شوف تشوف

الافتتاحية

كارثة على الأبواب

لا تزال عمليات الشد والجذب واستعراض العضلات متواصلة، في غياب حوار مباشر بين وزارة التربية الوطنية وأساتذة التعاقد للوصول إلى حل ينهي أزمة هذا القطاع، ويخفف من مخاوف كبيرة من تضرر مصالح التلاميذ والانتهاء بهم في مأزق سنة بيضاء تهدد ثلاثة ملايين تلميذ من بينهم مليون يدرسون بالعالم القروي. فالتلاميذ الذين كانوا يعانون من إشكالية الساعات الجوفاء أصبحوا اليوم يعانون إشكالية سنة جوفاء إذا استمر خطاب لي الذراع، فالمعيار العالمي يؤكد أن شهرين من الإضراب متفرقة يساويان سنة بيضاء ونحن تجاوزنا شهرا متتاليا من الإضرابات.
ليس الوقت مناسبا لإداء الحسرة على ضياع أكثر من 5 ملايين ساعة من زمن التدريس وهدر مئات الملايين من المال العام دون طائل، فناقوس الخطر دق أجراسه مؤكدا بلوغ الخطوط الحمراء للسنة الدراسية بعدما أصبح شبح السنة البيضاء حقيقة، فالوقت لم يعد في صالح الجميع من أجل تدارك الدروس الضائعة قبل السقوط في مطب استحالة هذه المهمة، لتلقي هذه النتائج بظلالها على الموسم الدراسي المقبل بكل ثقلها وتجعل منه موسما استثنائيا محفوفا بالمخاطر.
والسؤال الذي يفرض نفسه اليوم، هل من وصفة سحرية لإنقاذ الموسم الدراسي من سنة جوفاء؟
لقد بات من الضروري أن تتحرك كل المؤسسات الدستورية والسياسية لتجنب وقوع الكارثة، فلا طائل من حكومة وبرلمان ونقابات وأحزاب تعجز عن إيجاد مخرج لملف الأساتذة المتعاقدين من عنق الزجاجة، ولسنا في حاجة لصرف الملايير على هاته المؤسسات الوسيطة والتمثيلية في حين تتحول إلى متفرج حينما تشتد الأزمة وتفشل في دور الوسيط حينما يتطلب السياق تدخلها.
وبدون شك ليس أمامنا سوى ثلاثة خيارات بإمكانها إنقاذ ما يمكن إنقاذه، فإما أن تتخذ الحكومة قرارا شجاعا وتستجيب لمطالب المضربين، أو يتحمل الأساتذة العبء والعودة لأقسامهم في انتظار تحسين أوضاعهم بضمانات حقيقية لا رجعة فيها، أو أن يتم عقد اتفاق يحافظ على ماء وجه الجميع. لكن لا بد أن يجري ذلك خلال هذا الأسبوع الذي يجب أن يكون الأخير في زمن الأزمة. فالوضع الدراسي لم يعد يحتمل المزيد من الاستهتار لأن الفصل الدراسي الرابع قصير جدا والهدر المدرسي كبير ويحتاج إلى مجهودات مضاعفة لتدارك ما فات. غير ذلك سنكون بالتأكيد على أبواب كارثة حقيقية ستجني على مصير ثلاثة ملايين تلميذ ليس لهم من ذنب سوى أنهم ضحايا سياسات حكومية مرتجلة وضعتها حكومة غير مأسوف على ذهابها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى