محمد اليوبي
تفجرت فضيحة من العيار الثقيل بوزارة التجهيز والماء، بعد تسجيل تلاعبات في التعويضات المخصصة لنزع الملكية من أجل المنفعة العامة، بالعديد من المديريات الإقليمية التابعة للوزارة، وكذا إقامة مشاريع كبرى دون اتباع المسطرة المعمول بها لنزع الملكية، ما جعل المتضررين يلجؤون إلى المحاكم الإدارية لطلب الإنصاف، ما سيغرق الوزارة بالملفات والأحكام القضائية.
وأفادت المصادر بأن وزارة التجهيز تعرف فوضى عارمة منذ تعيين نزار بركة، الأمين العام لحزب الاستقلال، على رأسها، ما جعل بعض المسؤولين على الصعيدين المركزي والإقليمي يمارسون الشطط في حق المواطنين، على غرار ما وقع بإقليم تاونات، حيث تم الشروع في إقامة ورش بناء سد كبير، دون تعويض المتضررين من عملية نزع الملكية، ودون اتباع المسطرة المعمول بها، بدعوى أن الأمر يتعلق بمشروع ملكي، وهو الأسلوب نفسه المعتمد في أوراش أخرى.
وأكدت المصادر أن بركة يواصل العمل بالعقلية ذاتها للوزيرين السابقين عن حزب العدالة والتنمية، اللذين تعاقبا على تدبير القطاع، ما جعل خزينة الدولة تتكبد خسائر بالملايير لتنفيذ الأحكام القضائية الصادرة ضد الوزارة، وذلك بسبب عدم احترام ضوابط نزع الملكية، ما يفرض على الدولة أداء تعويضين عن العقار نفسه، التعويض الأول المتعلق بالأضرار اللاحقة بصاحب العقار جراء منعه من استغلاله، والتعويض الثاني المتعلق بقيمة ما تم الاستيلاء عليه من عقار في إطار القواعد «العامة» للتعويض، وبدون التقيد بالمعايير والمزايا التي يخولها القانون للإدارة، في إطار الفصل 20 من قانون نزع الملكية، وهكذا فالدولة تتكبد خسارتين في كل ملف اعتداء مادي، الخسارة الأولى والمتمثلة في الفرق بين القيمة المعتمدة للتعويض عن الاستيلاء، والخسارة الثانية تتعلق بالتعويض عن الحرمان من الاستغلال، ابتداء من تاريخ وضع اليد إلى تاريخ صدور الحكم.
وحسب معطيات حصلت عليها «الأخبار»، فقد تم الحجز على أزيد من 30 مليار سنتيم بحساب الوزارة المفتوح لدى الخزينة العامة، لتنفيذ أحكام وقرارات قضائية نهائية صادرة في حقها، وأفادت مصادر من الوزارة بأنه بالنسبة لتنفيذ الأحكام القضائية والقرارات القضائية الصادرة في مواجهة الوزارة، فقد عرفت هذه السنة على غرار السنوات السابقة الحجز على اعتماداتها المالية بين يدي الخازن الوزاري المعتمد لديها، في إطار مسطرة الحجز ما للمدين لدى الغير التي تمت مباشرتها على الخصوص من طرف المحكمة الإدارية بالرباط، حيث بلغ المبلغ المحجوز عليه إلى حدود الآن حوالي 30 مليار سنتيم، تنفيذا لأزيد من 200 حكم قضائي، بالإضافة إلى 528 حكما قضائيا نفذتها الوزارة بشكل تلقائي، خلال هذه السنة، بمبلغ مالي قدره 32 مليار سنتيم، لتصل مجموع المبالغ إلى 62 مليار سنتيم. وكشفت المصادر ذاتها أنه خلال السنة الحالية، قامت الوزارة بتفويض اعتمادات مالية بلغت حوالي 200 مليون درهم للمصالح الترابية للوزارة، من أجل تنفيذ الأحكام والقرارات القضائية على الصعيد المحلي.
وبلغ عدد الأحكام القضائية الصادرة ضد الوزارة منذ سنة 2012 ما يناهز 4 آلاف حكم قضائي، كبدت خزينة الدولة مبالغ مالية تفوق 522 مليار سنتيم، حيث تخسر الوزارة جل الدعاوى القضائية المرفوعة ضدها، واستعان نزار بركة بمحامين جدد تعاقدوا مع الوزارة، أغلبهم ينتمون إلى حزب الاستقلال.
وأصدرت المحكمة الإدارية بالرباط أحكاما تقضي بتنفيذ أحكام قضائية صادرة ضد الوزارة، وتم تنفيذ الأحكام بالحجز على ما يناهز 300 مليون درهم من أموال الوزارة، وذلك بعد موافقة الخازن المالي للوزارة على تنفيذ أحكام الحجز، وإقراره بوجود سيولة مالية في خزينة الوزارة، ويعود سبب حجز أموال وزارة التجهيز إلى تنفيذ أحكام قضائية صادرة ضدها، تتعلق بتعويضات نزع الملكية من أجل المنفعة العامة.
وسبق للمجلس الأعلى للحسابات أن رصد اختلالات في مسطرة نزع الملكية، وأكد تقرير للمجلس أن الإدارة تلجأ إلى وضع يدها على العقار قبل استكمال الشروط المحددة قانونا، الأمر الذي يترتب عنه نشوب نزاع قضائي بين صاحب العقار وبين الإدارة التي وضعت يدها على العقار، وبالتالي تكون الدولة، بصفة عامة، طرفا في دعويين قضائيتين بخصوص العقار نفسه، وهما دعوى نزع الملكية ودعوى الاعتداء المادي، ولذلك فإن عدم احترام الإدارة للمقتضيات القانونية المؤطرة لنزع الملكية لأجل المنفعة العامة، يتسبب في نزاعات قضائية تفضي بالحكم على الإدارة بتعويض صاحب العقار المعتدى عليه عن الأضرار اللاحقة به جراء منعه من استغلال عقاره، وبذلك تكون النتيجة الحكم على الإدارة بمبالغ مهمة.