فلوس الخاريج
يونس
بين العمل الخيري والإدارات العمومية خيط رفيع. لا تعرف أحيانا متى ينتهي الأول ومتى تبدأ مجهودات الدولة.
أروقة الاتحاد الأوربي المتخصصة في دعم المشاريع الاجتماعية والانسانية والتنموية صادقت مؤخرا على ميزانيات تمويل عدد من المشاريع لصالح مؤسسات ومنظمات غير حكومية وأحيانا غير ربحية، لصالح جمعيات يقع بعضها في المغرب.
في الوقت الذي تبرر فيه الحكومة إنجازاتها التي تحتاج إلى حبر سري لاكتشافها، يعمل جيش من الجمعيات سنويا على مشاريع تنموي تعوض تقصير بعض المؤسسات العمومية للأسف في فك العزلة عن عدد من المناطق. لذلك ليس غريبا أن تجد شراكات بين جمعيات محلية في المغرب المنسي وبين الاتحاد الأوربي أو منظمات غير حكومية تابعة لحكومات ألمانية تدعم مشاريع تنموية وأخرى كالتزويد بالماء الصالح للشرب وتزويد المدارس بأجهزة الحواسيب والطاقة الشمسية. دون الحديث عن الشراكات بين جمعيات طبية وجمعيات محلية تبرمج سنويا قوافل طبية لعلاج ضحايا سنوات الرصاص والقرى المعزولة التي بقيت منسية منذ أن كانت مسرحا لأحداث تتعلق بأمن الدولة مثل مناطق نواحي تنغير التي شهدت أحداث مارس 1973.
ولعله من الطريف ذكر كيف أن جمعية سويسرية وثقف في جمعية مغربية أسسها مهاجر مغربي رفقة أفراد عائلته في الجنوب المغربي وأصبح يتسول بها في مدن سويسرا بحثا عن الدعم. في الشتاء يجمع الملابس وفي الربيع يجمع آلات التبريد وأجهزة التلفازوفي الصيف يصادر الدراجات الهوائية حتى لو تركها أصحابها مركونة لاقتناء دواء من الصيدلية. ويرحل الغنيمة مرفوقة بالأدوية وأجهزة قياس الضغط وكراسي العجلات التي يحصل عليها جميعا بالمجان ويذهب بها إلى مقر الجمعية التي ليست في الواقع إلا دكانا لبيع الملابس والأغراض المستوردة. ولكم أن تتصوروا كم من الحالات يمكن رصدها في هذا الباب.
هذا لا يمنع بطبيعة الحال من الإشادة بعدد من المهاجرين المغاربة الذين حولوا القرى التي ينتمون إليها إلى مقاطعة أوربية بفضل التجهيزات التي يرسلونها بانتظام لفك العزلة عن عائلاتهم. حيث لا تجد في تلك المناطق إلا المقاهي ووكالات تحويل الأموال التي تصرف فقط ولا تقوم بعمليات الارسال إلا نادرا. البلد كلها في حالة انتظار. ولولا هذا التكافل الاجتماعي لكانت مشكلة الحكومة مع الأرامل أكبر مما هي عليه الآن. فمشكلة الاسلاميين أنهم يرون أن الانجاز الأمبر الذي حققوه خلال هذه السنوات السبع، لا حاجة طبعا لنعتها بالسنوات العجاف، هو صرف الاعانات للأرامل وتفعيل برنامج “راميد”. والحقيقة أن المال القادم من أوربا للجمعيات وللعائلات في إطار التكافل العائلي هو الذي يجعل السواد الأعظم المغاربة قادين على الاستيقاظ في بداية الاسبوع والتوجه إلى المارشي لملئ القفة. أما المشرفون على تدبير الشأن العام في هذا البلد فكبيرهم لا يزال منهمكا في تدبير “دارت” لكي يكمل بناء فيلا ل”دواير” الزمان. ما دام ليس هناك أحد من عائلته بالخارج.