإقليمية والحكومة المركزية، لمواجهة الأزمة. كما أبدى البابا فرانسيس تضامنه مع الضحايا وعائلاتهم في إسبانيا، حيث تمثل هذه الكارثة واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية في البلاد.

وتشكلت العاصفة التي أدت إلى الفيضانات نتيجة تداخل الهواء البارد مع المياه الدافئة في البحر الأبيض المتوسط، وهو حدث يتكرر في هذا الوقت من العام. لكن العلماء يحذرون من أن تغير المناخ يزيد من شدة وطول وتكرار مثل هذه الأحداث الجوية المتطرفة.

 

جهود الإنقاذ

فتحت فرق الإنقاذ الإسبانية مشرحة مؤقتة في مركز للمؤتمرات، بينما تبذل جهودا حثيثة للوصول إلى المناطق المعزولة؛ ومع انقطاع الكهرباء عن نحو 75 ألف منزل، يسحب رجال الإطفاء البنزين من السيارات المتناثرة بسبب السيول، لتشغيل مولدات الكهرباء لإعادة التيار إلى المنطقة.

وكان آلاف المتطوعين يساعدون في إزالة طبقات الطين والحطام السميكة التي ما زالت تغطي المنازل والشوارع والطرق، في حين يواجهون انقطاعات في الكهرباء والمياه ونقصا في بعض السلع الأساسية.

وفي داخل بعض المركبات التي جرفتها المياه إلى أكوام أو اصطدمت بالمباني، كانت هناك جثث ما زالت تنتظر التعرف عليها؛ كما أشارت «أسوشيتد برس».

وتركزت العواصف فوق حوضي نهري ماجرو وتوريا، وفي مجرى نهر بويو، أنتجت جدرانا من المياه فاضت على ضفاف النهر، ما فاجأ الناس وهم يواصلون حياتهم اليومية، مع عودة العديد منهم إلى منازلهم من العمل، مساء الثلاثاء المنصرم.

وفي لمح البصر، غطت المياه الموحلة الطرق والسكك الحديدية ودخلت المنازل والشركات، في القرى الواقعة على المشارف الجنوبية لمدينة فالنسيا. واضطر السائقون إلى الاحتماء فوق أسطح السيارات، بينما حاول السكان الاحتماء في مناطق مرتفعة.

 

الماء التهم اليابسة

أظهرت صور أقمار اصطناعية أجزاء من الأرض في إسبانيا وكأنها أصبحت امتدادا للبحر، وذلك بعد الفيضانات المفاجئة وغير المسبوقة التي شهدتها مناطق جنوبي وشرقي البلاد، فيما ارتفع عدد القتلى، يوم الجمعة الماضي، إلى 205، بينما لا تزال فرق الإنقاذ تبحث عن مفقودين.

وكشفت الصور التي التقطت، الأربعاء الماضي، أجزاء من اليابسة وقد تحولت إلى ما يبدو أنه امتداد لبحر البليار في البحر المتوسط، حيث أصبحت المناطق الساحلية تشبه الجزر تقريبا.

وتمت مقارنة الصور الحديثة التي نشرتها وكالة الفضاء الأوروبية بأخرى التقطت في 8 أكتوبر المنصرم، حيث ظهر أن الممرات المائية التي كانت بالكاد ملحوظة سابقا، أصبحت الآن مغطاة باللون الأزرق بالكامل.

 

أسباب الفيضان

تناول مقال في صحيفة «لوموند» الفرنسية، للكاتبة ماغالي ريغيزا، الفيضانات في إسبانيا، بعنوان «فيضانات في إسبانيا، إذا استمر الاحتباس الحراري بهذا المعدل، فإن العديد من المناطق في حوض البحر الأبيض المتوسط ستصبح غير قابلة للسكن».

وتقول ريغيزا إن الفيضانات المميتة التي اجتاحت إسبانيا أخيرا، تُضاف إلى قائمة طويلة من الأحداث «المدمرة»، التي تعاني منها فرنسا وأوروبا منذ أكثر من 30 عاما، ما يستدعي النظر في مخاطر عدم اتخاذ الإجراءات بشأن التغير المناخي».

وتضيف الكاتبة أن «هذه الكارثة الجديدة» تأتي تزامنا مع تقرير جديد للأمم المتحدة، حول عدم كفاية السياسات المناخية، التي تدفع الكوكب نحو ارتفاع في درجات الحرارة، سيبلغ أكثر من ثلاث درجات مئوية بنهاية هذا القرن.

وتشير ريغيزا إلى أن ظاهرة الفيضانات المدمرة معروفة لدى القدماء منذ قرون، إلا أنها وحتى خلال القرن العشرين ما زالت تسبب الكوارث كل عام. تزداد تكاليف أضرارها بشكل متسارع، وما زال عدد ضحاياها مرتفعا، على الرغم من التقدم في العلوم والتكنولوجيا التي أدت إلى تحسين التنبؤات الجوية، وأنظمة التحذير، وتعزيز السدود.

وتبين الكاتبة أن هناك سببين لهذا «التناقض»، الأول يتمثل في ازدياد عدد الأشخاص المعرضين لهذه المخاطر بشكل مباشر، إذ دفع النمو السكاني إلى العيش في وديان الأنهار والسهول الساحلية.

أما السبب الآخر، فترى الكاتبة أنه تم التلاعب بالبيئة بشكل كبير، ما أثر على إمكانية امتصاص الأرض للمياه، وظروف جريان المياه السطحية، إذ جعلت الطرق المعبدة التربة غير قابلة للاختراق، وتمت تغطية المجاري الطبيعية، أو تحويلها إلى أنابيب خرسانية، وفي مناطق الزراعة استبدلت بالبساتين الصوبات الزراعية.

وتختتم الكاتبة مقالها بتحذيرات من تجاهل مخاطر تغييرات المناخ، التي يمكن أن تجعل «العديد من المناطق في حوض البحر الأبيض المتوسط غير قابلة للسكن».

 

سانشيز يطلب المساعدة

طلب بيدرو سانشيز، رئيس الوزراء الإسباني، دعم الاتحاد الأوروبي، لمساعدة إسبانيا على التعافي من «أخطر فيضانات شهدتها قارتنا حتى الآن هذا القرن».

وأوضح في مؤتمر صحفي بمدريد، أن الحكومة الإسبانية بدأت الإجراءات لطلب مساعدات من صندوق التضامن الأوروبي، والاستفادة من موارد الدعم المجتمعي الأخرى.

ومن المتوقع أن تصدر الحكومة الإسبانية قرارا بإعلان «حالة الطوارئ» ، مما سيسمح بسرعة بالحصول على المساعدات المالية، بعد أن أودت الفيضانات المدمرة بحياة 211 شخصا حتى الآن.

كما أكد سانشيز في بيان تلفزيوني في وقت سابق، أنه سيتم إرسال 5000 جندي إضافي من الجيش للمساعدة في عمليات البحث والتنظيف، بجانب 2500 جندي تم نشرهم بالفعل، و5000 ضابط شرطة.

وأقر بأن الجهود الحالية لمواجهة الكارثة لم تكن كافية، وأكد أن هذه الخطوة تمثل أكبر عملية انتشار عسكري وأمني في وقت السلم بتاريخ إسبانيا، وفقا لما نقلته مجلة «بوليتيكو»

الأوروبية.

وأوضح رئيس الوزراء أن فرق الإنقاذ نفذت حتى الآن 4,800 عملية إنقاذ، ووفرت الدعم لأكثر من 30,000 شخص في منازلهم، وعلى الطرق، وفي المناطق الصناعية التي تضررت بشكل واسع من الكارثة الطبيعية.

وفي سياق متصل، أعرب «سانشيز» عن تضامنه مع السلطات الإقليمية في فالنسيا، رغم الانتقادات التي وجهت للاستجابة المحلية ووصفها البعض بالبطيئة والمتأخرة. وأضاف: «أدرك أن هناك نقصا في الموارد وخدماتا انهارت تماما، وأن بعض البلديات غارقة في الطين، وأن هناك أسرا تبحث عن أحبائها بقلق. لكننا بحاجة إلى مواجهة هذه الأزمة بشكل موحد».

وتشير التقديرات إلى أن هذه المأساة تعد الأسوأ في أوروبا منذ عام 1967، عندما أودت الفيضانات بحياة 500 شخص في البرتغال.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى