أحمد الأحمدي العروسي طالب باحث في سلك ماستر المهن القانونية والقضائية بطنجة
نظم المشرع المغربي بيع المريض مرض الموت، في الفصل 479 ضمن الباب الأول من الكتاب الثاني، من قانون الالتزامات والعقود المتعلق بعقد البيع. وبالرجوع إلى هذا الفصل نجده ينص على أن البيع المعقود من المريض في مرض موته، تطبق عليه أحكام الفصل 344 من قانون الالتزامات والعقود إذا أجري لأحد ورثته بقصد محاباته، كما إذا بيع له شيء بثمن يقل كثيرا عن قيمته الحقيقية، أو اشتري منه شيء بثمن يجاوز قيمته. وبالرجوع إلى هذا الفصل، أي الفصل 344 من قانون الالتزامات والعقود المحال عليه، نجده ينص على أن الإبراء الحاصل من المريض في مرض موته لأحد ورثته من كل أو بعض ما هو مستحق عليه، لا يصح إلا إذا أقره باقي الورثة، أي إن المشرع استعمل مفهوم القياس بالنسبة لهذه الحالة.
أما في حالة بيع المريض مرض الموت لغير وارث، فتطبق عليه بمقتضى الفصل 479 من قانون الالتزامات والعقود أحكام الفصل 345 من قانون الالتزامات والعقود، هذا الأخير الذي نص على أن الإبراء الذي يمنحه المريض في مرض موته لغير وارث، يصح في حدود ثلث ما يبقى في تركته، بعد سداد ديونه ومصروفات جنازته.
وكما هو معلوم فإن أحكام بيع المريض مرض الموت جاءت بالدرجة الأولى لحماية مصالح الورثة، حيث قد يبرم المريض بيعا بثمن زهيد بغية حرمانهم من أملاكه، مما يتعين معاملته بنقيض قصده. غير أن السؤال المثار هنا هل يعتبر فيروس كورونا 19 المستجد مرضا يمكن أن تطبق عليه أحكام الفصل 479 من قانون الالتزامات والعقود المذكور؟ بمعنى هل يعتبر المريض أو المصاب بهذا الفيروس، سيما وعدم وجود علاج حاليا له، سببا في تطبيق أحكام بيع المريض مرض الموت عليه؟
في الحقيقة إن وباء كورونا 19 المستجد يعتبر مرضا يمكن أن يؤدي إلى الوفاة، غير أنه ينبغي التمييز بين الحالات التي تؤدي الإصابة بهذا الفيروس إلى الوفاة، خصوصا بالنسبة إلى الأشخاص المصابين بأمراض خطيرة قد تؤدي إصابتهم بفيروس كورونا إلى الوفاة بنسبة كبيرة من غيرهم، حسب ما أوضحه الخبراء المختصون، فيعمدون – المرضى- إلى بيع أموالهم حرمانا لورثتهم منها، فهنا يمكن القول إن أحكام الفصل 479 قانون الالتزامات والعقود لازمة التطبيق في نظرنا، أما إذا لم يؤد هذا الفيروس إلى الوفاة فإن تصرفات المريض الذي تعافى من المرض بواسطة مناعته، على اعتبار أن العلاج حاليا يعتمد على مناعة الإنسان، تعتبر في هذه الحالة صحيحة لأن المرض لم ينته بالموت، ما لم يكن هناك مجال لتطبيق مقتضيات أخرى مخالفة في هذه الحالة، وبالتالي فإن إصابة الشخص بهذا الفيروس (كورونا 19 المستجد) ووفاته بسببه، تجعل مقتضيات الفصل 479 من قانون الالتزامات والعقود ممكنة التطبيق، في حال قيامه ببيع أمواله، حسب فرضيات الفصل المذكور، وذلك إما لأحد ورثته بقصد المحاباة، أو لغير وارث حرمانا لورثته من تلك الأموال.