شوف تشوف

الرأيالرئيسيةسياسية

كفكف دموعك وانسحب

حسن البصري

مقالات ذات صلة

 

قبل أن يكشف موتسيبي، رئيس الاتحاد الإفريقي لكرة القدم، عن فوز اللاعب النيجيري أديمولا لقمان بالكرة الذهبية، تغيرت ملامح إنفانتينو، رئيس «الفيفا»، وهو يسترق النظر إلى الورقة التي تحمل اسم لقمان، ومن خلال تقاسيم وجهه تبين أن «القضية فيها إن».

حين أعلن عن فوز لقمان ونجاحه في الامتحان، تحولت مقاعد قصر المؤتمرات إلى ما يشبه مدرجات ملعب لكرة القدم، صفير وعبارات استهجان وانسحاب من القاعة التي كانت تحتضن حفل «الكاف».

جثمت غيمة قلق على الحفل، وبدا وكأن الجمهور غاضب من حكم خرج عن جادة الصواب، وأصدر قرارا بإبقاء الكرة الذهبية في نيجيريا.

من هول الصدمة، دفن اللاعب المغربي أشرف حكيمي وجهه بين كفي يديه، وشرع في تلقي عبارات المواساة وكأنه أهدر ضربة جزاء حاسمة.

حين انتهى الحفل، شوهد لقمان وهو يردد أغنية بعنوان «وحدي في القمة»، وهو يضحك وزملاؤه يتراقصون حوله ويقومون بتصويره، وحين عانقه صحافي نيجيري قال جهرا: «من كان يصدق». فيما ساد صمت رهيب خارج بوابة قصر المؤتمرات.

في حفل العشاء، سجل المطعم غيابات وازنة، وأمام الصمت الجاثم على الأنفاس، قال نادل بلكنة مراكشية ساخرة: «إيوا هذا راه عزا ماشي فرح».

فرح النيجيريون بالكرة الذهبية ورقصوا حولها، وتقاسم معهم الجزائريون الفرحة عن بعد، بعد أن قاطع رئيس اتحاديتهم الحفل، بناء على تعليمات قيل إنها «من فوق»، والحال أنها «من تحت».

اليوم سقطت كل ادعاءات الجيران، حين قال إعلامهم إن أمر الجائزة محسوم لعميد المنتخب المغربي، وإن لقجع يتحكم في خيوط الكونفدرالية الإفريقية.

لقد فهموا أن «الكاف» تحت سيطرة «موتسيبي» الجنوب إفريقي، وأن الكرة الذهبية لن تدخل بيت مدافع حتى ولو تحول إلى هداف، وأنه في مراكش يمكن للقمان أن ينجح في الامتحان كما سبقه أوسيمان وقد يأتي بعدهما عثمان.

سقط أشرف أمام لقمان، وكان يمني النفس بكرة ذهبية محشوة برضا الوالدة التي رافقته، وبشهادة من رئيس باريس سان جيرمان، الذي تقاسم معه الرحلة ليعانق الجائزة. لكن لا تقل شئنا فإن الحظ شاء.

غادر أشرف حكيمي قاعة الحفل من الباب الخلفي. كان يسير بخطوات، يمسك بيد والدته ويحفه حرس خاص، يهش كل من حرك في دواخل عميد المنتخب بركة الغضب الراكدة. ركب السيارة السوداء، ثم اختفى عن الأنظار.

امتد الغضب الساطع إلى مقاعد المصريين، فصاحوا في وجه مسؤول مصري مرافق لموتسيبي وشظايا القلق تتطاير من أفواههم: «ذا كلام يا راجل.. زيزو مش لعيب». أبلغوا احتجاجهم لوزير الرياضة المصري ولرئيس اتحاد الكرة، واستغربوا لوجود مقر «الكاف» في القاهرة، دون أن يقطفوا ثمار جوائزه.

المرأة المغربية مسحت الدموع المتحجرة في عيون متابعي حفل «الكاف»، فتقاسمن الجوائز قبل أن يتم السطو عليها. صعدت سناء مسعودي منصة التتويج، ونالت جائزة أفضل لاعبة محلية في القارة، وتلتها زميلتها ضحى المدني كأفضل لاعبة واعدة في إفريقيا، وقالت انتظروني في حفلاتكم التنكرية.

حصلت الفتاة الحريزية لمياء بومهدي على جائزة أفضل مدربة للسيدات في إفريقيا، وهي تخوض تجربة تدريب استثنائية في الكونغو الديمقراطية، فاخترق صوت من عمق القاعة صمت المكان وصاح: «انتوما أولاد احريز تستاهلو ذهب ولويز».

وفي أول حضور للحكام في حفلات الكرة الذهبية، نالت المغربية بشرى كربوبي جائزة أفضل حكمة في إفريقيا، فانطلقت عاصفة من الزغاريد مصحوبة بالصلاة والسلام على النبي.

انتهى الحفل وراح كل إلى غايته وهو يراوغ هواجس القلق، معلنا الانسحاب من الميدان.

كفكف دموعك وانسحب يا أشرف.. فعيون «الكاف» أصبحت مستعمرة.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى