حسن البصري:
كيف تطور نقاش حول الحالات التحكيمية إلى اتهام بالتمرد والعصيان؟
ذات مساء كنا نناقش وضعية التحكيم ونقوم بتقديم بعض الحالات. تدخلت وقدمت وجهة نظري التي لم تعجب المندوب، فرد علي بطريقة غير مقبولة معتقدا أنني موظف في الشبيبة والرياضة. حينها غادرت القاعة، تبعني باقي الحكام وانتهى الاجتماع. في اليوم الموالي راسل المندوب رئيس الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم في موضوع الاجتماع واتهمني بالعصيان والتمرد. هذه تهمة خطيرة، كيف سأتمرد وأمارس العصيان في اجتماع تقني خاص بتقييم الحالات التحكيمية وشرحها؟ لم أكن أعلم بما يطبخ سرا، لكني علمت، في ما بعد، أن الجامعة ستصدر قرارا يقضي بتوقيفي مدى الحياة عن ممارسة التحكيم، دون الاستماع إلي كطرف معني.
هل تلقيت دعوة للمثول أمام المجلس التأديبي للعصبة الجهوية أو الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم؟
لا لم أتلق أي إشعار من العصبة الجهوية للتحكيم، ولا الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم ولا اللجنة المركزية للتحكيم. ولم يكلف أحد نفسه استدعائي إلى جلسة استماع للتعرف على وجهة نظري واستفساري حول تهمة التمرد والعصيان لأنها توحي بأشياء أخرى بعيدة عن الرياضة، علما أن النقاش حصل في اجتماع نناقش فيه فصول قوانين كرة القدم. كنت أعتقد أنني سأعرض على لجنة تأديبية أنا وصاحب الشكاية وسيتم الاستماع لكل طرف، إلا أن الجامعة كان لها رأي آخر. في تلك الفترة كان الرأي والقرار الوحيد لها.
كيف علمت بقرار توقيفك؟
لم أتوصل بتعيين لقيادة مباريات البطولة، ولم يكن اسمي ضمن الحكام الذين أسندت لهم مهام قيادة المباريات، قبل أن أتوصل بمراسلة من الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم عليها توقيع الكولونيل إدريس باموس وتحمل في مضامينها عبارة «تقرر توقيفك مدى الحياة بسبب التمرد والعصيان». استغربت لهذا القرار الذي كان سريعا بل متسرعا، لأن الرسالة التي توصل بها باموس كانت يوم الاثنين والقرار يوم الخميس، ربما هذا قمة العبث.
ماذا فعلت بعد توصلك بالرسالة التي تضمنت التشطيب عليك من لائحة الحكام؟
بعد ثلاثة أيام من الانتظار، قررت مقاضاة الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم في شخص رئيسها الكولونيل باموس، توجهت عند المحامي صالح الفاسي الفهري وعرضت عليه القضية واطلع على قرار الجامعة، فرد علي قائلا: «سيكون الحكم لصالحك إذا لجأت إلى القضاء وسيحكم لفائدتك لأن هناك شططا في استعمال السلطة». تصور قال لي الحكم وحيثياته قبل صدوره رسميا. أكدت له رغبتي في مقاضاة الجامعة مهما كان الثمن، فأنا لست متمردا ولم أدع يوما إلى العصيان، فاتفقنا على الأتعاب وشرعنا في إعداد الملف ووضع أسس الشكاية التي رفعتها إلى القضاء وأنا على يقين بأن الحق إلى جانبي.
لماذا لجأت إلى المجلس الأعلى للقضاء؟
أعد المحامي مقالا افتتاحيا وأديت الرسوم الخاصة به، ثم وضعته بكتابة الضبط لدى المجلس الأعلى للقضاء الذي كان مقره قرب ولاية الرباط قبل أن يتم تغيير مكانه. قررت أن أبدأ المعركة مع الجامعة التي اعتدت علي ظلما وعدوانا، وكان لي سند قانوني هو دفاعي.
لكن لماذا لم تلجأ إلى الجامعة وتشتكي لها بدل المحكمة؟
في الفترة التي نحن بصدد الحديث عنها، لم يكن للجامعة جهاز للتظلم أو لجنة يمكن أن تلجأ إليها كلما مسك ضرر. اليوم نرى ونسمع عن غرف النزاعات التي تفصل في كثير من القضايا الخاصة بأطراف اللعبة، من لاعبين ومدربين وحكام. لهذا تابعت القضية في جميع مراحلها، منذ أن وجهت المحكمة المقال الافتتاحي إلى الجامعة وتسلمه محمد حوران الذي كان مسؤولا إداريا بالجامعة، بل وتوصلنا بوصل التسليم. هذه هي بداية أولى خيوط القضية.
من كان رئيس اللجنة المركزية للتحكيم في تلك الفترة؟
الرئيس الذي كان يسير قطاع التحكيم في الفترة التي نحن بصدد الحديث عنها هو سعيد بن منصور، الذي سيبقى صديقي مهما كان بيننا من خلاف، ولازلت أتصل به كلما سمحت الظروف.
ما هي دفوعات المحامي في قضيتك؟
ركز المحامي على عدم قانونية التهمة أولا: «التمرد والعصيان»، وعدم اتباع مسطرة التأديب، بحيث لم يتم أخذ وجهة نظري بعين الاعتبار، وكأنني غير معني، وثالثا التشطيب على حكم من لوائح الحكام لا يصح إلا بوجود خطأ جسيم، من قبيل الرشوة أو التزوير أو الغياب المتكرر أو شتم وسب الهيئات الرياضية. وهذا لم يكن متوفرا في قضيتي.