شوف تشوف

الافتتاحيةالرئيسيةسياسية

قمة بلا قيمة

انتهت القمة العربية بالجزائر، والنتيجة قمة بلا قيمة، وقمة لا لون ولا طعم ولا شكل لها، والأكيد أن هاته القمة ستبقى مجرد لحظة تاريخية للخجل، إذا ما تبقى من ماء الوجه لدى حكام الجزائر، فباستثناء رياضة المباهاة الاستعراضية مع الكثير من التعثرات البروتوكولية، فإن القمة الجزائرية كانت أقرب إلى جلسة عزاء على واقع عربي مر وبسبب انعدام القدرة على إبداع قرارات لحماية الوطن العربي من مزيد من التفرقة والخصومة والنزاعات البينية، رغم أن الجزائر أسمتها كاذبة قمة «لم الشمل»، وفي التسمية مؤشر على حجم التفرقة والشتات العربي، لكن النتيجة هي قمة لتفريق الشمل، وتلك حقيقة تعرفها الجزائر وعكسها غياب أقوى قادة العرب عنها.

وها هي القمة عقدت والنتيجة ماذا؟ إنها مزيد من تفريق الشمل، ومزيد من الغموض في المواقف حيث لا كلام يذكر عن دور الجزائر في المس بسيادة الدول ووحدتها، وحديث عن التغول الإيراني أو احترام حسن الجوار، وليس هناك أي توافق عربي بما يعزز من قدرة العرب على مواجهة التحديات والمخاطر الجيواستراتيجية التي تهددنا كأمة قبل أن تهددنا كدول. إذن، ليس من معنى لهذه قمة التي لن تتجاوز في أحسن الأحوال كونها رقما من الأرقام، فقد كان بالإمكان ألا تُعقد القمة العربية كما وقع في العامين الماضيين بسبب جائحة كورونا، ولا ضرر في ذلك، أفضل من عقد قمة بلا روح وبلا معنى، قمة حتى قبل أن تبدأ جعلت الرأي العام غير معني بها ولا يتوقع منها أي جدوى، وحتى رهان الجزائر على القمة لاستعادة مكانتها الدبلوماسية، العربية والإقليمية، وتصفية حساباتها مع المغرب، لم يتحقق لها، فخرجت من المولد بلا حمص كما يقول إخواننا المصريون.

لكن القناعة التي خرج بها قادة العرب الحاضرون بأن التوجه الدبلوماسي للجزائر واصطفافاتها الجيواستراتيجية باتت تتعارض جذريا مع المواقف العربية، إذ أن علاقتها المريبة مع إيران وحزب الله، وتدخلها السافر في القضية الليبية، واختطافها للقرار التونسي وموقفها المتذبذب في قضية سد النهضة الإثيوبي المضر بالمصالح المصرية، ومحاولة تقديم حكام الجزائر أنفسهم خداما في المحور الروسي -الصيني -الإيراني، كلها قضايا تجعل من نظام تبون ومن معه خارج الحسابات العربية.

الخلاصة ثمة من يتوقع الأسوأ في العلاقات العربية ما بعد قمة الجزائر، والأسوأ يمكن أن يحدث بين المغرب والجزائر. فالسياسة الخارجية الجزائرية لا يمكن توقع درجة تهورها ما دام أنها ترتكز، على ما يبدو، على اقتناع بامتلاك ما يكفي من الأوراق لحماية مصالحها وراء إيران وروسيا وحزب الله.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى