شوف تشوف

الرئيسيةسري للغايةسياسية

في قلب قصر المقري الذي حقق رقما عالميا ببقائه وزيرا لأربعين سنة

 

يونس جنوحي
قال عبد الحي الكتاني:
«الناس يقولون إنني مؤيد للفرنسيين. حسنا قد يكون هذا الأمر صحيحا. أنا أؤيد الناس الذين جلبوا السلم إلى المغرب، وضد الذين قد يقودون بلدهم مرة أخرى إلى طريق الفتنة. الحكمة تزدهر في فترة السلم، لأن الفتنة في حد ذاتها ضرب من الغباء.
إن العدو هو الجهل. ومع ذلك، فإن الخطر المباشر الأكبر، يكمن في اللامبالاة أثناء مواجهة الشر».
بحكم رتبته كرئيس للطريقة، فإن الشريف الكتاني يصنف تلقائيا على أنه رجل مقدس.
وهنا يكمن سبب ارتباك رجال الحركة الوطنية: إذ مهما اختلفوا مع آرائه، فإن النقاش مع رجل قديس يبقى دائما أمرا صعبا وشاقا.
تعج فاس بشخصيات مثيرة للاهتمام. سوف أتحدث عن السياسيين لاحقا، لكن سعة الاطلاع عندهم تبدو سطحية إذا ما قورنت بعِلم سي محمد الحبابي، وهو عالم للفلك في جامعة القرويين، وهو منخرط الآن في العمل على معرفة مواعيد اقتراب شهر رمضان.
الأدوات العتيقة التي يستعملها قد تنتزع الابتسامة في مدينة كَرينيتش. لكن إلى جانب مهاراته، فإنهما معا يحققان نتائج دقيقة.
أفضل القصور التي زُرتها، كان قصر عائلة المقري. رب الأسرة هو الوزير الأعظم (أو الوزير الأول) عند السلطان. تجربته غنية، لأنه تقلد المنصب منذ أربعين سنة، وهو بدون شك رقم قياسي عالمي. إنه في سنته المئة من العمر. لكنه لا يزال يزاول مهامه في الدولة، ويتمتع بذاكرة مُدهشة.
استقبلني أخوه، وهو أصغر منه وفي الثمانين من عمره، في قصر العائلة بفاس. وهذا القصر لم يكن قديما، فقد كانت به مجموعة من البنايات الجديدة التي بُنيت مطلع القرن الماضي، لكن الزخرفة بها كانت على النمط التقليدي، كما أن المنظر من شرفتها رائع.
مجددا، كان القصر يقع بالقرب من زنقة بسيطة، لا تُعطي أي تلميح إلى الروعة الكامنة خلف الأسوار.
الشخصيات الأخرى كانت أكثر تواضعا. وبما أن الطلب على غرفة في الفنادق بالمغرب أحيانا يكون غير كاف، فقد طلبتُ من صديق في فاس أن يحجز لي غرفة بنفسه. وحجز لي في قصر الجامعي، وهو مكان رائع.
لقد بُني هذا الفندق قبل خمسين عاما. بناه أخوان اثنان اسمهما الجامعي، وينحدران من أسرة فاسية معروفة. بعد أن مات أحد السلاطين، وقع صراع على السلطة حول العرش الجديد بين الإخوة الجامعي وحاجب السلطان. وهو عبد سابق اسمه باحماد. خسر الأخَوان الصراع، وسُجنا، وتعرضا للتعذيب، وماتا. كل ممتلكاتهما حُجزت على يد المنتصر، وقصرهما في فاس اشترته شركة فرنسية وحولته إلى فندق.
وهكذا، صار بإمكانك الإقامة في قصر عربي، والنوم على سرير عصري، فوقه سقف مزين بشكل رائع. يمكنك أن تتمدد في جناح الحريم، أو داخل القاعات التي تعكس أمجاد الفن العربي القديمة.
ومن الحديقة التي تضم أشجار ونباتات غريبة، يمكنك أن ترى فاس القديمة من الأعلى، ممددة كلها تحت قدميك.
لكن، بطبيعة الحال، يجب عليك أن تدفع مقابل امتياز من هذا النوع. رغم ذلك، فإن السقف المزخرف في غرفة نومي لم تكن له أهمية كبرى، بحكم أنني كنت أقضي نصف وقتي في المنازل المحلية، سواء كانت قصورا أو أكواخ. والأكثر من هذا، فقد كان يتعين عليّ أن أتابع مشاكل عملتي المالية.
بالنسبة لمدير البنك، فإن تأليف كتاب عن المغرب سيكون مثيرا للاهتمام العالمي، وقد تفضل عليّ بتصنيفي رجل أعمال، بسبب الغرض من رحلتي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى