محمد اليوبي
تفجرت فضيحة من العيار الثقيل بوزارة التجهيز والنقل، بعد استحواذ مكتب دراسات مقرب من إحدى الشركات العملاقة على كل الصفقات التي أطلقتها الوزارة بخصوص إعداد المخططات الجهوية لتدبير المقالع، المنصوص عليها في قانون استغلال المقالع، بغرض توجيه نتائج دراسات التأثير على البيئة للوبي جرف رمال البحر.
وأوضحت المصادر، أن لوبي مقالع جرف الرمال تمكن من اختراق وزارة التجهيز والنقل، مستعملا حيلا في غاية الخطورة الغرض منها الالتفاف على القانون 13-27 الخاص باستغلال المقالع وإفراغه من مضمونه، حيث تضمن هذا القانون الصادر في صيف سنة 2015 شروطا صارمة لاستغلال المقالع البحرية نظرا لتأثيرها الخطير على الثروة السمكية وعلى المجال البيئي، وربط قانون الترخيص باستغلال المقالع بوجود مخططات جهوية لتدبير المقالع تتكلف بإنجازها مكاتب دراسات معتمدة لفائدة وزارة التجهيز والنقل، وتعتبر هذه المخططات بمثابة خارطة طريق لنشاط استغلال المقالع ستحدد المناطق القابلة للاستغلال وكذا المناطق التي يمنع فيها الاستغلال.
وكشفت المصادر، أن لوبي المقالع البحرية أدرك أن نتائج هذه المخططات لن تكون في صالحه على اعتبار أن جرف رمال البحر له تكلفة بيئية جد كبيرة وأن أغلب دول العالم قد منعته نهائيا، فقد دفع بأحد مكاتب الدراسات الموالي له للمشاركة في طلبات العروض المتعلقة بالمخططات الجهوية لتدبير المقالع بكل جهات المملكة التي لها واجهة بحرية، حيث تمكن هذا المكتب من الحصول على كل الصفقات بتقديمه لعروض أثمان هزيلة لا تغطي حتى تكلفة هذه الدراسات ولا تتعدى في غالب الأحيان 60 بالمائة من تقديرات الإدارة، والغرض من الاستحواذ على هذه الدراسات، حسب المصادر، هو إعدادها على مقاس لوبي جرف رمال البحر، وذلك بتشجيع مقالع الرمال البحرية على حساب مقالع الرمال البرية، وتمكين هذا اللوبي من تجاوز الموقف الرافض لوزير التجهيز والنقل واللوجستيك والماء، وكذا وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات عزيز أخنوش.
وأفادت المصادر بأن نتائج هذه الدراسات معروفة مسبقا، أي حتى قبل إنجازها، حيث ستفتح سواحل المملكة وشواطئها لعمليات جرف الرمال، ما جعل العديد من المهنيين يطالبون الوزير اعمارة بفتح تحقيق في الموضوع، والتدقيق في الملف التقني لمكتب الدراسات، الذي أشرف على إنجاز كل الدراسات التي قام بها لوبي جرف الرمال منذ سنة 2007، ما يجعله في حالة تناف، وكل الدراسات التي أنجزها المكتب المسجل باسم زوجة أستاذ جامعي يشتغل بجامعة أبي شعيب الدكالي بالجديدة، تخلص كلها إلى نتيجة واحدة «مخدومة»، وهي غياب أي تأثير على المجال البيئي، حتى أضحى يلقب بـ»صفر تأثير على البيئة». كما نجح هذا اللوبي في استعمال أحد الأطر السابقة بوزارة التجهيز والنقل (ع.ت) كوسيط داخل وزارة التجهيز والنقل، حيث كلفه بالتأثير على مواقف مسؤولين بارزين بالمصالح المركزية لهذه الوزارة وتلبية طلباتهم مقابل السكوت عن تجاوزات هذا اللوبي ومده بمعلومات سرية تساعده على نسف مجهودات الوزير اعمارة المتعلقة بتنظيم قطاع المقالع. وتمكن هذا الإطار المتقاعد من فرض نفسه كخبير في قطاع استغلال المقالع، حيث أصبح يعرض خدماته على المديرين الجهويين والإقليميين للتجهيز ويسعى إلى تنظيم ورشات تكوينية تهدف إلى الترويج للوبي نهب رمال البحر.
وحسب مصدر موثوق من الوزارة، فإن الوزير بدأ يفقد المبادرة في مجال تدبير المقالع بعد الضربات الاستباقية التي تلقاها من هذا اللوبي الذي تمكن من توسيع شبكة علاقاته داخل الوزارة، وأصبح يجهض كل قرار صادر عن الوزير لا يخدم مصالحه، وخير دليل على ذلك استمرار هذا اللوبي في نهب آلاف الأمتار المكعبة من الرمال من شاطئ مهدية بصفة غير قانونية، وذلك منذ فاتح أبريل 2019 دون أن يتمكن الوزير من وقف هذا العبث، رغم قراره بمنع التصرف في المواد المجروفة في إطار صفقات جرف الصيانة، ويستعد هذا اللوبي حاليا لنيل صفقة جرف رمال شاطئ العرائش تحت ذريعة صيانة وتعميق المجرى الملاحي.