شوف تشوف

الرئيسيةتقاريرثقافة وفن

فن الطهي بين الفكر والأدب

إعداد وتقديم: سعيد الباز

يحتل فن الطبخ مكانة بارزة في الفكر والأدب، ولم يُنظر إليه على أنه ممارسة معتادة في حياة الإنسان أو مجرد إشباع لحاجة بيولوجية ملحة.. بل تم تصنيفه فنا متكاملا عبر، من خلال أشكاله المختلفة وتفاصيله الكثيرة، عن التطور الإنساني بداية من حياة الإنسان القديم في الكهوف والمغارات إلى العهود الحديثة، حيث ظهرت مدارس في الطبخ لها جذورها التاريخية والحضارية وخصائصها المتميزة المرتبطة بشعوب بعينها، وفي ارتباط كامل بفنونها الأخرى وإبداعاتها الفكرية والأدبية… إضافة إلى ذلك، كثيرا ما جرى اعتبار فن الطهي، في تركيباته المعقدة وأساليبه المبتكرة والمتخيلة، قرينا لفنون الكتابة وأساليبها الإبداعية المتميزة.

 

إليزابيث ألليندي.. أفروديت

تدور أحداث رواية «أفروديت» للكاتبة من التشيلي إليزابيث ألليندي Isabel Allende حول فن الطهي وحب الحياة بنفس يمزج بين الإطار الإيروسي واستعادة ذكريات الطفولة: «إن الذين يكتبون عن المطبخ يأتون بالطبع من تقاليد عريقة في التفنن بالطعام، ولدوا وترعرعوا في مناطق ملهمة مثل الريف الفرنسي أو المدن الإيطالية، حيث مارست أمهاتهم وجداتهم فنا حساسا بقدر ما هو ممتع. على المائدة الطيبة كان يقدم أفضل النبيذ، بينما يقطع الأب، والمنديل حول عنقه، الخبز الريفي الكبير بوقار، وهو يسنده إلى صدره وكأنه يجز عنق خصم، والأم تستعرض فتيات الخدمة القويات وهن يأتين من المطبخ بأوعية الحساء الخزفية التي يتصاعد منها البخار، وصواني الطبيخ الأساسي، وألواح جبن المقاطعة وسلال فيها أهرامات من الفاكهة والحلوى. ولائم ضخمة تجمع الأسرة حولها في الطقس البطيء لكل وجبة. على هذه الموائد المغطاة دائما بأسمطة الدمقس المنشاة، كانت تتلألأ كؤوس البلور وأكواز أنقى أنواع زيت الزيتون والخل الشافي، المزهريات والشمعدانات الفضية، الشاهدة الصامتة على قرون عدة من المطبخ الرائع. ربما لم يكونوا يتحدثون في غرف الطعام تلك إلا عن الأمور الممتعة، مثل تركيب فطائر الكبد مع الكمأة، طعم الوعل المقلي، نفيخة البيرة ونكهة تلك القهوة الجديدة التي أرسلها من البرازيل قريب مستكشف. من هذا الجو، كما أعتقد، يخرج الطباخون المشهورون والذواقون، ذواقو النبيذ، مؤلفو كتب الطبخ وأخيرا أرستقراطيو الطعام الذين يرشدون ذوق النسبة الضئيلة من البشرية التي تستطيع أن تأكل يوميا، وأخاف ألا أملك أوراق الاعتماد هذه. فأنا من أسرة يُعتبر احتقار الملذات الدنيوية فيها فضيلة والزهد في العادات جيدا للصحة. القيم الوحيدة المقبولة هي قيم العقل وقيم الروح في بعض الحالات. جدي، الذي عاش مندهشا من تقدم العلم والتكنولوجيا، بقي يجهل أولمبياديا الماء الساخن والتدفئة المركزية حتى أواسط القرن العشرين، بالنسبة إليه كان ذلك عجرفة، فهو فوق الراحة وفوق العادات البورجوازية الأخرى المنتهية المفعول، لكن أعضاء آخرين من عشيرتنا تبنوا الموقف ذاته لأسباب صحية، جنون أو شح أو لمجرد ذهول، كما هو حال جدتي. وبينما كانت سيدات أخريات من عمرها ودرجتها يسهرن على التفاصيل المنزلية وسلوك ورثتهن، كانت أسرتي تنشغل بتعلم الترفع. لا بد أن سنواتي الأولى إلى جانب جدتي كانت سعيدة جدا، لكن ذاكرتي لا تحتفظ إلا بالمرحلة اللاحقة على موتها، حين فقد البيت نوره وفرحه. أتذكر بيتا كبيرا مظلما يسيطر فيه جدي مثل «زيوس» صارم، وإن كان دائما عادلا بين عدد لا يحصى من الأقارب والمحميين والمستخدمات، الذين كانوا يتنقلون بين تلك الغرف عالية السقوف، كل بمأساته وعواطفه وغرابة أطواره وكأنهم شخصيات روائية. لقد خلف غياب جدتي فراغا رهيبا، ما زال يحز في نفسي حتى هذا اليوم وأنا في خريف العمر. كانت امرأة أسطورية، تُحكى عنها حكايات غير محتملة، منها مثلا أنها قضت حياتها في مستوى بين الواقع والحلم، مشغولة بالظواهر التي تقع خارج نطاق الإدراك، وبأعمال الإحسان أكثر من وقائع هذا العالم المبتذلة. قليلا ما كانت تهمها الأعمال المنزلية ومهام الأمومة التي أوكلتها إلى المربيات العديدات، اللواتي لم يتخلين قط عن خدمتها. وكما أن جدتي كانت ترتدي أي لباس يقع بين يديها غير آبهة بالموضة أو الطقس، كذلك كانت تأكل ما يضعونه أمامها. فموضوع الغذاء وكل ما يتعلق بالجسد ووظائفه دليل الذوق السيئ، وبالتالي لم تكن تُذكر في حضورها. كانت تجلسُ إلى المائدة بحكم العادة ودائما دون أية شهية وذهنها مركز على الأشباح الجسورة التي تزورها عادة في جلسات أسبوعية…

 

محمد النعّاس.. خبز على طاولة الخال ميلاد

تعتمد رواية الكاتب الليبي محمد النعّاس «خبز على طاولة الخال ميلاد»، الحائزة على الجائزة العالمية للرواية العربية (جائزة بوكر العربية) لعام 2022، بالأساس، على قلب الأدوار الاجتماعية، محاولة الكشف عن الذهنية السائدة في المجتمعات العربية من خلال تيمة الطبخ وغيرها من التيمات بين ما هو أنثوي وذكوري: «… أشرع في صناعة رغيف الفطور. أصنع بيْضي الفريد. المكونات ذاتها. لكنّني أضيفُ بعضا من الكمون، وأقلي كلّ شيء على نار هادئة بزيت الزيتون أو الزبدة. أحيانا أتشجّع لصناعة كعكة، أو أكون قد جهّزتُ عجين الكرواصون للخبز. عند السادسة والنصف أوقظ زينب لتتناول فطورها. أحيانا أكون قد جهّزتُ لها ملابسها منذ الليلة الماضية. وفي أحيان أخرى، أجهّز الملابس وأكويها في أولى ساعات الصباح قبل إيقاظها. لماذا أكوي أنا ملابسها؟ حسنا، ليكن هذا سرّنا نحن الاثنين، زينب ليست جيّدة في الاهتمام بنفسها. هي جميلة ولطيفة، وتحبّ نفسها أكثر من أيّ شيء آخر. لكنّها تعيش في فوضى كبيرة. إذا تركتها ساعات في المنزل وحدها، أجد ملابسها لدى عودتي على منضدة المطبخ، وداخل الثلاجة، وفي الحمام، وتحت السرير، وسأجد كوب الشاي في أحد أرجاء البيت وقد صار وليمة للنمل…عندما أوقظها صباحا، أترك قبلة على رأسها وأدعها تستعدّ، وأعود إلى المطبخ. أضع البيض على النار، وأجهّز إبريق الشاي. أُخرجُ رغيفي من الفرن ليبرد. أشغّل الراديو عن طريق المسجّلة القديمة، التي اشتريتها من سوق الرشيد ذات يوم، وأبحث عن فيروز تغنّي للصباح. زينب تعشق فيروز. أنا لا أحبها كثيرا. أجدها حزينة أكثر ممّا ينبغي. أحببت موسيقى الديسكو والريغي، وما وقعت عليه أذناي من موسيقى الرايْ. أفحص حرارة الرغيف الساخن، بينما يتسلّق بخاره من نافذة المطبخ تاركا عضلاتي في ارتخاء تام. لا يجب التلاعب بالرغيف وهو ساخن أبدا. يجب أن يرتاح دقائق. فاستواؤه لا ينتهي بإخراجه من الفرن. بعد وجبة الفطور، أملأ كأسيْ شاي إضافيين، ونتحادث قليلا. أشاكس زينب حتّى أحوّل عن جلدها توتّر التأخر عن العمل، فأنا أعرف تمام المعرفة أنّها تكره الصباح كبقية الليبيين. بعد الحديث أشغّل السيارة. لدينا سيّارة بيجو 404 موديل 69 مطلية بالتركوازي، ورثتها عن أبي. لقد بهت لون السيارة وكذا روحها التوّاقة إلى الطريق مع الزمن، لكنّها سيّارة مقبولة لم أستطع التخلّي عنها رغم ما تصنعه السيارات الجديدة من شهوة في صدري. أدع محرّك السيارة يسخن، بينما أشعل سيجارة الصباح، مترقّبا خروج زينب التي للأسف لم تتمكّن يوما من تعلّم القيادة. لكنّي مع السنوات صرت معتادا على مواعد عملها. أسلّمها للمؤسسة ثم أعود إلى البيت، أو أركن البيجو في وسط البلاد وأتمشّى في أزقتها، أو أجلس بعض الوقت في مقهى. أحيانا يتعيّن عليّ قضاء حاجة، أو الذهاب إلى مكان عملي الحكومي للاطمئنان على سير مرتّبي، أو لتوقيع الحضور ومن ثمّ العودة إلى البيت. الأمر يتوقف، دوما، على جدولي الصباحي، ولكنّي في الغالب أُنهي كل هذه المشاوير مبكّرا قبل العاشرة. لدى عودتي إلى المنزل، أغسل الملابس وأواني الفطور، وأرتّب الصالون وغرفة النوم أو أيّ مكان آخر وقع فريسة لفوضى زينب. وكانت تلك الفوضى هي التي تحدّد الوقت الذي أقضيه في ترتيب المنزل وتنظيفه، فقد يستمرّ ذلك دقائق أو ساعات، وقد أحتاج أحيانا إلى يوم آخر أو يومين. أعتني بالنباتات. في الحديقة. لديّ أزهار عبّاد الشمس، وهي قصيرة العنق، تحصّلت عليها من المدام. لديّ أيضا شجرة حنّاء، أو بالأحرى كانت لدى جدّتي، فورثها أبي منها. قطعتُ غصنا منها وأنبته في بيتي الجديد. من هذه الحنّاء أصبغ خنصري الأيمن ويدي زينب وقدميها، في الحديقة السفلية يوجد حبق، صبّار، نعناع… أحيانا، أتشجع لأتخلص من كسلي كالغبار، فأزرع الطماطم والفلفل. وأحيانا أخرى، أجهّز حبوب الذرة والبطيخ لزراعتها في الصيف، إن تذكرت. عندما أنتهي من النباتات في الحديقة ونباتات الزينة في الشرفة التي تعلو «الجنان» بمتر واحد، أنشر الغسيل على الحبل. لاحظت طوال حياتي أنّ النساء يكرهن نشر الغسيل، أو إعادة ترتيبه، لكنّي تعلمت الهدوء والغوص في أفكاري عند فعل ذلك. أبدأ بنشر موتانديات زينب الرقيقة والصغيرة، ثم موتاندياتي وهكذا. من القطع الصغيرة إلى الكبيرة. سرعان ما يأتي منتصف النهار، قبيل الضحى، أجهّز إبريق شاي بالقرفة، ثم أقضي ساعة أو ساعتين في مشاهدة التلفاز، ليس هناك الكثير لمشاهدته مع جهاز البثّ، أقلب القنوات العشرين التي في متناولي، حتّى أجد ما يمكنني مشاهدته، مباراة كرة قدم معادة، مسلسلا سوريا أو أتابع أخبار العالم. تأتي أيام ولا أشاهد إلا قناة الجماهيرية. أتابع فيها مؤتمرا أو خطابا للأخ القائد. عندما يصيبني الملل أنهض لأعدّ الغداء. أخرج من البيت لإحضار زينب، ثم نتغدّى. أقضي المساء في تجهيز خبز الغد، أو في صناعة الكعك والحلوى. في الليل ننشغل بمشاهدة التلفاز، أو الحديث، أو أذهب إلى «براكة» العبسي…

– موتانديات: جمع موتاندي Mutande بالإيطالية «سروال داخلي»

 

جوناثان سيلفرتاون.. عشاء مع داروين

يوجه الكاتب جوناثان سيلفرتاون Jonathan Silvertown، الأستاذ الجامعي للإيكولوجيا التطورية في جامعة إدنبرة الاسكتلندية، كلمته إلى القارئ مبينا الغاية من هذا الكتاب «عشاء مع داروين» بقوله: «أريدُك أن تتظاهر بأنّ ما تحمله بين يديك الآن ليس كتابا بقدر ما هو دعوة لعشاء… سيكون هذا العشاء مختلفا، سيكون عشاء للعقل. بالطبع، أنّ كلّ وجبة طعام تنتمي للدماغ، فهذا هو المكان الذي تتم فيه معالجة أحاسيس تناول الطعام وإدراكها، غير أنّ دعوتي ستكون للتفكير في ما نأكله بطريقة مختلفة. كمثال، ما القاسم المشترك بين البيض، والحليب والدّقيق؟ إن كنت من هواة الطبخ، فستدرك فورا بأنّها هي المكونات الرئيسة للفطائر. ولكن، هناك إجابة أخرى أكثر إثارة للاهتمام أيضا. لقد تمّ تشكيل كلّ من البيض، والحليب والبذور (التي يصنع منها الدقيق) بواسطة التطور لتغذية الأنسال. تأمّل بعمق هذه الحقيقة البسيطة، لتتفجر قصة كاملة من هذه الفكرة. يروي الكتاب هذه القصة، ليس لمكونات الفطائر فحسب، لكن لوجبات تتكون من 14 فصلا».

كتاب «عشاء مع داروين، فن الطبخ التطوري» دراسة علمية عن تطور الطعام ومكوناته المختلفة، وهو أيضا دراسة اجتماعية عن عادات الطعام المختلفة على مر التاريخ في محاولة فهم أصول وجباتنا الغذائية من آلاف السنين، يستلهم فيها بالأساس نظرية التطور لدى تشارلز داروين وكتابه الشهير «أصل الأنواع»، وإن شئنا القول تحديدا هو بمثابة الأنثروبولوجيا التطورية للطعام. فبخصوص الخبز الأكل الأكثر انتشارا يقول: «عندما صُنع لأوّل مرّة، مثّل الخُبز شيئا جديدا في تاريخ الأكل: أوّل طعام مُصنّع. من الواضح أن أيّ حقل للأعشاب البريّة لا يعدّ وجبة دسمة مثل التي يوفرها بَلح البحر، البصيلات، الفاكهة، والحيوانات البريّة. في البدء، يجب جمع بذور أعشاب الحبوب، دَرْسها، غربلتها لفصل القشور، طَحنها إلى الدقيق، ثم خلطها بالماء لصُنع العجين، ثم تخميرها، ثم طبخها قبل أكلها. يا له من جهد جهيد! ولكنّه في المقابل، أعطانا النكهة والتغذية الأشهى والأطيب، لدرجة أنّ كلمة الخبز أصبحت تعني الطعام نفسه.

في مطلع العصر الروماني، كان القمح والشعير من العناصر الغذائية الأساسية في أوروبا وجنوب غرب آسيا لآلاف الأعوام. لقد بُنيت مُدن روما القديمة واليونان وأهرامات مصر على الخُبز تماما كما بُنيت من الحجر. إنّنا نعرف بفضل علم الآثار، كيف كان شكل هذا الخُبز، بل حتّى كيف تمّ صُنعه».

يعتبر الكاتب أيضا أن عملية التدجين الواسعة كانت خاصية مهمة في تطور أشكال الطعام عبر الآلاف من السنين وفي مناطق مختلفة في العالم: «إنّ الذرة والملفوف والقرنبيط والماشية هي كلّها شهود على قدرتنا على إعادة تشكيل الطبيعة من خلال تطبيق القوة التطورية للتدجين. لقد قمنا، في العشرة آلاف عام الماضية، بإعادة تنظيم ومضاعفة الجينومات، ترتيب الجينات، وتسمين الحيوانات، مع جعل كلّ شيء في أسواق المنتجات أكبر وألذّ. ليست هذه لمسة فنيّة بقدر ما هي إنجازات علمية، مع بدايتنا لفهم جينات الانتقاء بصورة كافية في المائة عام الماضية فحسب لاستخدام هذه المعرفة. وسواء من خلال الفنّ أو العلم، فليس ثمّة شك بأننا قمنا بإعادة رسم وتشكيل المنظر الطبيعي من نافذة المطبخ. حتّى في أعماق غابات الأمازون المطيرة، توجد هناك نافذة مطبخية لقبائل السكان الأصليين مليئة… بالذرة والفاصوليا والبطاطا الحلوة والفاكهة المدجنة من قبلهم. هل البشر إذا، هم المسؤولون عن الطبيعة الصالحة للأكل؟ فعلنا ذلك، ويمكننا حتّى بناء أساس منطقي جيد لذلك». أمّا الحليب، في تصوّر الكاتب، فكان المادة الغذائية الأساسية في بقاء الكائنات الثدية حية، وانبنى عليها تطور هائل في نظامنا الغذائي: «الحليب هو الطعام الوحيد الذي يمكننا أن نقول بصدق إنّه تطوّر لاستهلاكنا. أمّا الجبن، هو نتاج مشاركة هبة تطورية مع كائنات حيّة أخرى تُبادل معنا جزءا صغيرا من محتواها الطاقيّ مقابل وفرة لا تنضب من النكهات. تعدّ الغدد الثدية ومنتجاتها الهائلة أحيانا مهمة جدا لتغذية جميع رضع الثديات وإبقائها حية لدرجة أنّ المرء قد يتساءل أنى لأسلاف الثديات العيش بدونها. هذا هو السؤال الذي يمكن طرحه حول أيّ تعديل. أصرّ تشارلز داروين بكتابه «أصل الأنواع» على أنّ التطوّر بواسطة الانتقاء الطبيعي، هو عملية تدريجية، وأنّ الطبيعة لا تقوم بقفزات، بل تتخذ خطوات صغيرة تراكمية تؤدي إلى تغيّرات كبيرة على مدى فترات طويلة جدا من الزمن. في الواقع، هو عدّ التدريجية العامل الأساسي للتطور بواسطة الانتقاء الطبيعي، وجعلها اختبارا لنظريته».

 

 

عزت القمحاوي.. الطاهي يقتل الكاتب ينتحر

ينحو كتاب المصري عزت القمحاوي «الطاهي يقتل الكاتب ينتحر» منحى مختلفا يمزج بين حدود غير فاصلة بين الكتابة والطبخ والسياسة، ومن خلال سلسلة من الاستطرادات والتقابل بين أشياء متباعدة في الظاهر، إلى بناء فهم جديد لجملة من المتناقضات والفوارق المختلفة، مركزا على مفهوم الأنوثة الذي يجعل منه قاسما مشتركا بين الكتابة والطبخ رغم المسافة المتباعدة بينهما ظاهريا. ففي فصول هذا الكتاب يقتسم معنا الكاتب عزت القمحاوي العديد من الأفكار حول علاقة الكتابة بالطبخ مع قارئ شغوف، بعد أن عاشت في داخله وقتًا طويلاً، وهو ما تبرزه مقدمة كتابه حيث يقول: «بسبب كل التشابهات بين الحكاية والطبخ اعتقدت دائمًا بأن الكتابة عمل أنثوي، وأن الكاتب الرجل بحاجة إلى وقت يقضيه في المطبخ لتأنيث روحه وتعويد حواسه على الرهافة، ومعرفة الاعتدال والقصد في طبخته الأدبية: القدر المناسب من المكونات الأساسية، كمية البهارات، أنواعها، وأوقات إضافتها، كذلك يساعده الطبخ في تربية حدسه على معرفة لحظة النضج، فلا يخرج عمله نيئًا أو شائطًا. أتصور أن الوقت الذى ينفقه الكاتب في المطبخ ضروري لبناء مهاراته في الكتابة، فهو وقت للتأمل وتفريغ التوتر والخوف من الكتابة ومن القارئ؛ فبالرغم من أن الكاتب يتوجه إلى محبيه بالأساس، إلا أنه لا يستطيع أن يتجاهل القارئ العدو، الذى سيسعى إلى الكتاب بحماسة تفوق حماسة القارئ المحب. الطاهى أفضل حظًا من الكاتب فليس من الوارد أن يطبخ المرء لعدوه إلا أن يكون أسيرًا أو زوجة لرجل عديم الحب أو خادمًا في بيت قليل الإنسانية. في غير هذه الاستثناءات القليلة يظل الطبخ تعبيرًا أمثل عن حب بلا خوف، وتحقيقًا لرغبة في التواصل لا يشوبها تردد. من هنا يصلح الطبخ وصفة طبية لراحة الكاتب والسيطرة على خوفه من الكتابة وجلب القارئ الحبيب. عندما يقف الكاتب ليطبخ تتحرر روحه من التفكير في العدو، ويتحرر جسده من تيبس وضعية الكتابة، وبالقدر نفسه يحتاج الطبَّاخ الجيد، إلى شغف وخيال الكاتب وحريته في التعامل مع طبخته، سأتذكر طويلًا بكل امتنان جلسة ذلك الضحى المشمس مع أمي. والتى أعادت لى طفولتى، وأنضجت في الوقت ذاته أفكارًا حول علاقة الكتابة بالطبخ يمكن أن أتقاسمها مع قارئ شغوف، بعد أن عاشت في داخلي وقتًا طويلاً، مشوشة كما في حلم، وحاضرة دومًا في شكل زورق من الأحاسيس، يسبح في نهر أيامي، يتناغى بداخله ذلك التوأم السعيد. وإذ حانت اللحظة ليرسو زورق أحاسيسي في كتاب، أشكر مقدمًا القارئ الحبيب، كما أشكر القارئ العدو، فالقارئ ـ حبيبًا كان أو عدوًا ـ هو الذي يؤسس لوجود الكتاب وحياته. وبالطبع أشكر كل من أكل يومًا ـ دون تذمُّر ـ طبقًا أعددتُهُ بِنوايا طيبةٍ وفرح ساذج».

 

في مطبخ الكُتّاب.. شهادات

يتحدث الشاعر العراقي سركون بولص عن علاقة الطبخ بالشعر عموما: «أعتقد أنّ الطبخ نوع من الشعر، نوع من الشعرية العملية والفيزيائية، لأن القصيدة في النهاية تؤكل، ولها طعم وشذى وتُشْبع. نعم، يمتلك الطعام سحرا آخر. ولكن الشعر الحقيقي يحبّ كلّ الأشياء المادية، ليس من أجل التملّك. ولكن من أجل الفنّ الإنساني الموجود في محتواها. ومن أجل ذلك هناك، طريقة التحضير، تذكروا أمهاتنا، كنّا مثل جراء صغيرة نتحلّق حول صحونهن وحول طناجرهن. نتوقع الرائحة، فما أجمل الجوع عندما تكون هناك رائحة الطعام! ونحن كم تجولنا في باريس وبيروت وفي مدن أخرى جياعا ننتظر أن نصل إلى مكان ما، إلى مطعم حقير أو رخيص أو شقة صديق حيث هناك الطعام الجيّد… الذي لا يملك الكثير يستمتع ببضعة دريهمات، عندما تقع في يده بالصدفة، أكثر من الغني.

… رغم أنّ ممارستي للطبخ أقلّ من كتاباتي الشعرية، فإنّي أتمنّى أحيانا أن يكون شعري بالجودة التي أطبخ بها، وهذا أمر صعب. لكنّي أتمنى من الشعراء العرب وخصوصا الشعراء الشباب منهم، أن يتعلموا ولو قليلا من الطبخ… وأن يتعلموا الكثير من هذا الفن الجميل».

***

أمّا الكاتب المغربي إدمون عمران المليح فكان معروفا عنه اهتمامه الشديد بالمطبخ المغربي بأصنافه المتعددة، وإتقانه طبخ الكثير من الأطباق العريقة. ففي حواراته أكّد مرارا على أهميته بقوله: «الطبخ هو فن وعنصر له مدلول عميق ومكان حاسم في التراث والثقافة المغربية من الضروري الاحتفاظ به». كان من المشهود له أنّه يحتفي بزواره بإعداد الشاي وفق طقوسه القديمة وتناوله بالطريقة المغربية بإعطائه الوقت الكافي واللازم له والاستمتاع بشربه، فيما يشبه نوعا من الاحتفال البهيج تماثله في الكثير من الأحيان طريقة الطبخ وإعداد الأطباق المغربية المعروفة… كان دائما حريصا على استقبال ضيوفه في بيته وإعداد الأكلات الشهية بنفسه في مطبخه. كان محبا للطبخ وعاشقا له، ويحبّ استضافة زواره والترحيب بهم ومشاركتهم ما يعدّه من أطباق لذيذة. وكان عندما يتحدث عن طبق من الأطباق أو حلوى من الحلويات المغربية أو أنواع من زيت الأركان، يكون ذلك دائما بنفس شعري ومحبة أصيلة.

***

أمّا الشاعر والروائي سليم بركات فيقول، في أحد البرامج التلفزيونية المسجلة، متحدثا عن علاقته بالطبخ: «أنا من النوع الذي لا يشرب الشاي أو القهوة ولا أدخن بعد أن توقفتُ عن ذلك منذ زمن بعيد. ليس لأسباب صحية، وحتّى لا تتم قراءة كلامي بالشكل الخاطئ فعموما الأشياء الصحية ليست طيبة والأشياء غير صحية هي الطيبة وهذه أمور معروفة للجميع. تبدو كلّ متع الحياة غير الصحية، هي الطيبة. أنا لا آكل الحلويات أو الشوكولاته. هذه الخزانة المليئة بأصناف الشوكولاته والحلوى هي لزوجتي وابني… وأنا أسمّي هذه الخزانة «حوش الشوكولاته». أنا شخص متقشف في أكلي قد أكتفي بقطعة لحم صغيرة في منتصف النهار…

كلّ معارفي كثيرا ما تنشب بينهم وبين زوجاتهم خلافات، بسببي وبسبب كوني أنا الذي يطبخ ويكنس في البيت بدلا من زوجتي، يقلن لأزواجهن: ولا رجل مثل سليم يفعل ذلك. أنا لا أنظر إلى زوجتي باعتبارها امرأة، بل باعتبارها شخصا آخر مثلي. أنا أحبّ الطبخ، لذلك أطبخ… هنا في مطبخي، خزانة للبهارات وكتب الطبخ. أنا أطبخ من مخيلتي… أحيانا للسهولة وانعدام فكرة لديّ في إعداد وجبة ألجأ إلى كتب الطبخ.

عندما أطبخ أكلة ما من مخيّلتي، وأدخل فيها تركيبات متعددة ومختلفة، وتلقى إعجاب الأسرة.. يحدث بعد أسبوعين أو أكثر أن يطالبونني بإعدادها، فأجد نفسي قد نسيتها تماما. وجبتي الرئيسية والمهمة تتمثل في وجبة الغداء، وفي العشاء قد أكتفي ولو بالقليل من الخسّ. الإفطار بدوره قليل من الحليب والخبز والعسل.

 

رف الكتب

أصوات مراكش

زار إلياس كانيتي (1905- 1994) مدينة مراكش بمحض الصدفة، إذ كان برفقة أحد أصدقائه الذي أتى إليها من أجل إنجاز فيلم سينمائي. ويبدو أن مدينة مراكش أيقظت في إلياس كانيتي سيلا من التداعيات والانطباعات الخاصة عن المكان وبعض مظاهره التي كانت بالنسبة إليه محط تأمل عميق، فكان كتابه «أصوات مراكش»، الذي هو عبارة عن تحقيق ينتمي إلى أدب الرحلة، قد حاز على شهرة عالمية. في كتابه يصف تجربته في مدينة مراكش، متأملا أصواتها وتأثيرها عليه، قائلا: «خلال الأسابيع التي أمضيتها في مراكش لم أبذل محاولة للإلمام بالعربية أو بأيّ من لغات البربر. فقد رغبت في ألا أفقد شيئاً من قوة هذه الصيحات غريبة الوقع. أردت أن تؤثر فيّ الأصوات بقدر ما يكمن في قدرتها، دون أن تخففها معرفة معيبة ومصطنعة من جانبي. لم أكن قد قرأت شيئا عن هذه البلاد، كانت عاداتها مجهولة لي مثل شعبها، وتهاوى عن القيل، الذي يلتقطه المرء على امتداد حياته عن كل بلد وعن الشعوب جميعا، خلال الساعات القليلة الأولى. لكنّ كلمة «الله» بقيت، لم يكن ثمة سبيل للالتفاف حول هذا، وقد تسلمت بها لذلك الجانب من تجربتي الذي كان أكثر شمولا، إصرارا، وإلحاحا في حضوره: لقاء العميان.

… ألفيت نفسي هذا العام فجأة، لدى وصولي إلى مراكش، وسط العميان… معظمهم يتكففون الناس. وقفت بإزائهم، جامدا مثلهم، دون أن أتبيّن على وجه اليقين ما إذا كانوا قد استشعروا وجودي أم لا. كان كل رجل يمسك وعاء خشبيا للصدقات، وحينما يلقي أحد بشيء لهم، فإنّ القطعة النقدية تنتقل من كف إلى أخرى، يتحسسها الرجال جميعا… قبل أن يدسها أحد، تلك مهمته، في كيس نقود… يهب العميان للمرء اسم الله، يبدؤون باسم الله، يختتمون به، يكررون اسمه عشرة آلاف مرة كل يوم… وما نداءاتهم إلّا توشيحات عربية صوتية تدور حول اسم الله، لكن ما أعظم قدرتها على التأثير… إنّ تكرار الصيحة ذاتها يميز من تصدر عنه. يلتصق بذاكرتك، تتعرفه، فيظل هنالك أبدا، يمكث هناك بوضعية بالغة التحديد.

بعد عودتي من مراكش، اقتعدت الأرض ذات مرة مغمض العينين، متربعا في ركن حجرتي، حاولت أن أردد «الله ! الله ! الله !» مرارا وتكرارا لمدة نصف ساعة، بالسرعة وبالارتفاع المناسبين. حاولت أن أتصور نفسي عاكفا على ترديدها نهارا كاملا وجانبا من الليل، أغفو قليلا، أعاود الترتيل كرّة أخرى… فهمت السحر الكامن في حياةٍ تجرّد كل شيء إلى أبسط ضروب التكرار… أدركت من هم أولئك العميان حقا: إنّهم قديسو التكرار، لقد تآكل من حياتهم معظم ما لا يزال يراوغ التكرار في حياتنا، هاربا منه. هناك البقعة التي يقعون أو يقفون بها، ثمة الصيحة التي لا تتبدل. هناك العدد المحدود من القطع النقدية، التي بمقدورهم أن يأملوا في الحصول عليها. هناك المحسنون، بالطبع، الذين يختلفون، لكن العميان لا يرونهم وطريقتهم في الإعراب عن شكرهم تؤكد، على وجه اليقين، أنّ المحسنين بدورهم سواسية جميعا.

 

مقتطفات

 

عصر رأسمالية المراقبة

شوشانا زوبوف Shoshana Zuboff عالمة اجتماع أمريكية وأستاذة العلوم الاجتماعية في جامعة هارفارد، من أوائل من انتبهوا إلى هذه الظاهرة الجديدة المرتبطة بالعصر الرقمي التي أطلقت عليها اسم عصر رأسمالية المراقبة، وهو بالمناسبة عنوان كتابها المثير للجدل، حيث اعتبره البعض إنذارا قويا بمجموعة من التحولات العميقة في النظام الرأسمالي الحالي ستقلب كلّ المعادلات الاقتصادية التي قام عليها والبنيات الأساسية التي يرتكز عليها. فهي تعتبر أنّ دينامية الرأسمالية دفعتها إلى تحويل ما كان لحدود الآن خارج نطاق السوق إلى سلع، وصار الأمر مع رأسمالية المراقبة مرتبطا بالتقاط وتصيّد التجربة الإنسانية، لكي يتمّ استعمالها وتوظيفها كمادة أولية لأجل تحويلها إلى تنبؤات سلوكية يمكن استغلالها بدورها على صعيد سوق جديدة. فمن المفترض فينا أن نكون مستخدمين لكل من غوغل وفايسبوك، غير انّ هاتين المنصّتين الرقميتين تستعملان ما لديهما حول سلوكياتنا الخاصّة كي تعمل على تحويلها، اعتمادا على خوارزميات الذكاء الاصطناعي، إلى تنبؤات سلوكية، بعض هذه المعلومات يمكن أن يتمّ استعماله لتطوير خدماتها وتحسينها، لكنّ القسم الأعظم منها يكتسب قيمته من وظيفته التكهّنية. وبالتالي فمزاعم هذه الوسائط الرقمية في إسداء الخدمات المعرفية والتواصلية على المستوى الاجتماعي والإنساني، قد يبدو ظاهريا أنّ هذا هو المأمول منها، ففي نظرها: «كان ذلك هو الحلم الأصلي للثورة الرقمية، بمعنى أن يستطيع المجتمع، بفضل كل هذه المعطيات، اكتساب كتلة من المعلومات تتيح له معرفة نفسه وإدارتها بشكل أفضل. وتلك هي الحجة التي يتمّ الدفع بها… لكل ذلك نقول إنّ المعلومة ـ بعيدا عن أن يتم استخدامها في علاج السرطان، أو تجنب الكارثة البيئية أو التخفيف من المجاعة في العالم ـ تبقى مفيدة في إرضاء الأهداف التجارية لزبائن خواصّ، وليس في خدمة أهدافنا نحن. والشيء الوحيد الذي يمكنه الحد من توسع رأسمالية المراقبة هو القانون، لكن في الولايات المتحدة، على الأقل، ليس هناك أي قانون تمّ تصوره لمواجهة هذا التأثير. لقد صرنا أبعد ما نكون عن حلم غوتنبرغ باقتسام المعارف، وعُدْنَا القهقرى إلى عصر ما قبل غوتنبرغ الذي يتّسم بتركيز المعرفة والسلطة بين أيدي القلّة».

 

 

متوجون

 

مغاربة في القائمة الطويلة لجائزة الشيخ زايد للكتاب

تمّ الإعلان، مؤخرا، عن القائمة الطويلة لجائزة الشيخ زايد للكتاب في دورتها التاسعة عشرة لعام 2024- 2025. وضمت القائمة الكتاب المغاربة على النحو التالي:

فرع «الآداب» الكاتب المغربي البشير الدامون «لسان الدين ابن الخطيب ذو القبرين أو خريف غرناطة» عن منشورات باب الحكمة في 2023. الكاتب المغربي حسن أوريد «الباشادور» عن المركز الثقافي للكتاب 2024.

فرع «المؤلف الشاب» الكاتب المغربي المهدي مستقيم «إبيستمولوجيا الاعتقاد الديني وأخلاقياته» عن استفهام للنشر والتوزيع في 2024. والكاتب المغربي عبد الرزاق المصباحي «الرواية والحدود.. من التقاطبية الثقافية إلى الفضاء الثقافي» عن مؤسسة الرحاب الحديثة 2024. والكاتبة المغربية فتيحة غلام «شعرية القيم في السيرة الشعبية العربية، سيرة عنترة بن شداد» عن مؤسسة آفاق 2022. والكاتب المغربي منير بورد «بلاغة الخطاب الفلسفي.. نماذج تحليلية من كتابات محمد عابد الجابري» عن دار كنوز المعرفة للنشر والتوزيع 2023.

وفي القائمة الطويلة، أيضا، «طيف سبيبة» للكاتبة لطيفة لبصير من المغرب، الصادر عن المركز الثقافي للكتاب في 2024. وأخيرا القائمة الطويلة لفرع «تحقيق المخطوطات» الكاتب المغربي محمد الطبراني «مغازي سيدنا محمد «ص»» عن منشورات البشير بن عطية 2023. وسيتم الإعلان عن القوائم القصيرة في شهر مارس 2025.

جدير بالذكر أن جائزة الشيخ زايد للكتاب من الجوائز الدولية المرموقة، تكرم الأعمال الإبداعية والأدبية النوعية، وتمنح لصناع الثقافة والناشرين والكتاب والمبدعين والشباب في مجالات الأدب والعلوم الإنسانية والفنون واللغة العربية والمخطوطات وغيرها، دعماً للمشهد الثقافي العالمي ومساهمة في بناء جسور حضارية قائمة على قيم الحوار البناء والسلام والتعايش. وهي جائزة مستقلة تُمنح كل سنة لصناع الثقافة، والمفكرين والمبدعين، والناشرين والشباب، عن مساهماتهم في مجالات التنمية، والتأليف والترجمة في العلوم الإنسانية التي لها أثر واضح في إثراء الحياة الثقافية والأدبية والاجتماعية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى