شوف تشوف

الرئيسيةبانوراما

قضية شعب القبايل.. ورقة تكشف حقيقة حكام الجزائر

تناقض صارخ بين دعم جمهورية وهمية وقمع شعب منذ 1947

سهيلة التاور
في الوقت الذي تدعم فيه الجزائر الجمهورية الوهمية للبوليساريو وتقحم نفسها في شؤون المملكة المغربية، تحاول التغطية على عجزها عن حل مشكلة منطقة القبايل التي تعيش على صفيح ساخن منذ 1947، حيث يحاول شعب القبايل إثبات هويته ولغته الأمازيغية. لكن الحكومة الجزائرية ترد في كل مرحلة بالعنف والتقتيل والترهيب. مما دفعه إلى الإصرار على النضال المستمر والرفع من سقف مطالبه إلى تشكيل حكومة مؤقتة تدافع عن حقوقه جعلت مقرها في فرنسا.

تبلغ مساحة منطقة القبايل 25 ألف كيلومتر مربع، تتحدث معظم ساكنتها الأمازيغية ويبلغ عدد سكانها أزيد من سبعة ملايين نسمة، تحدها من الجنوب والشرق والغرب الجمهورية الشعبية الديمقراطية الجزائرية فيما يحدها من جهة الشمال البحر الأبيض المتوسط، يسودها مناخ متوسطي، تتميز بوحدة تشكيلاتها التضاريسية الممتدة على طول سلسلة جبلية، من أهم مدن جمهورية القبايل ( العاصمة تيزي وزو وبجاية كعاصمة إقتصادية إضافة إلى مدن بومرداس وبرج بوعريريج وسطيف وجيجل …
وتحدثت العديد من المصادر التاريخية عن أصل ساكنة شعب القبايل بالجزائر حيث أرجعت جل المصادر شعب القبايل إلى قبيلة كتامة الأمازيغية ويُكنى قاطني هذه المنطقة ب “الزواويين” نسبة لقبيلة زواوة.

نضال على مر السنين
كانت منطقة القبايل التي تضم قرى ومدنا جبلية تقع شرق الجزائر العاصمة، في طليعة النضال من أجل الهوية واللغة الأمازيغية منذ ستينات القرن الماضي. وتم إنكار هذه الهوية لفترة طويلة لا بل قمعها من قبل الدولة الجزائرية التي قامت على الهوية العربية.
ففي العام 1963، بعد عام على الاستقلال، أسس النائب الأمازيغي وأحد قادة حرب الاستقلال حسين آيت أحمد، المتمرد على سلطة أحمد بن بلة وهواري بومدين، جبهة القوى الاشتراكية، التي دافعت عن الهوية الأمازيغية والديمقراطية. وشنّ تمرداً مسلحاً في منطقة القبايل، فقمعته السلطة بشدة واتهمت مقاتلي جبهة القوى الاشتراكية بـ “الانفصالية”.
وفي 1980، كان شكل منع محاضرة للشاعر الأمازيغي مولود معمري بداية “الربيع الأمازيغي”، وهو سلسلة من التظاهرات في منطقة القبايل والجزائر العاصمة للاعتراف بالأمازيغية “لغة وطنية”. اقتحمت قوات الأمن حرم جامعة تيزي وزو أهم مدن منطقة القبايل الكبرى، وأصيب العشرات من الطلاب.
واعتباراً من العام 1988 ومع الاعتراف بالتعددية السياسية، أظهرت السلطة بعض التسامح مع “الحركة الثقافية البربرية (الأمازيغية)” التي قادت الحركات الاحتجاجية، وفي العام التالي، أسس سعيد سعدي مع مناضلين من هذه الحركة التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية، وهو حزب علماني معارض.
وفي ربيع العام 1995، في خضم الحرب الأهلية، دعت الحركة البربرية إلى مقاطعة الدراسة. فاندلعت تظاهرات حاشدة وإضرابات عامة في منطقة القبايل “من أجل الثقافة الأمازيغية وضد الإرهاب”.
وفي 18 أبريل 2001، أصيب طالب في المرحلة الثانوية يبلغ من العمر 18 عاماً، ويدعى ماسينيسا قرماح، بجروح خطيرة جراء إطلاق النار عليه من سلاح كلاشينكوف في مقر الدرك الوطني في بني دوالة، وهي بلدة جبلية بالقرب من تيزي وزو، شرق الجزائر العاصمة. وكان قرماح أوقف بعد مشاجرة عادية بين الشباب والدرك. وتوفي بعد يومين، بالتزامن مع ذكرى “الربيع الأمازيغي” في 20 أبريل 1980، عندما قامت السلطات بقمع المظاهرات المؤيدة للأمازيغية، فاندلعت أعمال شغب أشعلت المنطقة. وانتشرت أعمال الشغب، التي غذاها السخط الاجتماعي، في كل منطقة القبايل ثم مناطق أخرى من الشرق، ولا سيما في الأوراس.
ونزل السكان إلى الشوارع للمطالبة بإغلاق مقرات الدرك الوطني في المنطقة. وتحولت المظاهرات إلى أعمال شغب، ثم مواجهات مع قوات الأمن التي أطلق عناصرها الرصاص الحي.
وأصبحت لجان القرى (العروش) في منطقة القبايل في مقدمة الحركة الاحتجاجية. فنجحت، من خلال خلق “تنسيقية”، في حشد مئات الآلاف في مسيرة في 21 ماي في تيزي وزو وفي 14 يونيو في الجزائر العاصمة.
ومنذ أعمال الشغب الدامية التي اندلعت في “الربيع الأسود” في أبريل 2001 في منطقة القبايل في شمال شرق الجزائر، تم تأسيس “الحركة من أجل الاستقلال الذاتي لمنطقة القبايل” “ماك” وشهد الأمازيغ تلبية بعض مطالبهم المتعلقة بالهوية، لكنهم يشاركون بقوة في الحراك الشعبي حتى لا تتكرر المأساة.وأعطت أعمال الشغب، التي أسفرت عن 126 قتيلاً وآلاف الجرحى، بُعداً سياسياً واجتماعياً لقضية الهوية الأمازيغية بجوهرها الثقافي منذ عام 1980.

مطالب الشعب الأمازيغي
تمّ تأسيس حركة استقلال منطقة القبايل، وهي عبارة عن تنظيم سياسي يسعى إلى المطالبة بالحكم الذاتي لمنطقة القبايل بالجزائر،من قبل المغني الشعبي فرحات مهني بعد أحداث “الربيع الأسود” عام 2001. وتصنف حركة استقلال منطقة القبايل نفسها على أنها المتحدثة باسم الأقلية القبايلية التي تعاني “التهميش” بسبب “مساعي” السلطات الجزائرية لاستيعاب الأقلية المعربة في صفوف الأمازيغ.
ووضعت السلطات الجزائرية قبل أشهر “حركة استقلال منطقة القبايل” الانفصالية على قائمة “المنظمات الإرهابية” في إجراء أمني جديد بعيد الإعلان عن تفكيك خلية “انفصالية” تتبع “حركة استقلال منطقة القبايل”. كما يعتبر نشاط “حركة استقلال منطقة القبايل” محظور تماما في الجزائر حيث تتهمها الحكومة بأنها “حركة انفصالية وعنصرية” ضد العرب خاصة وأن مسألة منطقة “القبايل” في الجزائر، هي قضية وحدة ولا تعرف الجزائر قضايا انفصال بل هناك تعدد عرقي وثقافي.
والمطلب الأساسي هو الإعتراف بالهوية واللغة الأمازيغية لكن الحكومة الجزائرية كانت ترد في كل مرحلة بالعنف والتقتيل والترهيب في حق الشعب القبايلي، لدرجة أن الحكومة الجزائرية في السبعينيات من القرن الماضي منعت التحدث باللغة الأمازيغية في الشوارع وكانت تقوم بسجن وتعذيب كل من ضبط مخالفا للتعليمات الصادرة بهذا الخصوص، سياسة التخويف والترهيب التي إنتهجتها الجزائر لم تزد الشعب القبايلي سوى إصرارا وعزيمة على الرفع من سقف مطالبه المشروعة المتمثلة في تقرير المصير.

حكومة قبائلية مؤقتة
إصرارا على تحقيق الحق في تقرير المصير، أعلنت “الحركة من أجل الاستقلال الذاتي لمنطقة القبايل” في الجزائر،سنة 2010،عن تشكيل “حكومة قبائلية مؤقتة” في باريس، وذلك لإنهاء “ظلم واحتقار وهيمنة” الحكومة الجزائرية.وتضم الحكومة القبايلية المؤقتة المعلنة تسعة “وزراء” بينهم امرأتان ويرأسها فرحات مهنيرئيس حركة استقلال منطقة القبايل التي تأسست في 2001.
وقال فرحات مهني في بيان بالمناسبة “انكروا وجودنا وتعدوا على كرامتنا ومارسوا التمييز ضدنا في كل المستويات”.وأضاف “منعنا من هويتنا ولغتنا وثقافتنا القبايلية وتمت سرقة ثرواتنا الطبيعية، نحن نحكم اليوم مثل المستعمرين بل كاجانب في الجزائر”.وتابع “نعلن اليوم تشكيل حكومتنا المؤقتة وذلك حتى لا يستمر تحملنا للظلم والاحتقار والهيمنة والترهيب والتمييز المتواصل منذ 1962” تاريخ استقلال الجزائر عن فرنسا.
وفي نهاية عام 2013 وبالتحديد في دجنبر، دعا فرحات مهني، رئيس الحركة من أجل استقلال منطقة القبايل بتدخل أوروبي بقيادة فرنسا من أجل حلّ الأزمة التي اندلعت في مدينة غرداية جنوب الجزائر بين بني ميزاب “أمازيغ” والشعانبة “عرب”، كما دعا زعيم الحركة دول الاتحاد الأوروبي إلى إلغاء الاتفاقيات الاقتصادية التي تمّ إبرامها مع الجزائر كإجراء عقابي لها،مما أثار غضب الجزائر.
وفي إطار مساعيها للاستقلال عن حكم جنرالات الجزائر التي تحكمها بمنطق الحديد والنار، أقدمت القبايل الجزائريةعلى صك عملتها المحلية. وتأتي خطوة صك العملة الخاصة في سياق الخطوات المتلاحقة التي يقوم بها مناضلوا المنطقة في سبيل تحقيق استقلال منطقتهم التي تعيش القمع و الحرمان.

زعيم الحكومة القبايلية
ولد فرحات مهني المدعو فرحات إيمازيغن، في 5 مارس 1951، وهو مغن وسياسي ومعارض جزائري، ينحدر من منطقة القبايل، ولد في «إيلولة أمالو» بدائرة «بوزغن» ولاية تيزي وزو عاصمة الأمازيغ. وهو مؤسس وأول رئيس الحركة من أجل استقلال منطقة القبايل. فمنذ 1 يونيو 2010، كان رئيسا لحكومة القبايل الانتقالية، حكومة شكلتها الحركة في المنفى بفرنسا. وفي 23 يوليو 2013، حاز مهني على جائزة گوسي للسلام من منظمة دولية مرموقة.
وتخرج مهني من جامعة الجزائر متخصصاً في العلوم السياسية، ودخل عالم الموسيقى عام 1973 بعد فوزه بالجائزة الأولى في مهرجان الموسيقى الحديثة بالجزائر. وبعد فترة قصيرة من فوزه بدأ عمله كمغني ثوري وناشط سياسي. واشتهر بانتقاده للحكومة الجزائري وللإسلاميين؛ كان هذا سبباً في اعتقاله 13 مرة، وسجنه لثلاث سنوات، وتعذيبه من قبل القوات الحكومية. بعد مذبحة الربيع الأسود التي قامت بها قوات الدرك الجزائري ومقتل الشاب القبايلي ماسينيسا قرماح أثناء احتجازه، أسس مهني الحركة من أجل استقلال منطقة القبايل، حركة سياسية تطالب بتأسيس حكومة ذاتية في بلاد القبايل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى