حسن البصري
لا يعلم جياني إنفانتينو أن المغرب كان من البلدان السباقة لاحتضان بطولة عالمية للأندية، دون أن تكون معتمدة من الاتحاد الدولي لكرة القدم.
لا يعلم رئيس “الفيفا” الحالي أن بلادنا نظمت نسخا أشبه بمونديال الأندية، قبل ولادته بثماني سنوات.
تمنيت لو أن رئيس الوداد هشام أيت منا، قد نبه المجتمع الكروي العالمي خلال حفل قرعة مونديال الأندية إلى أن المغرب استضاف كبريات الأندية العالمية خلال دوري محمد الخامس. لكنه سقط في اختبار التاريخ.
اهتم المغاربة بخصوم الوداد وهم يتابعون قرعة كأس العالم للأندية 2025، التي ستقام بنظامها الجديد في الولايات المتحدة الأمريكية، لعنوا الحظ العاثر الذي رمى بممثل الكرة المغربية في مجموعة نارية داخلها مفقود وخارجها مولود.
لعن محلل قناة عربية القرعة التي وضعت فريقين عربيين (الوداد والعين) في المجموعة السابعة إلى جانب مانشستر سيتي الإنجليزي، ويوفنتوس الإيطالي، وخلص إلى أن العين لا تعلو على الحاجب حتى في الملاعب.
حين كان المغرب يحتضن صيف كل سنة دوريا دوليا أشبه بمونديال الأندية، لم تكن “الفيفا” تعير اهتماما لما يحدث في المغرب.
فكرة تنظيم دوري سنوي يجمع خيرة الأندية العالمية، كان وراءها أحمد النتيفي الكاتب العام للجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، وقد استوحاها من متابعته لدوري “كرانزا” الذي كان يقام في مدينة كاديس الإسبانية في الستينيات.
في سنة 1960 تقدم النتيفي باقتراح رسمي لأعضاء الجامعة، وعرض على أعضائها فكرة تنظيم دوري له إشعاع عالمي، لكن وزارة الشباب والرياضة أعلنت “الفيتو”، لم يبتلع النتيفي الاعتراض الوزاري، لكن عند وفاة المغفور له محمد الخامس قرر عرض فكرة الدوري على المرحوم الحسن الثاني، تخليدا لذكرى والده، فوافق الملك على المشروع بل وقرر تغطية تكاليفه من ماله الخاص.
ضرب مسؤولو وزارة الرياضة كفا بكف، وهم ينصتون للحسن الثاني وهو يطلب من النتيفي وضع تصوره الأول للدوري الدولي، لكنهم ابتلعوا الغيظ وقرروا انتظار الداهية القادم من عمق المدينة القديمة للدار البيضاء، وكلفوا موظفا بتعقب هفوات التنظيم.
قالوا للملك: إن النتيفي لم يمارس كرة القدم لا كلاعب ولا كمدرب وإنه مجرد حكم في كرة الماء يقضي يومه في المسبح البلدي. فزاد الملك إصرارا على التمسك بفكرة دوري عالمي يخلد ذكرى والده محمد الخامس.
بفضل دوري كأس محمد الخامس، سيتحول المغرب إلى قبلة لأندية ذات صيت عالمي: ريال مدريد وبرشلونة وأتلتيكو مدريد وبوكاجينيور وبارتيزان بيلغراد وباييرن ميونيخ وفلامينغو وفلانسيا وسرقسطة وسانتيتيان وموناكو وستاندار دولييج وأنتر ميلان ودينامو كييف وبينارول وسيسكا صوفيا وريمس وكانون ياوندي واللائحة طويلة.
هذه القامات الكروية مكنت فرقنا المغربية من مقارعة “علماء” الكرة والاستئناس مبكرا بالفكر الاحترافي، اسألوا لاعبي الجيش الملكي والوداد الرياضي والمغرب الفاسي ورجاء بني ملال ونهضة سطات ومولودية وجدة، عن هذه التجربة الفريدة التي أطاح بها وزير الرياضة بدر الدين السنوسي لسبب بسيط، هو أن صاحب الفكرة رجل اسمه النتيفي نجح في البر والبحر وقاد فريق الراك إلى الوجاهة.
أذكر حين كنت طفلا أرابط بالقرب من الكنسية لأشاهد نجوم ريال مدريد وهم يحلون بهذا الفضاء الديني، دون أن يرافقهم شرطي، وحده موظف مرافق يغني عن الخفر والحراس.
أدى النتيفي ضريبة النجاح وتم التخطيط لانقلاب أطاح بالرجل الداهية، وحوله إلى أسير لفراش المرض إلى أن لفه غبار النسيان ومات دون أن تخصص من عمر البطولة الوطنية دقيقة صمت وفاء لروحه.
مات النتيفي وخصص له دوري حمل اسمه دون أن يحمل قيمته.