كريمة .. ترسم بقدميها ما عجزت عن رسمه أيادي الأصحاء
كريمة الجعادي، فنانة من نوع آخر، إن كانت لوحات الفنانين التي رسموها بأنامل يدهم قد أبهرت مشاهديها فلوحات كريمة أقرب إلى الخوارق التي لا يمكننا أن نقف أمامها إلا مذهولين، فبنت الـ 37 سنة لم تحرك يدها يوما لترسم لوحة ولا خطت بقلم كلمة أو سطرا، وأنى لها هذا وهي التي ولدت كما تحكي بإعاقة جسدية حرمتها خدمات اليدين فما كان من كريمة، وهي التي اختارت الاقامة بأصيلة مدينة الفنون، إلا أن تنخرط في ركب المحاربات للأمية في بلدتها قبل أن تلتحق بمدينة أصيلة.
تحكي كريمة التي اختارت أن تعرض لوحاتها على مدخل المدينة القديمة لأصيلة بالقرب من القمارية أو ما يعرف بالبرج البرتغالي، (تحكي) أنها فاجأت الجميع بأول لوحة رسمتها حتى ظن من يراها لأول مرة أنها من إنتاج أصابع يد دقيقة جدا لا من ريشة مسكها فك كريمة بدل كفها، فكريمة التي تعتبر من ذوي الاحتياجات الخاصة لم تركن لنقصان تعيشه ولم تحس بحزن على يدين لا تستطيع تحريكهما، بل تعتبر أنها حكمة الله الذي عوضها عن يدين. فهي ترسم بأصابع قدمها فتعلو اللوحة البيضاء التي في الغالب ما تكون قطعة خشب، تحولها كريمة برجليها إلى لوحة فنية لا تقدر بثمن. رغم أن هذا الأخير قد يرتفع وقد يقل لتستعين به على عوائد الدهر منذ أن اختارت العيش لوحدها بعد وفاة والدتها.
كريمة قالت إنها لم تتلق أي تكوين في مجال الرسم أو الفن التشكيلي، ولا أي دعم من وزارتي الثقافة والأسرة والتضامن، مشتكية من تقصير وتهميش تعانيه، تختار كريمة مع ذلك الرسم بألوان فاتحة لتعبر عن حالة رضى وغبطة تعتريها كلما مسكت بأصابع قدمها ريشة لتنغمس في عالم لا تكاد تخرج منه إلا وهي تكمل لوحتها.