شوف تشوف

الرئيسيةشوف تشوف

في صعود الأسعار وهبوطها

يمكن أن يتفهم المغاربة الزيادات في المواد المستوردة التي لا ننتجها وتعرف أسعارها ارتفاعا في الأسواق الدولية، لكن أن تشتعل النار في أسعار المنتجات الفلاحية التي يصدرها المغرب لدول العالم فهذا ما لا يمكن تفهمه.

مقالات ذات صلة

عمليا لا يجب أن يشكو المغاربة لا من الخصاص ولا من غلاء أسعار الخضر والفواكه واللحوم. لأن المغرب بلد فلاحي وخصص على مدى سنوات مليارات الدراهم لتحصين سيادته الغذائية وحماية القدرة الشرائية المرتبطة بقطاع المنتجات الفلاحية.

لذلك فمن الطبيعي أن نسمع الناس ينددون بالغلاء ويناشدون الملك التدخل لحمايتهم من جشع الوسطاء والانتهازيين الذين يضاربون في السلع.

لكن هؤلاء الذين يصرخون أمام الميكروفونات أنهم يموتون من الجوع وأنهم لا يملكون خبزا يعطونه لأبنائهم يجب أن يتقوا الله في بلدهم. لأنه حتى في تركيا التي دمر الزلزال جنوبها لم نسمع أتراكا يستجدون الخبز.

بالأمس كنا نسخر من الجزائر التي لا يجد مواطنوها الموز واليوم أصبحنا ضحكة بسبب هؤلاء الممثلين الفاشلين من بني جلدتنا الذين يدعون الموت جوعا بينما تطل أجهزة الأيفونات في جيوبهم، من سيصدق شخصا “عندو أيفون كايساوي 6000 درهم وما عندوش درهم باشيشري خبزة”.

شخصيا أعتبر كل من يملك جميع حواسه سليمة ولا يشكو من أية إعاقة جسدية ويشكو من البطالة أنه لا يريد أن يشتغل. طبعا لا نتحدث عن الوظائف العمومية بل عن المهن الحرة التي تشكو من ندرة اليد العاملة.

نتحدث عن الواليدية نواحي الجديدة وعن اثنين شتوكة نواحي أزمور وعن حد السوالم نواحي سطات وعن منطقة الغرب حيث أصحاب الضيعات يبحثون عن عمال وعاملات بأجرة 150 درهم فالنهار وما لقاوش اللي يخدم.

وما نلاحظه هو أن أرباب الضيعات الفلاحية أصبحوا يلجؤون للمهاجرين الأفارقة لتعويض اليد العاملة المحلية.

نعم الغلاء فاحش في المغرب، وقد زاد فحشا في الأشهر الأخيرة، نعم الفقر يزداد، لكن أن يدعي أحد أنه لا يجد خبزا يطعم به أبناءه فهذه مزايدة ترسم صورة بئيسة عن المغرب. هل يعقل أن يشكو أحد من الجوع في بلد كالمغرب يرمي مواطنوه ثلاثين مليون خبزة في القمامة كل يوم؟

 

وبالعودة إلى الحملة التي قامت بها مصالح العمالات في المدن لخفض أسعار المنتجات الفلاحية، والتي بدأت تعطي ثمارها، فالجميع يعرف أنه في منطقة الغرب مثلا، خصوصا على مستوى أقاليم سيدي سليمان وسيدي قاسم والقنيطرة، وأمام أنظار السلطات الإقليمية والمحلية، قد تحولت إلى محطة لتجمع التجار الكبار المضاربين في الخضر والفواكه، الذين يتحكمون بشكل كبير في تحديد أثمان عدد من الخضروات والفواكه والسلع، بعدما يكون السماسرة ووسطاؤهم قد تمكنوا من اقتناء معظم محاصيل الحقول والضيعات الفلاحية، وربط علاقات مع كبار تجار الخضر والفواكه بالمناطق المجاورة، وهو الأمر الذي طال أيضا اللحوم الحمراء والأعلاف وغيرها من المواد الاستهلاكية.

وقد ظل إقليم سيدي سليمان، على سبيل المثال، يشهد، طيلة الفترة الماضية، استغلال المضاربين لتساهل السلطات مع الموضوع، في استغلال مجموعة من المنازل والمرائب، سواء داخل المجال الحضري أو القروي، في تخزين أطنان من الخضروات والفواكه، لتوزيعها على تجار القرب، والذين نجدهم منتشرين في أزقة وحواري أغلب المدن، بعدما يقوموا بتحديد سعرها المرتفع، بناء على تحكمهم في نوعية وكمية السلع المعروضة للبيع بالأسواق، سيما أن السلطات المحلية بمنطقة الغرب عموما، ظلت تبدي تساهلا كبيرا مع فوضى احتلال الملك العمومي، بالموازاة مع تغاضي الجهات المسؤولة عن الفوضى المسجلة بأسواق الجملة.

نشاط هؤلاء المضاربين يمتد ليشمل كل المدن المغربية التي تشكو من خصاص في بعض أنواع الخضر والفواكه، حيث يقوم هؤلاء السماسرة بنقل أطنان من السلع نحو مدن بعينها كالرباط والدار البيضاء وبن سليمان والنواحي، وتوزيعها على أصحاب العربات المجرورة وتجار القرب بالأسواق النموذجية بغرض بيعها بالسعر الذي يرغب فيه “السماسرة”.

أما تراجع إنتاج الحليب فراجع بالأساس إلى تركيز الملاكين الكبار ومستوردي الأبقار، ككريمين وشريكه البدراوي وغيرهما، على الأبقار المخصصة للتسمين والذبح والتي لا تعطي الحليب. هذا الوضع نتج عنه خصاص حاد في مادة الحليب مما دفع الحكومة إلى إصدار قرار يقضي بمنع ذبح الأبقار الحلوب، مما نتجت عنه كارثة أخرى هي استفحال الذبيحة السرية.

وهكذا فكل مشكلة لا تحل بطريقة مناسبة تلد مشكلة أكبر منها، وليس بالقرارات المتسرعة ومنطق الحملة، أو بالتهويل بالنسبة لعشاق المايكروفونات، سيتم حل المشاكل المرتبطة بغلاء الأسعار.

الحل هو تفعيل أدوات الرقابة بشكل يومي ودائم، وليس فقط عندما يكثر اللغط.

هناك قسم اقتصادي بكل العمالات يجب أن يلعب دوره كاملا وبشكل دائم، فهذا القسم يتحكم في منح مأذونيات النقل المزدوج وسيارات الأجرة الصغيرة، ويعلم بأصحاب مأذونيات النقل، ويتحكم في سحب المأذونيات، ومنح رخص الثقة وسحبها، ولديه صلاحية منح رخص فتح محلات التبغ والمشاركة في منح رخص الحانات، ومراقبة المخازن ومنح رخص الاستفادة من الدقيق المدعم.

فإذا قامت كل أقسام الاقتصاد في العمالات بواجبها كما يجب فإنها ستوفر على السلطات الحكومية الأخرى المتدخلة في ضبط الأسواق ومحاربة الفساد والغش عملا جبارا يمكن استثماره في خدمة مصالح المواطنين في مجالات أخرى أهم.

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى