كلها يلغي بلغاه
في الصباح أصدرت الحكومة بلاغًا تخبر فيه المغاربة بأنها قررت المرور إلى المرحلة الثالثة من تخفيف الحجر الصحي، ولتحريك عجلة الاقتصاد قررت السماح للمؤسسات السياحية باستعمال 100% من طاقتها الإيوائية، والسماح باستخدام 75% من الطاقة الاستيعابية للنقل العمومي بين المدن وداخلها، والترخيص للتجمعات والأنشطة التي يجتمع فيها أقل من 20 شخصا.
وفي المساء أطل رئيس الحكومة على المغاربة لكي يناشدهم عدم السفر خلال مناسبة عيد الأضحى.
وحسنا فعلت القنوات العمومية عندما قاطعت ندوة رئيس الحكومة لأنه لم يأت فيها بجديد خارج نصائحه المكررة حول ضرورة غسل اليدين وتجنب التباوس والتعانك.
عندما تعطي الفنادق الحق في استعمال كامل طاقتها الإيوائية فالناس لن ينبتوا في غرف هذه الفنادق مثل النباتات، بل يجب أن يسافروا لكي ينزلوا فيها.
وعندما تسمح لوسائل النقل العمومي باستعمال 75 بالمائة من طاقتها الاستيعابية بين المدن وداخلها فهذا يعني أن الذين سوف يستعملون هذه الوسائل مواطنون وليسوا كائنات غير منظورة، مما يعني التنقل والسفر داخل وبين المدن.
لذلك فلا داعي لكي تعقد ندوة صحافية في المساء لكي تناشد فيها الناس عدم الإقبال على ما سمحت لهم به في الصباح.
وربما يجهل السيد رئيس الحكومة أن المغرب تغير والمغاربة تغيروا أيضا، فإذا كان عيد الأضحى مناسبة لإقامة السنة وزيارة الأهل فإن هناك شرائح من المغاربة يقضون العيد في الفنادق التي تقترح عليهم عروضًا مغرية، تتضمن ذبح الخروف وتمكينهم من قطبان بولفاف مجبدين فوق الأرائك على ضفاف المسابح بعيدا عن روائح الدوارة وأدخنة الكرعين والرؤوس المشوطة فوق هياكل الأسرة في شوارع المدن.
لذلك فأصحاب الفنادق التي سمحت لها الحكومة باستغلال كل طاقتها الإيوائية يفركون أصابعهم بانتظار هؤلاء الزبائن الذين يناشدهم رئيس الحكومة المكوث في منازلهم خلال العيد.
وليس هؤلاء الزبائن وحدهم من سيأخذون الطريق نحو فنادق المدن خلال العيد بل ستنضاف إليهم شرائح أخرى من المواطنين، وهم البقالون والبناؤون وأصحاب المهن الحرة الذين يعدون بمئات الآلاف، والذين ينتظرون العيد الكبير لكي يأخذوا عطلتهم السنوية ويعودوا لمساقط رؤوسهم لكي يذبحوا الخروف ويقضوا شهرا كاملا مع أهلهم فلا يعودون إلى المدن التي يشتغلون فيها حتى يكملوا ذيالة الخروف.
قد يبدو الأمر مستغربا لكن هناك مغاربة ما زال العيد الكبير مناسبة لإشباع جوعهم للحم، فليس كل المغاربة يأكلون اللحم يوميا مثل البعض. ولذلك فالعيد الكبير ليس فقط مناسبة دينية بل إنه أيضا فرصة لحل مشكل غذائي.
ولذلك فمناشدة رئيس الحكومة كل هؤلاء الناس بالمكوث في حوانيتهم وأوراش بنائهم والغرف المشتركة التي يكترون وتمضية العيد الكبير بعيدا عن عائلاتهم يكشف جهلا مريعا بالواقع المغربي.
فمن يعيش في المغرب ويتعامل مع البقال والجزار والتجار والباعة في الأسواق يعرف أن أغلب هؤلاء الناس يختفون أسبوعا قبل العيد ولا يعودون للظهور إلا بعد شهر.
عندما يعقد رئيس حكومة ندوة صحافية فلكي يقدم للرأي العام أشياء ذات أهمية، لا أن يعيد تذكيرهم بالأشياء التي يعرفونها، من كون طنجة “خلعاتهم” وأن “الطاليان غلطو فالطيست، طلبو منهم تحاليل PCR صدقو راسلين ليهم تحاليل CPR، جاب الله ما رسلوش ليهم تحاليلINSA”.
“دابا هادو حكومة؟ حتى PCR مقاد ما قادرينش يطلبوه من الطاليان، حيت هوما كايتعاملو بالفرنساوية عند بالهم العالام كامل كايهضرالفرنساوية. الفرنسية را حدها فرنسا وبلجيكا وطرف من سويسرا، والباقي كلها يلغي بلغاه”.