فاس: لحسن والنيعام
فجر فاعل جمعوي بمدينة فاس معطيات صادمة حول ملف “مافيا عقار” في وجه عبد الإله بنكيران، الرئيس السابق للحكومة، أثناء حضوره لمناصرة عبد العالي حامي الدين المتهم بالمساهمة في قتل الطالب اليساري أيت الجيد عن سبق إصرار وترصد. وقال محمد خميسي، رئيس جمعية “ما تقيسش أرضي”، وهو يستقبل بنكيران، أمام محكمة الاستئناف بفاس، زوال يوم أول أمس الثلاثاء، وسط عدد كبير من المتتبعين، موجها كلامه لرئيس الحكومة السابق، إنه سبق له أن سلم وثائق ملف حول تجاوزات عقارية بمنطقة زواغة، على هامش ترؤسه لتجمعات خطابية لمناصرة مرشح الحزب في الانتخابات الجزئية التي جرت في دائرة الموت بإقليم مولاي يعقوب. ووعد رئيس الحكومة بفتح تحقيق في هذه القضية، لكن جمعية “ما تقيسش أرضي” تفاجأت، يوم الاثنين الماضي، بصدور حكم قضائي ابتدائي يبرئ حوالي 17 متابعا في هذه القضية. وأصيب رئيس الحكومة السابق بالصدمة وهو يواجه غضب هذا الفاعل الجمعوي الذي تساءل باستنكار عن مصداقية الوعود التي ظل حزب “البيجيدي” يرفعها، وكان زعيمه السابق يرددها في كل التجمعات، وهو يعد بمواجهة ما كان يسميه بـ”التماسيح والعفاريت”.
وتفجرت قضية الترامي على أملاك الغير في مقاطعة زواغة منذ سنوات، وشهدت تحولا كبيرا بعدما توفي مهاجر مغربي مقيم بالخارج بسكتة قلبية في سنة 2012، وهو يكتشف بأن قطعة أرضية اقتناها قد تحولت، في غفلة منه، إلى عمارة سكنية شققها موجهة للبيع. وتحدثت معطيات لعائلة المتوفى حينها على أن الأمر يتعلق بتزوير للوثائق والنصب والاحتيال بغرض الترامي على ملك الغير. وقررت جمعية “ما تقيسش أرضي” إلى تحويل القضية إلى المحكمة، ووضعت وثائق الملف رهن إشارة رئيس الحكومة للمطالبة بفتح تحقيق شامل حول شبكات تتهمها بالترامي على أملاك الغير. وتبنى حزب “البيجيدي”، في زمن معارضة العمدة الاستقلالي السابق، حميد شباط، أن ملف “مافيا العقار” بمنطقة زواغة، وأعد حسن بومشيطة، نائب برلماني سابق وأحد نواب العمدة الأزمي، تقريرا سماه بـ”السيبة العمرانية”. وظل حزب “المصباح” يتزعم وقفات احتجاجية للضحايا للمطالبة بفتح تحقيق في الترامي على أراضي الغير في المنطقة. ودعا لأكثر من مرة السلطات المحلية إلى منع البناء في حي “المرجة” بالمنطقة، باعتبار أن فرشتها المائية القريبة من السطح وتربتها غير المناسبة للبناء تشكل تهديدا للتعمير، وتحدث التقرير الذي يعود إصداره إلى سنة 2011 على أن الترامي يبلغ في بعض الأحيان درجة “التهديد الجسدي” من لدن “مافيا العقار”، ودعا بذلك وزارة الداخلية ووزارة العدل والسلطات المحلية، إلى فتح تحقيق في شأن هذا اللوبي الذي يعمد كذلك إلى استغلال اللفيف العدلي للقيام بتلاعبات في ملكية قطع أرضية. وأشار التقرير ذاته إلى المنطقة التي كانت في السابق عبارة عن أراضي فلاحية شاسعة، تحولت إلى أحياء سكنية بعضها غير مهيكل، تعاني من غياب التجهيزات الأساسية، وتشكو من انعدام المناطق الخضراء والمرافق الرياضية. وفي الانتخابات الجماعية قدم “البيجيدي” الرئيس الحالي لمجلس مقاطعة زواغة، عبد الواحد بوحرشة، في حملة الانتخابات، على أنه “المناضل الذي وقف في وجه لوبي العقار” بالمدينة، لكن بعد مرور سنوات على تولي المسؤولية، لم يباشر حزب “المصباح” الذي تولى رئاسة الحكومة، وبعدها تولى رئاسة المجلس الجماعي والمقاطعات التابعة بالمدينة، إجراءات لفتح تحقيق في هذه “السيبة العمرانية”، يقول الجمعويون الذين يترافعون دفاعا عن هذا الملف.