شوف تشوف

الرئيسيةتقاريرخاص

قضية الصحراء المغربية.. نحو معركة الأقلام بدل البنادق

كتاب وباحثون إسبان ينزلون إلى ساحة الترافع الأكاديمي

طفت على سطح العلاقات الدولية والخطابات السياسية والإعلامية؛ وحتى عند بعض الأوساط الأكاديمية والمجالات البحثية؛ مصطلحات ومفاهيم من قبيل «الطريق الثاني للدبلوماسية» أو «الدبلوماسية الموازية» و«القوة الناعمة»، والتي تشمل في المعنى العام عدة أنشطة وتدخلات ومهام لـ«دبلوماسية القرن الحادي والعشرين» ولـ«وزارة خارجية الشعوب» وذلك كله بهدف الإقناع والتأثير عبر «سلطة الحرف والكلمة»، بدلا من البنادق والرصاص.

وبالرغم من الاعتقاد السائد بقوة؛ لدى البعض؛ بأن الأمر يتعلق ربما بسلسلة من المفاهيم والنظريات الجديدة المبتدعة في السنوات الأخيرة، فإن البعض الآخر لا يتوانى في الدفاع بكون هذا النوع من الدبلوماسية هو الأصل لدى الإنسان، وأن قيم التقاسم والمشاركة ونهج أسلوب العلاقات العامة مرتبطان بالإنسان منذ الأزل، وما الحروب والصراعات واستعمال القوة والجند، سوى انزياح عن الأصل والقاعدة؛ وما كانت الأقوام يوما تعترك في ساحة الوغى دون أن يسبق ذلك الخطابات والرسائل.

كما أن «سلطة الكلمة» ليست وليدة الطفرة التكنولوجية التي حدثت في وسائل الإعلام والتواصل؛ بل بالعكس من ذلك تماما؛ نجد الكثير من المتون والكتابات أو الأقوال المأثورة التي مجدت القلم، وأسهبت في ذكر قوة الحرف وسلطته، وبينت أفضليته على السيف والبندقية، نعم كان هذا منذ غابر الأزمان، وكمثال على ذلك من العرب نجد أبو يزيد عتاب بن ورقاء؛ القائد العسكري زمن الأمويين خلال القرن السابع ميلادي، وأحد أمراء جيش المهلب بن أبي صفرة، حيث يقول:

شباة سنانه في الحرب أمضى

وأنفذ من شباة السمهري.

وهذا أبو تمام؛ الشاعر العباسي؛ نجده يشبه مداد القلم بتشبيهين متضادين، فهو بالنسبة إليه «لعاب الأفاعي» وفي الوقت نفسه «أريُ الجني»، مبينا أثر هذا المداد على الأعداء وكذا الأصدقاء، حيث قال:

لعاب الأفاعي القاتلات لعابه

وأري الجني اشتارته أيد عواسل.

وفي السياق نفسه ينسب إلى نابليون بونابارت قوله: «عماد القوة في الدنيا اثنان، السيف والقلم، أَما السيف فإلى حين، وأما القلم فإلى كل حين، السيف مع الأيام مكروه ومغلوب، وَالقلم مع الأيام غالب ومحبوب».

 

الجامعات خلايا للترافع الأكاديمي عن الصحراء المغربية

 

أصبح موضوع الترافع الأكاديمي والثقافي عن قضية الوحدة الترابية للمملكة المغربية يحتل مكانة مهمة لدى مختلف الفاعلين داخل الوطن وخارجه، وبالخصوص لدى الأوساط الأكاديمية والجامعية، وفي هذا الإطار احتضنت العديد من الجامعات المغربية لقاءات وأياما دراسية وفعاليات ثقافية، تهدف جميعها إلى نشر الوعي المعرفي المتين بعدالة قضية الوحدة الترابية للمغرب، وتكوين «جيش» من الباحثين وتأهيلهم وتزويدهم بالمعرفة الضرورية للترافع الأكاديمي الرصين.

ومن شأن الترافع الأكاديمي أن يساهم في التنامي المتزايد لفهم قضية الوحدة الترابية المغربية، وفي تشكيل جبهة ترافعية متينة، ستمكن مستقبلا الأوساط الأكاديمية الأجنبية ودوائر التأثير في القرار السياسي والرأي العام من مراجعة موقفها من هذا الصراع المفتعل، والتأكد من الادعاءات المغرضة لعصابة البوليساريو وداعميها، وتتحول إلى صف المساندة للمغرب ولحقه المشروع على أراضيه الجنوبية، كما تقر بذلك مختلف الوثائق والوقائع التاريخية.

وقد ساهم تنويع العمل الدبلوماسي المغربي خلال السنوات الأخيرة؛ وبالخصوص بعد تعزيز أدوار الدبلوماسية الثقافية والترافع الأكاديمي؛ في «اقتحام» وكسب الأوساط الأكاديمية والجامعية بمختلف دول العالم، وكمثال من هذه الأوساط الأكاديمية نجد العشرات من الكُتَّابِ والباحثين الإسبان، الذين عملوا على إصدار مؤلفات مشهود لها بالرصانة العلمية وبالبحث التاريخي حول الوحدة الترابية للمملكة، وبأحقية السيادة المغربية على أقاليمه الجنوبية.

 

مؤلفات إسبانية تنزع الحجاب عن الوجه الإرهابي والإجرامي للبوليساريو

 

هي مؤلفات يجمع أصحابها على أن ملف الصحراء المغربية يعود بالدرجة الأولى إلى نزاع مفتعل من طرف جبهة وهمية وجدت في بعض دول الجوار الحضن والرعاية، فانطلقت في ارتكاب جرائم ضد الإنسانية، وعمدت منذ عقود إلى احتجاز الأشخاص ونزع الأطفال من أسرهم وتشريد القبائل، مختبئة واء «البروباغندا»، لاستمالة الرأي العام والمنظمات الدولية والإقليمية الإنسانية، قصد الحصول على الدعم واستغلاله في الأخير لأغراض شخصية.

أكثر من ذلك، ذهب هؤلاء الكتاب والباحثون الإسبان؛ وأغلبهم عايش نزاع الصحراء عن قرب ومن مواقع مختلفة؛ إلى التأكيد على أن عصابة البوليساريو أضحت تشكل خطرا حقيقيا على المنطقة برمتها وعلى الأمن الدولي، وذلك بعدما انخرطت في أعمال وتنظيمات إرهابية وشبكات إجرامية بدول الساحل الإفريقي، باعتباره الأفق الوحيد المتاح أمامها، وذلك بعد العزلة الدولية التي ضربت عليها، وتنامي مختلف مؤشرات الاضطرابات والتفكك الداخلي التي تؤكد أن هذا الكيان الوهمي إلى زوال.

وإذا كان أغلب هؤلاء الكتاب الباحثين الإسبان قد جمعوا في مسارهم بين الخبرة الأكاديمية في قضايا النزاعات الدولية والإقليمية والقانون الدولي، وبين التحليل السياسي أو ممارسة التعليم الجامعي والنشاط الإعلامي، فإن البعض الآخر منهم اختار الأدب وجنس الرواية لفضح الممارسات اللاإنسانية لقيادة البوليساريو، ووثقت للجرائم التي يرتكبها هذا التنظيم الإرهابي المعادي لأبسط حقوق الإنسان، وهو يختبئ وراء شعارات زائفة وتقمص دور الضحية والمظلومية باسم كيان وهمي.

 

باحثون وكتاب إسبان يصوبون مدفعية أقلامهم نحو البوليساريو

 

مع بداية شهر أبريل من سنة 2010 أصدر «أليخاندرو غارسيا»، الكاتب الإسباني والأستاذ الجامعي بجامعة مورسيا، عن دار النشر «Catarata» مؤلفا بعنوان «تاريخ الصحراء وصراعها»، الذي اعتمد فيه على مجموعة من الوثائق التاريخية والتقارير المغمورة ليكشف عدة حقائق حول هذا النزاع المفتعل، والذي تعود جذوره إلى بداية التدخل العسكري الفرنسي والإسباني في المغرب عهد الحماية، موضحا أنه «دون تدخل من الجيش الفرنسي في يناير 1958، كان من المحتمل أن تعطى الصحراء إلى المغرب في ذلك الوقت».

وأصدر «شيما خيل»، الكاتب الإسباني والخبير في شؤون الصحراء، بتاريخ 27 أكتوبر 2011، كتابا عن دار النشر «Bubok»، وفي 216 صفحة تحت عنوان «بماذا تخفيه جبهة البوليساريو»، والذي قدم فيه الكاتب للقراء تصورا واضحا حول هذا النزاع، وذلك من خلال تقديم الدلائل الواضحة الملموسة والبراهين التاريخية التي توضح انتماء الصحراء إلى المغرب، وتقديم سكانها الولاء دوما لسلاطينه عبر التاريخ، ليوضح في الأخير أن مقاتلي البوليساريو ينشطون في مجال التهريب عبر الساحل وجنوب الصحراء، ويخدمون بذلك مصالح القاعدة بالمغرب الإسلامي.

«خوسي ماريا ليزونديا»، كاتب إسباني آخر، نفث ريق قلمه لفضح هذا التنظيم؛ وهو صاحب خماسية عن قضية الصحراء المغربية؛ نشر كتابا في 116 صفحة عن دار النشر «ALHULIA»، في فبراير 2012، استعار لعنوانه «شيئا» من تعبير الفيلسوف والأديب الفرنسي «فرانسوا ليوتار» حول السرديات، والمقصود هنا مؤلف «الصحراء كما السرديات الكبرى»، والذي أكد فيه بأن الصحراء لم تكن يوما فضاء جيوسياسيا خاصا، حيث أوضح؛ وبالوثائق؛ أن الصحراء كانت دائما جزءا من المغرب وترتبط به على جميع المستويات.

الصحافية والكاتبة الإسبانية «رييس مونفورتي» اختارت الرواية لرصد الظروف المعيشية المزرية ومعاناة المحتجزين بمخيمات تندوف، سيما النساء اللائي يقايضن بالسلع، واللواتي يبقى مصيرهن بيد «أسيادهن» داخل هذه المخيمات؛ حيث عملت في أكتوبر من سنة 2014 على إصدار رواية «قبل الرمال»، في 416 صفحة، عن دار النشر «Booket»، تشير في جانب منها إلى مسؤولية الجزائر في الوضع الذي يعانيه سكان مخيمات تندوف، مبرزة أن الهدف الوحيد للسلطات الجزائرية من استقبال السكان الصحراويين وتنظيم «البوليساريو» فوق ترابها، هو الإساءة للجار المغرب ليس إلا…

ودائما ضمن الدينامية التي يعرفها الترافع الأكاديمي عن الوحدة الترابية للمملكة، سيتجه مرة أخرى «شيما خيل»، الكاتب الإسباني والخبير في شؤون الصحراء، بداية سنة 2014، إلى إصدار كتاب عن دار النشر «bubok»، يحمل عنوان «البوليساريو.. جبهة ضد حقوق الإنسان والأمن الدولي»، يروم من خلاله الكاتب تنوير الرأي العام؛ وبالخصوص الإسباني؛ بحقيقة عصابة البوليساريو، وسياسة «البروباغاندا» التي تمارسها لإخفاء ممارساتها اللاإنسانية في مخيمات تندوف، كما سلط الضوء عبر هذا المؤلَف؛ المتكون من 260 صفحة؛ على الأنشطة المشكوكة لعصابة «البوليساريو» وتورط عدد من عناصرها في أعمال إرهابية بدول الساحل الإفريقي.

الكاتب الإسباني «فيسينتي سوريانو جيني» أصدر سنة 2015، عن دار النشر «AlSoGil»، كتابا في 251 صفحة يحمل عنوان «صرخة حرية من الرمال.. حالة محجوبة»، يعرض فيه بالخصوص ملابسات وظروف الاختطاف والاحتجاز القسري للشابة الصحراوية، محجوبة محمد حمدي داف، من قبل قيادة «البوليساريو» بمخيمات تندوف، قبل الإفراج عنها لاحقا بفضل التعبئة الدولية. والكتاب عبارة عن روبورتاج موسع حول هذه الأحداث، والدور الذي لعبته وسائل الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعي في قضية محجوبة، التي احتجزت رغما عنها لمدة تفوق أربعة أشهر.

وفي إطار الخماسية التي أفردها لتفنيد المزاعم والطروحات المغرضة التي تقدمها البوليساريو وداعموها، أصدر الكاتب والمحامي والصحافي الإسباني «خوسي ماريا ليزونديا»، وضمن سلسلة «دراسات صحراوية»، كتابا جديدا في 05 مارس 2018 عن دار النشر «ALHULIA» بعنوان «الصحراء، أفول الشمولية»، وهو الكتاب الذي بادرت المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير سنة 2021 إلى ترجمته وطبعه ونشره. وعمد الباحث؛ عبر 144 صفحة؛ إلى شرح الإطار الجيوستراتيجي والسياسي والثقافي الذي أفرز صراعا بني على أسطورة وهمية.

وعن دار النشر «Éditions Afrédit» صدر في أكتوبر 2021 لـ«ألفونس زوزيمي تامكمتا»، الباحث والخبير في قضايا النزاع والوساطة بجامعة ياوندي، مؤلف تحت عنوان «الصحراء المغربية: معالم نزاعاتية وآفاق سلمية»، في 378 صفحة، خصصها الباحث لمختلف الرهانات المحيطة بالصحراء المغربية وتأثيرها على تنمية القارة الإفريقية؛ والذي يؤكد فيه أن الصحراء المغربية موضع نزاع مقصود تم إذكاؤه من قبل الجوار المباشر، وانتهى بخلق كيان وهمي في تندوف (الجزائر)، دون أي مضمون أو خصائص قانونية.

الإعلامي والناشط السياسي الإسباني والكاتب «بيدرو إغناسيو ألتاميرانو»، الناطق الرسمي باسم المجموعة الدولية لدعم إعادة توحيد الصحراويين، أصدر في يوليوز من سنة 2022 عن دار النشر «Algorfa» كتابا في 296 صفحة بعنوان «الصحراء المغربية»، يحلل فيه بعمق واضح ما حدث تاريخيا في ملف الصحراء المغربية، بدءا باتفاقيات الجزيرة الخضراء، وإنهاء استعمار منطقة الريف وعموم الشمال، مرورا بالمفاوضات بين الملك محمد الخامس والجنرال فرانكو، ووصولا إلى إنشاء جبهة البوليساريو خلال أواخر السبعينيات من القرن الماضي.

وكان الناشط «بيدرو إغناسيو التاميرانو» قد وقع؛ باسم المؤسسة التي تحمل اسمه وتهتم بالثقافة والطفولة؛ يوم الاثنين 20 فبراير الماضي، على ميثاق تأسيس منتدى الحوار للصداقة الإسباني المغربي إلى جانب ثلاث مؤسسات أخرى، هي مؤسسة ماء العينين للتنمية والبحث العلمي، مؤسسة جذور لمغاربة العالم ومؤسسة القاسمي للتحليل السياسي والدراسات الاستراتيجية والمستقبلية، وذلك بعد أن تم التوقيع، في يناير 2023 بالعاصمة الرباط، على تشبيك الهيئات المغربية الخاصة بهذا المنتدى.

كما تجدر الإشارة إلى أن الكاتب والإعلامي «بيدرو إغناسيو ألتاميرانو» سبق أن أصدر عدة مؤلفات تهم مجالات اشتغاله واهتماماته، من بينها مؤلف حول دبلوماسية المجتمع المدني بعنوان «Diplomacia civil: El reto de la nueva sociedad».

 الغبزوري السكناوي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى