قصة طريفة للمرة الأولى التي رأى فيها المغاربة قبعة عسكرية بريطانية
يونس جنوحي
قال لي أحد بائعي الدراجات الهوائية:
-«قبل الحرب اعتدنا على شراء دراجات كثيرة من اليابان بجُنيهين للدراجة الواحدة، لكن لا، لم تكن تلك الدراجات الهوائية جيدة وإن كانت تفي بالغرض وتوصلك إلى العمل، وثمنها كان يناسب جيوبنا، غير أن هذه الدراجات لم تظهر مجددا. الدراجات الهوائية الرخيصة، التي تصلنا اليوم، تأتي من ألمانيا!».
واحدة من الدراجات التي اكتريتها، لا بد وأنها تعود إلى زمن الحرب اليابانية. لقد وجدت أنها يمكن أن تسير بسهولة، باستثناء النزول في المنحدرات، إذ إن فراملها لا تعمل.
أدلى أحد الباعة بملاحظة:
-«إذا أرسلت لنا الدراجات الهوائية، تذكر أمرا واحدا. على هذه الدراجات ألا تكون مزودة بدواسات على شكل مصيدة، إذ إن بعض أبناء شعبنا يركبون الدراجات الهوائية حُفاة!».
__
بينما كان آلاف المغاربة يهاجرون إلى فرنسا والجزائر للعثور على عمل مُربح، كان أغلبهم يعودون إلى المغرب. بالنسبة لهم لا يوجد مكان مثل المغرب.
مدينة «هوليوود» لا تعمل وكيلا للتشغيل، والمغاربة، عموما، يرون طريقة الحياة الأمريكية كما تُعرض في الأفلام. يرونها حياة ممتعة، لكنهم لا يهتمون بعيشها بأنفسهم. لقد وجدت قلة فقط من الشباب الذين أثارتهم حياة «الغرب»!
يبدو أن أفراد حزب الاستقلال يفترضون تلقائيا أن كل الباشاوات والقياد مُرتشون. بعضهم فعلا كذلك، لكن في فاس، سمعتُ اتهامات بالارتشاء موجهة إلى السلطات الفرنسية أيضا. قد لا يكون هذا مستحيلا، لكني طلبتُ تفاصيل عن القضايا الفعلية.
بعد انقطاعي عن البت في الموضوع لعدة أيام، عدتُ إلى الاهتمام بهذه النقطة بالذات، لكن المعلومة الوحيدة، التي حصلتُ عليها، مفادها أن عسكريا فرنسيا برتبة قبطان تم سحبه في وقت قصير جدا من منصبه، وبدون أي تفسير للقرار. لذلك قيل إنه لا بد وأن يكون متورطا في قضية فساد.
استفسرتُ عن الموضوع، وعثرت على مجموعة من الحقائق تخلص إلى تهمة الارتشاء التي أشرتُ إليها سابقا، غير أن قرار النقل المفاجئ للعسكري برتبة قبطان، وتكليفه بمهام أخرى، لم يُبن على أساس الارتشاء، لكن السبب كان طيشا مؤسفا في التعامل مع زوجة رئيسه الكولونيل!
__
أحد المُعمرين الفرنسيين الأوائل، صار عجوزا مغربيا، قال لي:
-«لقد جئت إلى هنا قبل الحماية. والدي أسس هذه الضيعة. هل أنا سعيد هنا؟ حسنا، لم أسمع أبدا كلمة قاسية.
أتذكر موقفا كوميديا سيُعجبك. كان هناك زمن، ولعلك ستتذكره، عندما كانت بريطانيا تطمح للظفر بالمغرب. في إحدى المرات، قمتم بإرسال بعثة مهيبة إلى السلطان، وكان أفراد البعثة محملين بالهدايا. كان أحد العسكريين في الوفد ضابطا من حرسكم، كان رجلا ضخم الجثة ونال الكثير من إعجاب الجمهور الذي تعجب لحجم القبعة الضخمة التي كان يضعها فوق رأسه.
بدأ الناس يغمغمون: «لكن ما هذا الشيء؟».
كان في الموكب مراسل صحيفة، يعرف جيدا الأراضي العربية، ويعلم أنه لا ينبغي أبدا ترك أي سؤال بدون إجابة. كان يقف أمامه رجل يبيع الماء ويحمل قِربته، المصنوعة من جلد الماعز، خلف ظهره. وهو ما أوحى للصحافي بفكرة. وقال صائحا: -»هذه حقيبة ماء إنجليزية. إن هذا الضابط رجل لبق جدا وأنيق. لقد أضرم نارا في مدينته، والسلطان الآن سمح لهم بارتداء قربة الماء فوق رأسه، تشريفا له».
أومأت الجماهير برؤوسها تقديرا لهذا التفسير الذي كان الأقرب للمنطق، عند رؤيتهم لغطاء الرأس الجديد».