شوف تشوف

الرأيسياسية

قمة التوتر العالمي

 

مقالات ذات صلة

سميح صعب

 

اكتسبت قمة منظمة شنغهاي للتعاون، التي انعقدت بمدينة سمرقند الأوزبكية أهمية استثنائية هذه السنة، في وقت تتصاعد حدة المواجهة العالمية بين الغرب، من جهة، وروسيا والصين، من جهة أخرى، أي أن زمن الاستقطاب الدولي بلغ ذروة جديدة مع الحرب الروسية – الأوكرانية، ومع التوتر المتزايد في المحيطين الهادئ والهندي.

وفي خطوة تؤشر إلى الأهمية التي يوليها الرئيس الصيني شي جينبيغ للقمة، كان حضوره الشخصي لها. وهذه الرحلة الأولى له إلى الخارج منذ تفشي وباء كورونا عام 2020. وكان اللقاء الثنائي الذي عقده مع الرئيس الروسي بوتين على هامش القمة، هو الأول لهما منذ اندلاع الحرب. وإذا كانت الصين لم تؤيد علنا الهجوم الروسي على أوكرانيا، فإنها لم تنضم إلى العقوبات الغربية، وسط تحذيرات أمريكية متواصلة من إقدام بكين على تقديم أي مساعدة لموسكو، تمكنها من الالتفاف على العقوبات الغربية غير المسبوقة.

التحذيرات الأمريكية كان يمكن أن تلقى بعض الصدى في بكين، لولا زيارة رئيسة مجلس النواب الأمريكي نانسي بيلوسي إلى تايوان، وما تلاها من مناورات صينية هي الأوسع حول الجزيرة، فيما ردت الولايات المتحدة بإرسال سفن حربية لتعبر مضيق تايوان، في رسالة دعم لتايبيه.

وكأن التوتر الصيني – الأمريكي يدفع نحو تمتين العلاقات بين بكين وموسكو، على خلفية سعي الجانبين إلى عالم متعدد القطب، فيما تبذل أمريكا أقصى جهدها للدفاع عن الأحادية القطبية.

ومنظمة شنغهاي للتعاون منذ تأسست في يونيو 2001، كانت تعبيرا روسيا – صينيا عن الحاجة الروسية – الصينية إلى تكتل اقتصادي ينافس أمريكا، ويساعد بكين على وضع رؤيتها لمبادرة الحزام والطريق موضع التنفيذ. وربما من المفيد التذكير بأن دول المنظمة تمثل نحو 60 في المائة من مساحة أوراسيا، ويقطن فيها نحو 50 في المائة من سكان العالم، وتشكل أكثر من 20 في المائة من ناتجه الاقتصادي.

وفي عالم تمزقه الاستقطابات، من المتوقع أن يتعزز دور المنظمة، وأن توسع من عضويتها لتشمل دولا جديدة من تلك المناهضة للسياسة الأمريكية، كانت قد أبدت في السابق بعض التحفظات حيالها، سيما إيران التي تتمتع بصفة مراقب. وكانت طهران قد سعت إلى نيل العضوية الدائمة في المنظمة منذ أعوام، لكن ذلك قوبل بممانعة بعض أعضائها، على خلفية عدم الرغبة في ضم طرف يخضع لعقوبات أمريكية وغربية واسعة.

وعلى الضفة الأخرى، زادت قوة حلف شمال الأطلسي بعد الحرب الروسية – الأوكرانية، وباتت عقيدته العسكرية تطمح إلى دور في مواجهة «التحدي» الصيني.

بعض المراقبين الغربيين يرون أن التعددية القطبية باتت من المسلمات، ليس لأن أمريكا ضعيفة، بل لأن الآخرين يزدادون قوة، وخصوصا الصين وروسيا والهند. أي أن التطور الطبيعي للعالم يتجه نحو التعددية القطبية، قبل أن تشن روسيا حربها، أو أن تؤكد الصين نفوذها في المحيط الهادئ وخارجه وتصل إلى أمريكا اللاتينية، الحديقة الخلفية للولايات المتحدة.

هذا التنافس العالمي الذي ثبت بما لا يدع أدنى شك، أنه يقود إلى نزاعات وحروب، حمل البابا فرنسيس من على منبر مؤتمر الأديان السابع في كازاخستان، إلى إطلاق صرخة تدعو إلى استعادة ما وصفها بـ«روح هلسنكي»، في إشارة إلى اتفاقات 1975 التي كرست الهدنة بين الغربيين والسوفيات.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى