شوف تشوف

الرئيسيةسياسية

قضاة العدوي يحلون بالوكالة الوطنية للمياه والغابات 

افتحاص صفقات الشتائل وتنزيل استراتيجية «غابات المغرب» 

 

محمد اليوبي

أفادت مصادر عليمة «الأخبار» بأن قضاة من المجلس الأعلى للحسابات حلوا منذ أسبوع بالوكالة الوطنية للمياه والغابات، من أجل افتحاص تنزيل الاستراتيجية الوطنية للغابات، وكذلك صفقات التشجير التي أثارت جدلا كبيرا وصل قبة البرلمان.

وأكدت المصادر أن قضاة المجلس حجزوا مكتبا بمديرية تدبير المخاطر المناخية والبيئية، المسؤولة عن تدبير الحرائق الغابوية والتشجير، وطلبوا من المسؤولين تزويدهم بمجموعة من الملفات والوثائق المتعلقة بتنزيل استراتيجية «غابات المغرب 2020-2030»، وبصفقات التشجير التي أطلقتها الوكالة، وكذلك المعطيات المرتبطة بتدبير المشاتل الغابوية وإنتاج الشتائل المستعملة في عملية تشجير الغابات.

وكانت إدارة المياه والغابات، التي سميت منذ يناير 2022 بالوكالة الوطنية للمياه والغابات «ANEF»، أعلنت في سنة 2020 عن التحديات الرئيسية التي يواجهها قطاع الغابات، مثل الاستغلال المفرط، والضغط المتزايد على الموارد الطبيعية وتأثيرات التغيرات المناخية، وكذلك التقدير غير الكافي وغير الفعال للموارد الغابوية، مشيرة إلى أن عدم اتخاذ أي إجراءات سيعرض مشروع التنمية القروية بأكمله إلى الخطر بحلول عام 2050، من خلال تسريع تدهور الغطاء الغابوي، وفقدان القيمة المضافة وزيادة واردات الخشب، مما يزيد من هشاشة ساكنة المناطق الغابوية.

وفي هذا الإطار تم إطلاق استراتيجية التنمية الوطنية للغابات «غابات المغرب 2020-2030» المقدمة أمام الملك محمد السادس في 13 فبراير 2020، تستهدف حل هذه المشكلات، كما تهدف إلى إيجاد توازن بين الحفاظ والتنمية وجعل القطاع أكثر تنافسية واستدامة من خلال تدبير شامل ومولد للثروات، ومن خلال تضمين السكان المحليين في صميم تدبير الغابات، وتوفق هذه الاستراتيجية بشكل مناسب بين الضرورات الاجتماعية والاقتصادية والبيئية.

وفي أفق عام 2030، تتوقع الاستراتيجية غرس 600 ألف هكتار من الأشجار بمتوسط قدره 60 ألف هكتار سنويًا، وتهدف إلى استعادة 133 ألف هكتار من الغطاء الغابوي، مع زيادة المساحة المزمع غرسها إلى 50 ألف هكتار، والتوجه نحو 100 ألف هكتار في نهاية المطاف. وأكدت مصادر من الوكالة أنه بعد ثلاث سنوات من إطلاق هذه الاستراتيجية، باتت المساحة المغروسة بعيدة عن تحقيق الأهداف التي حددتها الوكالة بين عامي 2020 و2023، حيث لم تصل سوى 38 بالمئة من الهدف، مما يمثل 75 ألف هكتار فقط. وتبرر الوكالة هذا الفشل بعجز المقاولات عن الوفاء بالتزاماتها التعاقدية في فسخ صفقات تهم 15.152 هكتار (%14)، وتعرض الساكنة على إنجاز عمليات التشجير ما أدى إلى تعطيل العمل بحوالي 6193 هكتارا (%6) فيما باقي المساحة غير المنجزة همت طلبات عروض لم تسفر عن اختيار أي متنافس.

لكن المقاولات الغابوية تحدثت، في عدة شكايات موجهة إلى مسؤولين حكوميين، عن وجود اختلالات شابت صفقات التشجير، وطالبت بفتح تحقيق حول حصول مقاولة في ملكية عضو بالمجلس الإداري للوكالة على جل الصفقات التي تطلقها المديريات الجهوية للوكالة. وأكدت المقاولات أن موضوع صفقات إنتاج الشتائل الغابوية يستوجب تدخلا عاجلا عبر لجان افتحاص متخصصة، وكشفت أن هذه الصفقات أصبحت وسيلة اغتناء فاحش للمقاول المذكور ومعاونيه. وأفادت الشكايات بأن الوكالة الوطنية للمياه والغابات ترصد سنويا الملايير لإنتاج الشتائل الغابوية، حيث تم النفخ في ثمنها الذي انتقل من 80 سنتيما إلى أكثر من ثلاثة دراهم للشجيرة الواحدة، وهذا ما يبين التلاعب بالمال العام.

وتوصلت «الأخبار» بوثائق وصور تكشف تبديد الأموال العمومية في صفقات الأغراس الغابوية دون استعمالها، وتبقى عرضة للضياع، وتشير هذه المعطيات إلى أن الوكالة تطلق صفقات لتوريد ملايين الأغراس سنويا دون وجود الحفر لغرسها، حيث يتم إطلاق صفقات توريد الأغراس دون إطلاق الصفقات الخاصة بأشغال الحفر لغرس هذه الشتائل، حيث لا يتم غرس سوى 30 في المئة من الأغراس، فيما تبقى النسبة الأخرى عرضة للضياع والإتلاف. وفي هذا الصدد، تطالب المقاولات الغابوية بتشكيل لجنة للتحقيق لإحصاء الشتائل المغروسة ومقارنتها بالأعداد التي تم أداء مبالغ شرائها من خلال الصفقات التي أطلقتها الوكالة بجميع جهات المملكة.

ووصلت فضائح صفقات الوكالة الوطنية للمياه والغابات، التي فجرتها جريدة «الأخبار»، إلى قبة البرلمان، حيث طالبت فرق المعارضة بمجلس النواب، المجلس الأعلى للحسابات والمفتشية العامة لوزارة المالية، بإجراء افتحاص لهذه الصفقات التي تكلف الملايير سنويا. وفي هذا الصدد، طالب الفريق الاشتراكي، من خلال سؤال كتابي وجهه البرلماني سعيد بعزيز إلى وزيرة الاقتصاد والمالية، نادية فتاح، بإدراج الصفقات المعلن عنها من طرف الوكالة الوطنية للمياه والغابات من أجل إنتاج الشتائل وغرسها منذ 13 فبراير 2020 إلى اليوم، ضمن جذاذة المخاطر المتعلقة بالمشاريع الممولة من المال العام المبرمجة للافتحاص من طرف المفتشية العامة للمالية.

وأوضح بعزيز، في سؤاله، أنه منذ إعطاء الملك محمد السادس الانطلاقة لاستراتيجية «غابات المغرب 2020 – 2030»، إلى اليوم، لم تشهد الغابات أي تقدم ملموس، بل، الأكثر من ذلك، توالت الانتكاسات والانتقادات الموجهة إلى تدبير هذا القطاع، رغم ما يصرف عليه من أموال عامة، وأشار إلى أن الوكالة الوطنية للمياه والغابات تخلت عن المشاتل التابعة لها، وانتقلت إلى الإعلان عن صفقات لإنتاج ما بين 40 إلى 50 مليون شتلة سنويا، وانتقل سعر الشتائل من 0,90 إلى 3,50 درهم، في وقت جعلت الوكالة المشاتل العمومية بتجهيزاتها ومياهها رهن إشارة ممون الشتائل (أي نائل الصفقة)، مع عدم ضبطها لعدد الشتائل المطلوبة، كأن تضع مثلا (إنتاج ما بين 1.260.000 و2.520.000 شتلة)، ويعهد بها إلى ممون غير معتمد في المجال، منهم أحد المحظوظين، الذي تم تنصيبه عضوا بالمجلس الإداري للوكالة بصفته ممثلا للمهنيين في غياب الهيئات المهنية.

وتحدث بعزيز عن وجود تلاعبات في هذه الصفقات، حيث يتم تغيير بنود كناش التحملات لجعلها على المقاس، حتى يستفيد منها ممونون محددون سلفا، وجعل الصفقة تمتد لثلاث سنوات، دون دراسة قبلية، بدل سنة واحدة فقط، وتجميع الأقاليم والعمالات في إنتاج الشتائل وأشغال الحفر المتعلقة بغرسها، وفي النهاية لا تجد هذه الشتائل طريقها إلى الغرس، بل ترمى وتتلف، إذ يسجل في العديد من المناطق إنتاج الشتائل دون القيام بأشغال الحفر والغرس، وهو ما يعني تعرضها للإتلاف والضياع.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى