شوف تشوف

الرئيسيةسياسية

فكرت في الهروب لكن كيف لأسير يعتمد في تحركاته على عكاز أن يهرب من السجن والسجان؟

مانسيناكش علي عثمان (طيار مغربي أسير سابق للبوليساريو):

حسن البصري

في هذه الفترة التي نتحدث عنها كانت البوليساريو قد فتحت جبهة أخرى ضد موريتانيا؟

هناك عمليات عسكرية قامت بها البوليساريو ضد موريتانيا، وهنا أذكر معارك تيشلا وأم كرين، ثم معركة أوسرد. وهي معارك قديمة من حيث الزمن وأعقبت حصول المغرب على الصحراء وتخصيص منطقة وادي الذهب لموريتانيا، عندما دخلت قوات الجيش الموريتاني الجزء الجنوبي من الصحراء، التي كانت المنطقة المتفق على أن تضمها موريتانيا في اتفاق مدريد. وووجهت القوات الموريتانية من مقاتلي جبهة البوليساريو، مما اضطر الجيش المغربي إلى التدخل لصالح موريتانيا. بنهاية عام 1975، سيطرت موريتانيا على النصف الجنوبي، أو ما يعرف بجهة وادي الذهب. إبان المعارك التي كانت مشتعلة في الجبهة الجنوبية والتي استهدفت موريتانيا، ساهمت بدوري في المعارك بالتصدي لفلول البوليساريو حين طلبت موريتانيا دعم الطيران المغربي.

لكن موريتانيا ستغير موقفها وستمد يدها للبوليساريو؟

حصل هذا حين عجزت القوات المسلحة الموريتانية عن وقف هجمات البوليساريو والتي استهدفت مناجم الزويرات، مع ما ترتب عليها من ضرر اقتصادي لدولة مثل موريتانيا، خاصة على المستوى العسكري، حين حصل إنهاك حقيقي للقوات الموريتانية أمام شدة الهجمات القادمة من البوليساريو، سيما حين وصلت قواتها إلى مشارف نواكشوط، وكانت تستعمل أسلحة «ستالين».

هذا ما سيجبر الموريتانيين على الانسحاب من وادي الذهب؟

أولا يجب أن نتوقف عند اتفاقية مدريد الثلاثية، الموقعة بين المملكة المغربية والمستعمر السابق إسبانيا، ثم موريتانيا، والتي منحت المغرب إقليم وادي الساقية الحمراء، والجارة الجنوبية في عهد المختار ولد داداه. في سنة 1976 بسطت موريتانيا حكمها على إقليم «تيرس» وهذه تسميته القديمة، ستضطر موريتانيا إلى الانسحاب من هذا الإقليم، رغم أن اتفاقية الدفاع المشترك تجمعها بالمغرب. لكن الوضع السياسي في موريتانيا كان متقلبا وشهد عدة انقلابات وهدنة مع البوليساريو، قبل أن تعود الجبهة إلى حمل السلاح مجددا في يوليوز سنة 1979 من خلال عملية عسكرية بمنطقة «تيشلا»، التي كانت آخر مواجهة بين الطرفين، أعقبتها اتفاقية هدنة مع البوليساريو تحت وصاية الجزائر، ستتوج  بدخول اتفاقية السلام بينهما، الشيء الذي لم يهضمه الملك الراحل الحسن الثاني، الذي اعتبرها خيانة للمغرب، لتلج القوات المسلحة الملكية المغربية إقليم وادي الذهب، في الرابع عشر غشت من سنة 1979، معلنة الإقليم مغربيا مسترجعا. الحسن الثاني طالب بحق الشفاعة، ثم أعلن وادي الذهب إقليما مسترجعا.

هذه الخطوة ستغضب الجزائر؟

طبعا ستغضب الجزائر وليبيا أيضا، لقد كان القذافي أكبر ممول للبوليساريو منذ البدايات الأولى لنشأتها، بل كان منظرا إيديولوجيا لهذه الحركة الانفصالية، وحين سقط نظامه خسر جيراننا ومعهم البوليساريو حليفا من وزن ثقيل ظل يمدهما بالأسلحة والعتاد بسخاء. اليوم الجزائر هي المدعم الوحيد لطرح البوليساريو، وحتى وجود جنوب إفريقيا في صف الجزائر، إلا أن دعمها لا يصل أبدا إلى دعم القذافي.

نعود إلى يوميات الأسر، لماذا لم تفكر في الهروب؟

كأي أسير في العالم، كانت فكرة الهروب تداهمني، لكن على الواقع كانت مستحيلة، لعدة أسباب أبرزها وضعيتي الصحية، فعلى امتداد فترات الأسر كنت في الغالب أعتمد على عكاز، بسبب الكسر الذي تعرضت له منذ سقوطي في الأسر. كان من الصعب علي أن أمشي بشكل طبيعي فما بالك بالهروب، ونحن نعرف أن الحراسة الدقيقة التي لازمتني، خاصة في سجن بوغار وغيره من سجون الجزائر.

لكن هناك ضباط نفذوا عمليات هروب؟

كما قلت يصعب علي الهروب، لكنني كباقي المعتقلين كنت أتمنى أن أركب طائرة أو شاحنة تأخذني إلى وطني. أتذكر الهروب الأسطوري لصديقي الطيار حسن المرضي، الذي فاتحني في الموضوع قبل إقدامه على الفرار، ناقش معي الفكرة التي تسكنه، وكنا ننبهه إلى طول المسافة بين الرابوني وأقرب منطقة المحبس، أي حوالي 75 كيلومترا، التي عليه أن يقطعها في ظرف زمني محدد في أقل من عشر ساعات، حتى لا يخضع لمطاردة سريعة من البوليساريو وإعادته إلى السجن، حينها سيكون في عداد المفقودين.

ماذا قال لك المرضي؟

لقد سمح للأسرى بالحق في ممارسة الرياضة، لكن من سيمارس التمارين الرياضية وغالبية المعتقلين يجترون إصابات. البعض كانت تراودهم بشكل فردي فكرة التخطيط للهروب، لكن لا أحد يتحدث في هذا الموضوع، بل إن أي فكرة تمرد غالبا ما يتم التفكير فيها بشكل سري. وحدهما المرضي والملازم أستاتي ثابرا على الرياضة بغاية الهروب. لكن هذا الأخير الذي قام بالمبادرة سنة 1987 غادر مركز الاعتقال مباشرة بعد مناداة المساء، منتهزا غفلة من رئيس المركز، ليتبخر في الطبيعة، لكنه اعتقل في اليوم الموالي وأعيد إلى المركز، حيث لم يقتصر التعذيب عليه وحده، بل ذاق المرارة جميع الأسرى، خاصة الذين كان يرافقونه في الأسر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى