شوف تشوف

الرئيسيةسري للغاية

في قلب زفاف ابنة شيخ قرية في الأطلس

يونس جنوحي

الدعوة لحضور حفل الزفاف جاءت من سي الحاج بويه ابن الحاج علال، شيخ «واوزيلت» وجدّ العروس. الآنسة الشابة، طبعا، لم تكن حاضرة.
تم الترتيب لعقود الزواج وتبادلتها العائلتان. وبعد أيام قليلة ستُحمل الفتاة إلى بيت الزوجية، وجسدها مُضمخ بالحناء ومنقوش بنقوش جميلة. ومع انتهاء الزفاف، تكون مراسيم الزواج قد اكتملت.
وبما أن العائلتين معا تتبعان التقاليد العربية – رغم أن أصولهما أمازيغية- فإن الزوجين الشابين لم يريا بعضهما، على الأقل منذ أن كانا طفلين.
لا بد وأنها لحظة محرجة بالنسبة لرجل شابّ، مهما كانت ثقته في اختيار والديه، عندما يحدق لأول مرة في العروس التي اختاراها له. يا لها من مُقامرة! هل هي جميلة، أم أن الكبار أخذوا العائلة أو المصالح التجارية بعين الاعتبار؟ هل بشرتها فاتحة أم أنها سوداء؟ هل هي طباخة جيدة؟ هل لسانها سليط؟ تلقى الشاب ردودا على أسئلته بتوكيل من والديه، لكن عليه الآن أن يواجه الحقيقة مُرة كانت أو لذيذة.
عند وصولنا إلى القرية، اصطف الرجال والأطفال على جانب واحد من الشارع، وقُرعت الطبول بصخب على شرف الضيوف – أفراد العائلتين من الذكور، المشاهير المحليون والمسؤولون الفرنسيون، وأنا- تناهت إلينا زغاريد النساء من فوق أسطح المنازل.
شرح لي أحدهم الأمر كالآتي:
-«إنهن يصدرن هذا الصوت والضجيج بتحريك ألسنهن بشكل دائري داخل أفواههن».
كان مقررا أن تتم «الضيافة» في الهواء الطلق.
فُرشت الزرابي بين جانبي طريق من الأشجار ومعها مراتب ووسائد ملونة. عندما جلسنا أرضا، وُضعت الطاولات الدائرية المنخفضة في موقعها. وباعتباري زائرا، حُدد مكاني إلى جانب رجل شغل نفسه بجمع الأغصان والأشواك. وجدتُ أنه كان الراقص الرئيسي وكان عليه أن يُفكر في مصلحة قدميه العاريتين.
لقد كان أكثر من راقص، كان كوميديا، رقص على قدميه ورُكبتيه، ثم على ظهره.
تعابيره الكاريكاتورية كانت ساخرة جدا إلى درجة أنني انفجرتُ من شدة الضحك. لم أستطع أن أفهم أي كلمة من ثرثرته لكن حركاته وتعابير وجهه جعلته يبدو مثل «داني كين» أمازيغي.
خلال دقيقة كان يبدو رجلا مسنا ومتعبا، وفي الدقيقة الموالية مثل سمكة، ثم كمحارب، نمر، طفل صغير ثم كامرأة.
نادى الجمهور طالبا منه أداء شخصيته المفضلة، وكان مضطرا إلى أدائها.
كل شيء كان غير رسمي. خلال إحدى الوصلات كان يرقص فوق الزرابي الممدة بيننا ويقفز بين أرجلنا ورُكبنا. وظل أنصاره يُغنون بشكل مستمر على إيقاع دقات الطبول.
اثنان من أعضاء الفرقة أذهلاني. أحدهما أبقى الطبول على الإيقاع الصحيح، عن طريق قرع حلقة معدنية كانت، إن لم أكن مُخطئا، جزءا من الأجزاء الداخلية لسيارة، لكنه كان مهتما جدا بثرثرة رفيقه، إلى درجة أنه كان يسقط من شدة الضحك، ويُضيع الإيقاع، لكن، رغم ذلك، بدا أن قارعي الطبول يعرفون النغمة.
أما الثاني فكان يعزف الناي. آلته الموسيقية كانت مصنوعة محليا، مثل نسخة خشبية من صافرة معدنية ضخمة. كان يعزف عليها بحماس كبير. الظاهر أنها كانت تحتاج إلى مزيد من الثقوب لكي ينفذ إليها المزيد من الهواء، إذ إن خديه كانا منتفخين جدا نحو الخارج مثل بالونين. نادرا ما كنت أزيح بصري عنهما، متسائلا ما إن كانا قد أو سوف ينفجران. العازف نفسه لم يكن مكترثا إن انفجرا، فقد كان يعزف بجد وتفان، إن لم أقل بانغماس موسيقي متواصل، طوال ساعة أو أكثر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى