استحوذت الاستراتيجية العسكرية على جدول أعمال المجلس الوزاري المنعقد نهاية الأسبوع الماضي، في اتجاه أن يصبح تطور الصناعة العسكرية في بلدنا أكثر من مجرد نوايا حسنة بل يتحول إلى قرارات حقيقة، خصوصا وأن المغرب يتمركز ضمن الدول التي تتمتع بأفضل الشروط في توطين الصناعة التسليحية.
ولا شك أنه قبل أن يأذن الملك محمد السادس بالموافقة على إحداث مناطق صناعة الأسلحة، سبق ذلك تبني المغرب مقاربةً تدريجية في إرساء الصناعة الدفاعية، ابتدأت بتنزيل النصوص القانونية والمؤسساتية التي تسمح للقطاعات المعنية بإبرام الاتفاقات والبحث عن شراكات ثنائية ومتعددة الأطراف، بهدف توطين الصناعات العسكرية وتلبية احتياجات الجيش المغربي، وتخفيف الاعتماد على السلاح الخارجي واعتبار التصنيع العسكري ضمن خطط تنويع مصادر الدخل.
ويسعى المغرب إلى الاستفادة من استقراره السياسي وموقعه الاستراتيجي وتجربته المتراكمة في القطاع الصناعي لتوفير أرضية مواتية للدخول في الصناعات الحربية. وبدون شك فإن النجاح الباهر الذي حققه المغرب في صناعة السيارات والطائرات والتكنولوجيا الدقيقة يمهد الطريق لتتحول بلادنا إلى إحدى الدول الرائدة في الصناعة العسكرية .
إن التحول إلى مركز لصناعة الأسلحة وتصديرها إلى الخارج يتطلب، قبل توفر الميزانية الضخمة، المصداقية والموثوقية وهو ما يتوفر عليه بلدنا، مما جعله يتلقى العديد من الطلبات من دول أجنبية للاستثمار في هذا القطاع، وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية والصين وإسرائيل والإمارات.
إن هذا التوجه في مجال الصناعة العسكرية لن يقتصر دوره على تحقيق درجة كبيرة من استقلالية القرار السيادي وصيانة حوزة المملكة فحسب، بل ستكون له أيضا عائدات استراتيجية وأمنية واقتصادية واجتماعية من خلال إنشاء مشاريع صناعية عسكرية على أراضينا.
بالإضافة إلى ذلك، سيكون للقرار الملكي بإحداث مناطق صناعية للتسلح تأثير على ميزانية الدولة حيث سيتم تأمين جزء من احتياجات القوات المسلحة الملكية، مع خفض تكاليف الاستيراد المرتبطة بشراء الأسلحة والمعدات العسكرية التي وصلت 12 مليار دولار خلال السنة الجارية.