شوف تشوف

الرأي

في حضرة الخذلان..

قد أراكَ اليوم إن شئتُ..!
أعتقد بأنك ستكون اليوم مرتديا قميصك الأزرق ذا الياقة البيضاء..
قد نتجاهل بعضنا إذا ما تعثرت نظراتنا فجأة.. أو قد نبتسم ببلاهة.. ثم نتدارك الأمر بأحاديث جانبية لا تُذكر بقدر ما تخلّفه لغة جسدينا وهما يحاولان الثبات.. بينما يغلبهما تعرّق الجبين والأكُفّ والأشواق..!
يبدو المشهد دراميا في مخيّلتي الآن وأنا أراك فاتحا ذراعيك عن مداهما قبالتي.. داعيا إيايَ للدخول بين أضلعك..!
خُطايَ التي راح يلوّنها الهروب.. توجّهت ناحيتك قاطعة المسافة بتبلّدٍ شديد..
كنت أخشى اختفاءك من أمامي.. أنت رجل الرماد.. خصمك الريح.. وأنا ابنة الصباح سليلة المطر.. كان وضوحي ساطعاً وكان لونك الغروب..
رحت أعاند المسافة بيننا.. كانت عيناك مصوّبتين ناحية عينيّ.. أنفك الطويل.. شفتاك الصغيرتان.. عنقك.. منكباك.. صدرك!
صدرك الذي كان مشرّعاً..
صدرك الذي أودع الرب فيه من الفتنة ما لا طاقة لحواء أن تقاوم سحره.. كان كما الفردوس.. يجري بين ضفتيه نهر من حنان دافئ.. أنظر ناحيته فتزهر الياسمينات في قلبي وتحط فراشة الحب على كتفي..
يرنّ المنبّه..!
يستيقظ الوعي..!
أنفضُ الأفكار عن مخيّلتي.. كمن تودّ إسقاط كابوس من رأسها.. وأروح أتأملني أمام المرآة.. يا الله كيف أبدو في حضرة الخذلان..؟
تصوّر أني لم أكلّف نفسي عناء تسريح أهذابي بفرشاة «الماسكارا» أو التأكد من أن رسمة حاجبيّ متطابقتان.. أو بأن لون أحمر الشفاه الذي أضعه يبدو متناغماً ومظهري العام..
كنت شاحبةً من الداخل والخارج.. كغيمةٍ صفراء.. جفّت روحها لكنها لم تنس يوما أن عليها سقايةُ العطاشى..
أضع نظارة طبية توحي بأن نظري راح ضحية انتظارك.. وأنا أقطع الوقت محدّقةً في شاشة هاتفي النقال.. أو بين كتب تحمل أفكاراً عن التغلب على الأزمات العاطفية..
كان الزمن يهرول.. في كل خطوة تبعدني عنك مقدار عام من الحنين والخوف..
لكن الدرب الذي بيننا قد هَرِم.. ولم يزل صدرك مفتوحا.. لم تزل مصلوبا على جدار الانتظار.. ولم أزل بدوري أحاول رفع قدميَ لمواصلة الطريق إليك..
حتى انقضى العمر.. انقضى يا زهرة الحب.. في انتظار حلم لا يجيء..!
تخيل حتى أن الأمر لم يعد يعنيني أن كانت الصدفة سخيّةً معنا فتعبرني أو أعبرك..!
أن أتأكد من أن قميصك كان أزرق أم لا..!
أن نتعثّر.. أو نتعرّق..!
لم يعد يعني لي.. صدقني.. سوى أني أنتظرني منذ ذلك الحين.. ولم أعد إليّ..!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى