قصص طريفة لتدرب المذيعين على تقديم نشرات التلفزة المغربية في بداياتها
يونس جنوحي
«التدريب الذي قضيته في الإذاعة الوطنية أتاح لي التعامل مع موظفين مغاربة كانوا متمكنين جدا من العمل الإذاعي بفضل اشتغال أغلبهم مع مسؤولين فرنسيين قبل الاستقلال. كما أن ثقافتهم كانت واسعة جدا. عندما علمتُ بخبر نقلي إلى ترتيب أخبار التلفزيون، والعمل على محتوى نشرات الأخبار الأولى التي قدمت في التلفزة المغربية، كنت أمام تحد جديد، إذ كان بعض العاملين في الإذاعة الوطنية يرون في العاملين الجدد في التلفزة مصدر تهديد لمستقبلهم.
كنت أجلس في مكتب متهالك جدا، وهو ما أصابني بالإحباط. والحقيقة أن بعض الزملاء في الإذاعة، حذروني قبل انتقالي إلى العمل في التلفزة بعد انتهاء تدريبي في الراديو، من الوضعية المزرية للمكان الذي خصص للتلفزة المغربية داخل مسرح محمد الخامس.
كنت أشتغل في مساحة لا تتجاوز مترا واحدا ونصف، على مكتب يتناوب عليه أزيد من ثلاثة موظفين آخرين اثنان منهما تعرفت عليهما سابقا في الإذاعة».
هذه الكواليس، على لسان محمد البيهي، تقني التوثيق الذي كان من أوائل الشباب المغاربة، خريجي المعاهد الفرنسية، ممن اشتغلوا في التلفزة المغربية خلال بداياتها قبل أن يقرر العودة إلى فرنسا ليبصم على مسار حافل في مجال شركات خدمات وترتيب الأرشيف والتواصل.
عجائبيات النشرات
يقول محمد البيهي في تصريح خص به «الأخبار»، بعد أن أصبح متقاعدا في فرنسا منذ سنة 2005: «لم أكن محظوظا لكي أحضر تفاصيل الإعداد لأول نشرة أخبار مغربية في مارس 1962، لكني سمعت عنها كثيرا. إذ أن بعض الزملاء كانوا يتحدثون عن الارتباك الواضح في وجه المخرج بالإضافة إلى حضور شخصيات وازنة إلى مقر التلفزة، الذي كان عبارة عن استوديو وحيد في مسرح محمد الخامس قبل أن يتم تعزيز إمكانيات بث نشرات الأخبار بفصل الاستوديو الخاص بها ونقله إلى الدار البيضاء في منطقة عين الشق، ليصبح بث نشرات الأخبار من هناك. كما أن بعض الأصدقاء، وأغلبهم الآن انتقلوا إلى دار البقاء، أكدوا لنا وقتها أن الوزير أحمد رضا اكديرة كان يتصل هاتفيا لكي يسأل عن موعد أول نشرة للأخبار سوف يبثها التلفزيون وكان يؤكد على المسؤولين وعلى رأسهم مدير التلفزة المغربية وقتها، أعتقد أنه كان سي عبد الله غرنيط، أن يكون الأستوديو مجهزا بطريقة تليق بحجم الحدث، كان يكرر على مسامعهم عبر التلفون أن جلالة الملك سوف يشاهد النشرة بنفسه ولا بد أن تكون في المستوى».
لم يتوقف محمد البيهي عند هذا الحد، بل تحدث عن كواليس أخرى عاشها بنفسه عندما كان مجرد موظف شاب استفاد من تدريب في التوثيق، في فرنسا وجاء إلى التلفزة المغربية لكي يُفاجأ بأن الأرشيف لا يوجد أصلا لكي يتم توثيقه أو استعماله في نشرات الأخبار. وهكذا، يقول ضاحكا، تم استعماله في كتابة بعض الأخبار التي يقرأها المذيع، بينما كان في أحيان أخرى يتولى ترجمة بعض الأخبار من اللغة الفرنسية لكي يقرأها المذيع، خصوصا عندما يتعلق الأمر بأخبار العلاقات الفرنسية المغربية.
ويضيف محمد البيهي: «أذكر أنه في الأشهر الأخيرة لي في التلفزة المغربية، قبل أن أغادرها سنة 1968، كان الزملاء يطالبون بفرصة للظهور بدورهم في التلفزة لكي يقدموا النشرات الإخبارية. لكن المشكل أن ساعات البث كانت قليلة جدا ولم تكن تتجاوز أربع ساعات يوميا فقط. لكن المسؤولين في التلفزة المغربية أرادوا أن يسايروا هؤلاء الشبان المتحمسين، والذين راسلوا الإدارة مرات كثيرة، فتقرر منح فرصة التدرب على تقديم نشرة الأخبار في استوديو عين الشق في الدار البيضاء، لاثنين منهم فقط.
لكن المضحك أن الشابين كانا في طريقهما إلى الأستوديو للتدرب على قراءة النشرة في المساء، وقاما باقتناء بذلة سوداء لكل واحد منهما، بتعليمات من الإدارة، لكن الجو في ذلك المساء كان ممطرا، واضطرا إلى النزول من حافلة النقل العمومي، والمشي على الأقدام في اتجاه الأستوديو، ووصلا في حالة لا تسمح أبدا بجلوسهما أمام الكاميرا للتدرب، وهو ما خلق جوا من السخرية في التلفزة وكانت قصتهما تثار دائما. حظهما كان عاثرا».
هذا لا يمنع من القول إن التلفزة المغربية كانت تضم عددا كبيرا من الكفاءات. ولم يكن الأمر منحصرا على المنافسة حول تقديم نشرات الأخبار، بل ظهرت فرصة جديدة في التلفزة المغربية أواسط الستينيات واستمرت إلى حدود نهاية السبعينيات، حيث كان يتم تنظيم سهرات خاصة في نهايات الأسبوع، ويتبارى المذيعون للتدرب على تقديم هذه السهرات على شاشة التلفزة. ومن جديد، كان هناك حضور وازن لقدماء الإذاعة الوطنية، بحكم أنهم كانوا متمكنين من التعامل مع الميكروفون كما أن مظهرهم كان جيدا، وهو ما منحهم الأفضلية، خصوصا وأن الطيب الصديقي، أحد مؤسسي أشهر الفرق المسرحية في المغرب، كان يشرف على تدريب واختيار من يقدم تلك الوصلات. بعض المصادر تقول إن اختيار الطيب الصديقي لهذا الغرض كان بأمر من الملك الراحل الحسن الثاني. إذ أن الملك عندما شاهد أوائل نشرات الأخبار على شاشة التلفزة، أمر بأن يتم تدريب المذيعين على الإلقاء وعلى الظهور أمام الكاميرا، ولم يكن في المغرب وقتها خبراء في التلفزيون، لكن الطيب الصديقي باعتباره رئيسا لواحدة من أشهر الفرق المسرحية في المغرب وأحد أوائل رواد المسرح المغربي، فقد تقرر أن يشرف بنفسه على تدريب أوائل الإعلاميين المغاربة على الإلقاء أمام شاشة التلفزة، حيث أشرف بنفسه على اختيار أفضل المقدمين للسهرات الخاصة التي حصدت اهتمام المغاربة، وقدمت إليهم أشهر المطربين من الجيل الأول لرواد الأغنية المغربية بعد الاستقلال.
هل يسمح لنا المنبر بقول بعض الحروف بلغة الفن وبلغة التاريخ كدالك شكرا نعم التلفزة المغربية كانت ساحرة كانت رائعة بين قوسين وليس خروجا عن الموضوع الفني كانت مسلسلات أجنبية ساحرة حلقات بموعدها ويسترن وبوليسية وتاريخية كدالك ولاتسأل عن لافلام المتنوعة والمسرحيات الاجتماعية والظاحكة كدالك فاالعيون التي كانت تسهر على تقديم الدي دكرت فنية تميز بين هده وتلك فاالشواهد وحدها لاتكفي ادا لم تكن الفصاحة وفن الكلام والقراءة ولما لا أنه التلفزيون وماأدراك .
قلنا هد ا من المحبة لتلفزيون المغربي أيام الزمان الجميل الرائع ولازالت الصور الفنية التي شاهدناها أمام أعيننا