محمد اليوبي
أعلن الحبيب المالكي، رئيس مجلس النواب، عن افتتاح الدورة الثانية من السنة التشريعية الثالثة، غدا الجمعة، وتتزامن مع نهاية النصف الأول من الولاية التشريعية، وبذلك ستختتم الدورة الاستثنائية التي دعت إلى عقدها الحكومة دون المصادقة على أهم قانون استراتيجي يتعلق بمنظومة التربية والتكوين.
وأكد محمد ملال، رئيس لجنة التعليم والاتصال بمجلس النواب، في تصريح لـ «الأخبار»، أن قانون الإطار المتعلق بالتربية والتكوين، سيحال على الدورة البرلمانية العادية، بعدما تعذر المصادقة عليه خلال الدورة الاستثنائية التي ستنتهي غدا، وكشف ملال عن كواليس إدراج هذا القانون ضمن جدول أعمال الدورة، بعد توصل جميع الفرق البرلمانية إلى توافق حول التعديلات المقترحة، قبل أن ينقلب فريق حزب العدالة والتنمية على هذا التوافق، ما تسبب في عرقلة عمل اللجنة البرلمانية، وتأجيل اجتماعها ثلاث مرات.
وأوضح ملال بخصوص عدم إخضاع هذا القانون لمسطرة التصويت رغم موقف حزب العدالة والتنمية الرافض لبعض المواد، أن مرجعية دراسة القوانين داخل اللجان البرلمانية تستند على الدستور والنظام الداخلي وكذلك الأعراف البرلمانية، وجرت العادة داخل المؤسسة التشريعية، اللجوء إلى مسطرة التوافق على بعض القوانين ذات الطابع الاستراتيجي عوض إخضاعها لمنطق الأغلبية والمعارضة، من خلال تشكيل لجان تقنية تعمل على تقريب وجهات النظر وكذلك صياغة تعديلات مشتركة، وبخصوص قانون التعليم، أشار ملال إلى عقد مسلسل من الاجتماعات بدأت منذ تقديم المشروع من طرف وزير التربية الوطنية والتعليم العالي، ثم تنظيم يوم دراسي حول القانون بمشاركة مختلف الفرق البرلمانية والفاعلين والمهتمين بقطاع التعليم.
وأضاف ملال، أنه بعد ذلك شرعت اللجنة البرلمانية في المناقشة العامة ثم التفصيلية لهذا القانون، وكان هناك توجه، حسب المتحدث ذاته، من طرف الجميع بضرورة التوصل إلى توافق بين جميع المكونات من أجل التصويت عليه بالإجماع، لأن الأمر يتعلق بمشروع مجتمعي بمثابة دستور خاصة بمنظومة التربية والتكوين، ولذلك لا يمكن الاحتكام إلى منطق التصويت بالأغلبية والمعارضة، كما أن كل الفرق البرلمانية شددت في مداخلاتها على عدم تسييس هذا القانون وعدم تغليب الانتماء الإيديولوجي، وبعد الانتهاء من المناقشة التفصيلية، كان هناك توجه عام من طرف الجميع، من أجل البحث عن صيغة توافقية لتقديم تعديلات مشتركة.
وأكد ملال أن اللجنة بجميع مكوناتها، قررت تمرير هذا القانون بعد التوصل إلى توافق، والبحث عن صيغة مشتركة للتعديلات، ولذلك تم تشكل لجنة تقنية انخرط فيها الجميع، عقدت حوالي 30 ساعة من الاجتماعات، وبعد دراسة كل مواد القانون، توصلت إلى توافق حول أغلبها، وبقي الخلاف حول 15 مادة أحيلت على اللجنة التي تضم رؤساء الفرق البرلمانية، ترأسها رئيس المجلس، الحبيب المالكي، وبعد عدة اجتماعات توصلت هذه اللجنة كذلك إلى صيغة توافقية حول هذه المواد، بما فيها المادة الثانية التي تنص على اعتماد مبدأ التناوب اللغوي في التدريس والمادة 31 التي تنص على تدريس المواد العلمية والتقنية بإحدى اللغات الأجنبية.
وأضاف ملال، «أنه بعد هذا العمل، عرضنا الصيغة على الحكومة ووزير التربية الوطنية والتعليم العالي، الذي وافق على حوالي 80 في المائة من التعديلات المقترحة من طرف اللجنة التقنية، كما عبر عن استعداده للتجاوب مع المواد المتبقية، بعد عرضها للمناقشة داخل اللجنة»، وأشاد رئيس اللجنة بروح التوافق الذي حصل بين جميع المكونات بما في ذلك المعارضة التي تعاملت بنوع من الليونة مع المشروع، مشيرا إلى «أن الأمر يتعلق بإصلاح مجتمعي، ولذلك لا يستقيم اعتماد منطق الأغلبية والمعارضة، لأن تنزيل هذا القانون غير مرتبط بهذه الحكومة فقط، وإنما بالحكومات الأخرى التي ستأتي بعدها، لأنه ستنبثق عنه عدة مشاريع قوانين أخرى تتعلق بالحكامة والتمويل والموارد البشرية»، وأكد ملال، أنه خلال المناقشة داخل اللجنة التقنية، تم الاتفاق على حذف المادة التي تنص على فرض رسوم التسجيل بالتعليم الثانوي والجامعي، وكذلك حذف المادة التي تنص على نظام التعاقد بقطاع التعليم، ودعا رئيس اللجنة البرلمانية إلى استبعاد الحسابات السياسية وتغليب الطابع التوافقي، لإخراج هذا القانون خلال الدورة البرلمانية المقبلة، لأنه مشروع سيرهن مستقبل أجيال.