شوف تشوف

الرأيالرئيسيةسياسية

قتل «الأونروا»

 

 

وليد عثمان

 

بدعم أمريكي وأوروبي واضح، تمضي إسرائيل في قطع كل سبل الحياة أمام الفسلطينيين في غزة، رغبة في تحقيق أهدافها القريبة والبعيدة من المواجهة الدائرة مع حماس، منذ السابع من أكتوبر الماضي.

ولم يعد من المهم تكرار صور التماهي الواضح بين روايتي الولايات المتحدة (ومن يحالفها من الدول الغربية) وإسرائيل بشأن الصراع في غزة منذ بدأت جولته الحالية، فذلك معلوم بالضرورة، لكن أحدث تجلياته يستدعي الوقوف عنده، وهو معاقبة وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل لاجئي فلسطين في الشرق الأدنى المعروفة اختصارا باسم «الأونروا».

هذا الموقف ينسف، مرة جديدة، ادعاءات الحياد الأمريكي في القضية الفلسطينية، بدليل التسليم الكامل والسريع بكل ما تقوله إسرائيل، حتى إن كان مجرد اتهامات قد لا تصح، بينما ما يقوله الطرف الآخر لا يسمعه أحد ولا يراه، رغم أن دلائله أمام من يبصر لا تعد ولا تحصى.

لم تضيع الولايات المتحدة وقتا، لا في تصديق اتهام إسرائيل لـ«الأونروا» فقط، وإنما بترجمة ذلك إلى تعليق للمساعدات الموجهة إليها، وهو إجراء قلدته دول أخرى على الفور، لا تريد بدورها أن تنتظر ما يمكن أن ينتهي إليه تحقيق في اشتراك موظفي الوكالة الأممية المفترض في هجوم السابع من أكتوبر.

الوكالة أنهت عقود الموظفين المتهمين من وجهة النظر الإسرائيلية، لكن حجتها في ذلك حماية قدرتها على تقديم المساعدة للفلسطينيين، خاصة في غزة وسط الظروف الحالية، وكان على الولايات المتحدة أن تتريث مثلما تفعل حين يتعين عليها اتخاذ موقف أمام أبرياء يجوعون ويقتلون أمام أعين الجميع.

والولايات المتحدة بذلك تشجع تقويض عمل المؤسسات الأممية التي تستهدفها إسرائيل منذ بداية حرب غزة الحالية، منعا لها من تقديم خدماتها الإنسانية والصحية والغذائية، أو الشهادة على ما تفعله آلة الحرب بالأبرياء حتى تجاوزت الأوضاع في غزة الحدود القصوى للسوء.

الخطير في أمر «الأونروا» أن إسرائيل لا تريد إسكات جهة أممية عادية، بل تريد إخراجها كليا من فلسطين، وتحديدا من غزة بعد الحرب، وهي تعلم رمزية الوكالة في الواقع الفلسطيني المشتت منذ 1948، وكيف أسهمت منذ بدء عملها عام 1950 في غوث اللاجئين وتعليمهم وتوظيفهم في أراضيهم منذ الجيل الأول للنكبة، وصولا إلى اليوم في الأراضي المحتلة ثم خارجها.

لا ينفصل ذلك عن المسعى الإسرائيلي لمنع تدفق المساعدات إلى غزة لاستغلال المعاناة الإنسانية في تحقيق أهدافها، وأولها وأقربها الإفراج عن الرهائن لدى «حماس»، والثاني تهجير سكان غزة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى