شوف تشوف

الرأيالرئيسيةرياضة

كأسكم يا عرب

حسن البصري

مرت عشر سنوات على إقامة كأس العرب، كان آخر لقب للمنتخب المغربي في هذا التجمع الكروي الذي احتضنته المملكة العربية السعودية. نسي المغاربة هذه المسابقة ولم يبق من ذكرياتها سوى تتويج منتخب محلي باللقب العربي تحت قيادة المدرب غيريتس، وحصول اللاعب المغربي الصالحي على جائزة أفضل لاعب، حيث عاد إلى المغرب بحقيبة مثقلة بجوائز الرعاة التي جناها من مبارياته وهي عبارة عن هواتف ذكية، ماتت اليوم بالتقادم.

التاريخ يعيد نفسه، في نفس المكان حيث توج منتخب المغرب بلقب بطولة كأس العرب لكرة القدم داخل القاعة في السعودية، بعد فوزه على المنتخب العراقي بثلاثية، في المباراة النهائية التي أقيمت أول أمس الثلاثاء داخل صالة الخضراء بمدينة الدمام.  كنت شاهدا في مدينة جدة على التتويج المغربي بكأس العرب 2012، ووقفت في مقصورة الصحافيين أردد مع زملائي «منبت الأحرار» قبل كل مباراة، واليوم لا أرى صحافيا في منصة الدمام يساند منتخبا جمع الألقاب الفردية والجماعية في سلة واحدة ثم عاد إلى المغرب مزهوا بالتتويج تحفه زغاريد الجالية المغربية والحجاج.

سيظل يوم الثلاثاء مشهودا في تاريخ الكرة المغربية، فقد فاز منتخبان الأول في الدمام والثاني في وهران، حين تمكن شبان المغرب من هزم نظرائهم الجزائريين في عقر دارهم بهدفين لصفر وردوا الصاع صاعين للمنظمين الذين احتجزوا الصحافيين المغاربة في المطار وأشهروا في وجوههم علامة ممنوع الدخول.

حين انهزم المنتخب العراقي تلقى منتخبنا سيلا من التهاني والتبريكات من أبناء الرافدين، وحين فاز المنتخب المغربي على نظيره الجزائري قال المتعاطون للصحافة في الجارة الشرقية، إن عمال الملعب اكتشفوا تعاويذ في مستودع ملابس منتخبنا وخلصوا إلى أن الفوز رجس من عمل الشيطان.

طالب صحافي جزائري في تدوينة ساخرة بتدخل الاتحاد الجزائري والمطالبة بإعادة المباراة. وتساءل آخر عن التشويش القادم من المغرب بسبب الظهور المكثف للشاب بلال في الإعلام المغربي قبل المواجهة الكروية بين البلدين برسم منافسات ألعاب البحر الأبيض المتوسط.

بين 2012 و2022، ظل طيف كأس العرب يتراقص أمام وزراء الرياضة العرب كلما اجتمعوا عن بعد أو عن قرب، وفي اجتماع طارئ للاتحاد العربي لكرة القدم قبل سنوات، تقرر إحياء عظام هذه الكأس ودار نقاش حول مكان إجراء دورة العرب، رفع مسؤول عربي رفيع «المحتوى»، سبابته وطالب بتنظيم التظاهرة في بيروت من أجل عيون هيفاء وهبي، وتحدث، نيابة عن مسؤول لبناني، عن الوضع المستقر في لبنان، وفي لحظة التصويت الحاسمة اتفق العرب على ألا يتفقوا، فغنت هيفاء «مش قادرة استنى».

إلى زمن قريب كان عقد قمة عربية سياسية أسهل من تنظيم دورة عربية لكرة القدم، فمجرد التفكير فيها والبحث عن أرض وموعد يرضي كل الأطراف يسبب بعض الأعراض الجانبية، كتقلب المزاج وفقدان شهية الانتصار، بسبب تمزق الغضروف في خريطة الوطن العربي.

في كل البطولات العربية احتجاج على التنظيم، أغلب المنتخبات والأندية تكتب بيانات الاستنكار بمجرد وصولها للمطار، في عز الشقاق والنفاق العربيين تنطلق البطولات العربية، ويظل مذيع إذاعة الملعب الرئيسي يصر على أن الكرة قادرة على علاج الأورام التي خلفتها السياسة، وحين تدور الكرة حول نفسها ويتلقى مستضيف الدورة هدفا ضد مجرى اللعب، يوجه المذيع لوما للتحكيم ويختزل أزمة العرب في ضعف حكام الشرط.

دارت معارك عربية عربية حول صاحب القول الحصري لمقولة «اتفق العرب على ألا يتفقوا»، يقول السعوديون إنه الملك فيصل وقال المصريون إنه الشيخ محمد عبده، وأصر التونسيون على أن مبتكرها هو ابن خلدون، وقال القذافي: «أنا صاحبها» فكرسوا من حيث لا يدرون مقولة الشتات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى