شوف تشوف

الرأيالرئيسية

قصة يوسف في القرآن ومزاعم الكواكب الأحد عشر

هناك من المتحمسين للإعجاز العلمي في القرآن من يحاول التوفيق بين كشوفات السماء، وما جاء في محكم التنزيل.. ومن هذه المحاولات ما جاء في سورة «يوسف» عن أحد عشر كوكبا، وأن النظام الشمسي فيه الكواكب المذكورة. وفي الواقع فمعرفتنا عن النظام الشمسي أنه كان تسعة كواكب، ثم تم حذف الكوكب بلوتو من المجموعة، ونحن حاليا نعتمد نظام الكواكب الثمانية، فضلا عن الأحد عشر كوكبا الموجودة في سورة «يوسف». وهذا التفكير خاطئ وخطير وغير مجد، بل ولا يخدم الإيمان في استخدامه لإقناع الناس بالقرآن لقوم لن يؤمنوا بهذه الطريقة قط.

وأذكر جيدا مع مطلع عام 2006 م أن السماء كانت مشغولة بنبأ عظيم في الاستعداد لكشف آخر كوكب في المجموعة الشمسية، بإرسال مركبة الآفاق الجديدة (New Horizons)  إلى بلوتو، الذي يبعد عن الشمس بمسافة خمسة مليارات كلم، مقارنة بالأرض التي تبعد بـ150 مليون كلم عن الشمس، أي أبعد من الأرض عن الشمس بـ33.33 مرة، فيصل ضوء الشمس إلى الكوكب في 4,5 ساعات، مقارنة بالأرض التي يغمرها في ثماني دقائق وثلث الدقيقة. وتم إرسال المركبة على ظهر الصاروخ «أطلس» بسرعة أشد من طلقة الرصاصة بتسع مرات، ما تشكل أكبر سرعة قذف بها جسم فضائي حتى ذلك الوقت، ليصل إلى القمر في تسع ساعات (400 ألف كلم)، بدلا من ثلاثة أيام قطعها رواد أبولو في ما سبق، وبعد محاذاة المريخ وحزام الكويكيبات (Astroides)، ستأخذ المركبة دفعة من الكوكب الغازي المشتري (Jupiter)، فتصل بعد تجاوز زحل وأورانوس ونبتون إلى كوكب بلوتو على شكل مستقيم، وقد وصلت المركبة بتاريخ 13 يوليوز 2015. ومع أن المناخ يتبدل في بلوتو إلى الصيف أحيانا، ولكن درجة الحرارة فيه تهبط إلى 230 تحت الصفر. وفي هذه الرحلة السحيقة لن يمكن الاعتماد على الحجرات الضوئية، وزودت مركبة «الآفاق الجديدة» ببطارية نووية يشرف عليها روبوت بحجم بيانو موسيقي، وسوف تنام المركبة عبر الشتاء الكوني، وتستيقظ في السنة مرة واحدة، من أجل التأكد من صحة المسار، وقبل الوصول إلى بلوتو بأسبوعين سوف تنهض من السبات الشتوي؛ فترسل مسبارا يطوف بالكوكب يوما كاملا، قبل الرسو على ظهره.

إن عين العلماء حاليا متفتحة على شهية كبيرة لمعرفة تاريخ الكون الفعلي منذ الانفجار العظيم، قبل 13.7 مليار سنة، وكما حفظت العظام في شرق إفريقيا فانفتح سفر علم الأنثروبولوجيا وتاريخ الإنسان، كذلك كان الحال مع حفظ تاريخ الكون على ظهر بلوتو الصقيعي.

والسيد «آلان ستيرن Alan Stern»، رئيس البعثة العلمية، قال كما نقل عنه «أولاف ستامبف» إن هذه البعثة هي تتويج لكل الرحلات السابقة، وسوف نلمس حائط النظام الشمسي الآن، وفي رحلتنا عبر النظام الشمسي لن نقطع مسافة خمسة مليارات من الكيلومترات فحسب؛ بل العودة إلى الزمن القديم قبل أربعة مليارات سنة، فتاريخ الكون من الانفجار العظيم مجمد على ظهر بلوتو، كما في حشرات الكهرمان التي عاشت زمن الديناصورات وأوحت بفيلم «جوراسيك بارك».

إن اسم كوكب بلوتو جاء من عالم الرومان، وهو رمز إله العالم السفلي، وبدأت قصة اكتشافه الغريبة منذ منتصف القرن التاسع عشر، حيث تمت ملاحظة كوكب مجهول السير أدخل الاضطراب على فهم مسار نبتون وبلوتو، وفي عام 1931 م جاء شاب متقد الحماس هو «كلايد تومبو Clyde «Tombaugh ، ابن مزارع من ولاية إلينوى الأمريكية، بعمر 24 سنة، فتتبع مسار الكوكب المجهول (إكس)، في عمل وصل به حافة الإجهاد الأعظم، حيث كاد أن يهلك بسببه كما قال لاحقا، فقد صور في عمل حافل متواصل 90 مليون صورة للكوكب المجهول (إكس). وفي عام 1951م قام فلكي هولندي هو «جيرارد كويبر Gerard Kuiper» بكشف مثير عن غلاف أو جدار من الكويكبات يطوق بحذر نظامنا الشمسي، مثل الدرع من حجارة وصخور وكويكبات، ولم تكن تلسكوبات ذلك الوقت قادرة على الجزم بما قاله على شكل نظري، حتى تم التأكد من ذلك عام 1992م، حيث كشف عن جدار مثير يمثل حزاما حاميا لنظامنا الشمسي في ظهر بلوتو، أخذ اسم (عناصر حزام كويبرKuiper – Belt – Objects KBO =)   في المنطقة التي لا اسم لها، وما كشف عنه حتى الآن زاد على 800 عنصر تزداد باضطراد، أخذت أسماء مثل (أوركوس وسيدنا وكيوار(Quaoar,Sedna,Orcus ، ومما عرف عن بلوتو أن له ثلاثة أقمار وغلاف جوي رقيق.

يا ترى هل ما جاء في القرآن عن منام يوسف سوف يتحقق أنه رأى الشمس والقمر وأحد عشر كوكبا له ساجدين، ونحن نعرف من الكواكب في نظامنا الشمسي حتى الآن تسعة، هي (عطارد والزهرة والأرض والمريخ وحزام الكويكبات والمشتري وزحل وأورانوس ونبتون وبلوتو)، فهل سيضاف اثنان آخران إلى المجموعة، أم سيتم تبني نظام شمسي جديد، كما يفكر الفلكيون بهذا؟ لقد حصل العكس تماما فقد تم اكتشاف كوكب آخر من حزام الهولندي «كويبر»، في صيف عام 2005م، يبلغ قطره 2700 كلم، ما هو أكبر من كوكب بلوتو، بحيث فكروا جديا أن يلغوا اسم بلوتو من مجموعة الكواكب التسعة، واعتماد تقويم شمسي جديد يضع في الاعتبار المجموعة الهائلة من الحزام الكواكبي المطوق للنظام الشمسي. وأخيرا تم الإعلان عن وفاة كوكب بلوتو، فلم يأخذ اسم الكوكب التاسع.. وهناك من هو أكبر حجما وأجمل دورانا واستدارة عند حائط النظام الشمسي.

إن قصة يوسف تروي عن أحد عشر كوكبا والشمس والقمر، فهل سيتم ترسيم النظام الشمسي هكذا، أو أننا أمام قصة أشد إمعانا في المغامرة وإغراقا في الألغاز؟

خالص جلبي  

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى