شوف تشوف

الرأيالرئيسيةرياضة

كأس العرش

حسن البصري

اختلفت أسماء هذه المسابقة الرياضية من بلد لآخر، فهي تارة كأس الدولة وتارة كأس الرئيس وتارة كأس الأمير وتارة كأس الأمة أو كأس الملك والدولة..

لكن في المغرب هي كأس للعرش، بكل ما تحمله الكلمة من دلالات رمزية، وهي أيضا مسابقة تبرز قوة الالتحام بين العرش والشباب المهووس بالرياضة وكرة القدم على الخصوص.

جسدت هذه المنافسة المغزى الحقيقي للديمقراطية، حيث جمعت في تصفياتها فرق النخبة والفرق المستضعفة، وشكلت المعنى الحقيقي للتكافل الرياضي حين يقتسم الفريقان المتنافسان عائدات المباراة مناصفة.

لا تخلو هذه الكأس الغالية من مبادرات، نادرا ما تجد لها موقعا في مباريات البطولة الوطنية، ففي نهائي كأس العرش كان الملك يوشح صدور رموز الرياضة المغربية، وكان اللاعبون يستغلون الفرصة لتجديد ولائهم لملك البلاد.

أذكر جلسة جمعتني بالمدرب عبد القادر الخميري، وكنت حينها في بداية مساري الصحفي، حدثني عن كأس العرش ورمزيتها وشغف الملوك بها.

لم يكن عبد القادر مجرد مدرب لفريق شباب المحمدية تنتهي مهامه في رقعة الملعب بإشارة من الرئيس، بل هو من يطيل عمر الرؤساء أو يقيلهم، فقد ظل طيلة ارتباطه بفريق فضالة مسؤولا في جلباب مدرب، يساهم في تشغيل اللاعبين العاطلين، وينهي مجموعة من الاستعصاءات التي تواجه الفريق سواء في علاقته مع الجامعة أو مع الأندية المغربية أو الإدارات العمومية، وذلك بفضل الشبكة الواسعة من العلاقات مع أصحاب القرار محليا ومركزيا.

حدثني الخميري عن كواليس نهائي كأس العرش سنة 1979، حين كان فريق شباب المحمدية يستعد لخوض المباراة النهائية لكأس العرش أمام الوداد الرياضي.

ازداد قلق مدربي الوداد الرياضي وشباب المحمدية، بعد أن علموا بأن مركب محمد الخامس لن يكون جاهزا لاستقبال المباراة النهائية، وبالتالي نقل المباراة إلى الملعب الشرفي بسطات برغبة من إدريس البصري.

يروي لخميري الحكاية وهو يطلق من جوفه زفير الحسرة: «انتقل شباب المحمدية إلى مدينة إفران لإجراء تداريب مغلقة استعدادا للحدث الرياضي الكبير، كنت غير مرتاح لمكان المباراة، وصادف وجودنا في مدينة إفران تواجد الملك الحسن الثاني في نفس المدينة التي كان يقضي بها جزءا كبيرا من عطله الصيفية والشتوية، وهو ما ساهم في لقاء بالصدفة بيني وبين رئيس طباخي الملك الراحل، كانت بيننا صداقة قديمة فطلبت منه استعطاف الملك في شأن تغيير ملعب نهائي كأس العرش».

بفضل تدخل الطباخ توصل مقر إقامة الفريق الفضالي بمكالمة هاتفية من الملك شخصيا للمدرب الخميري نقل له فيها موافقته على إجراء المباراة في الدار البيضاء، وعلى الفور أعطى الحسن الثاني تعليماته لتسريع وتيرة الأشغال في «دونور».

تم صرف النظر عن ملعب سطات الذي قال عنه الخميري يوما: «إنه ملعب صغير يضع على رأسه قبعة» في إشارة لمنصته المغطاة الصغيرة.

عاد أفراد الفريق إلى مدينة المحمدية بعد أن ظفروا بقرار ملكي أنهى قلق الشباب والوداد على حد سواء، بل إن المباراة النهائية التي تابعها سبعون ألف متفرج كانت هي «البلاطو» الذي دشنت به جامعة الكرة المركب الرياضي بعد إصلاحه.

في ما بين شوطي تلك المباراة، كان الملك الحسن الثاني يتابع الوضع الأمني في الصحراء عبر هاتف وضع خصيصا أسفل المقصورة الملكية، وكانت معركة السمارة بين القوات المسلحة الملكية المغربية وفلول مرتزقة البوليساريو مدعومة من الجزائر وليبيا وكوبا والفيتنام، في مراحلها الحارقة.

انتهت المباراة بفوز الوداد، وحين غادر الجمهور الملعب، ظل الملك يتابع تطورات الوضع في السمارة، قبل أن يسأل مدير ديوانه عن سر توقف كأس الصحراء بين بطل الدوري والكأس. لم يجد مولاي حفيظ جوابا لأنه لم يكن يعرف اسم بطل المغرب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى