الـمَهْـدِي الـكَــرَّاوِي
اهتز مجلس مدينة آسفي، برئاسة العمدة الإسلامي عبد الجليل لبداوي، على وقع فضائح ثقيلة بقسم التعمير، دفعت بالعمدة إلى احتواء تداعياتها وعدم وصولها إلى القضاء، حيث قام بإعفاء رئيس قسم التعمير في البلدية من مهامه، بعد انكشاف وثائق إدارية تورط مجلس مدينة آسفي في تشجيع البناء العشوائي.
وأوردت مصادر من مجلس آسفي أن العمدة عبد الجليل لبداوي تلقى تقريرا أسود من قبل نائبه الاستقلالي المفوض له في قطاع التعمير، ورفض في بداية الأمر إعفاء رئيس قسم التعمير، قبل أن تتطور الأمور ولجأ تحت الضغط إلى تقديم رئيس قسم التعمير كبش فداء، للتستر على وثائق وخروقات كبيرة تهم الشهادات الإدارية التي تمنحها بلدية آسفي إلى أصحاب البنايات العشوائية من أجل تمكين مافيا البناء العشوائي من ربط هذه البنايات بالماء والكهرباء.
وتزامن إعفاء رئيس قسم التعمير في مجلس مدينة آسفي مع أشغال اليوم الدراسي الذي نظمته المحكمة الابتدائية لآسفي، بشراكة مع العمالة والبلدية، حول موضوع «مستجدات القانون المتعلق بزجر المخالفات في مجال التعمير والبناء». وبعد الكلمة القوية لوكيل الملك في المحكمة الابتدائية لآسفي، الذي أشار إلى أن القانون الجديد يحمل المسؤولية الجنائية لممثلي السلطة المحلية كضباط للشرطة القضائية في مجال مراقبة وزجر مخالفات التعمير والتبليغ عن المخالفات داخل أجل 48 ساعة، وإلا اعتبروا بحكم القانون مشاركين في الجريمة.
وتشهد مدينة آسفي هذه الأيام موجة مد غير مسبوقة في البناء العشوائي، خاصة في الأحياء الجنوبية التي شكلت في الانتخابات التشريعية والجماعية السابقة خزان أصوات حزب العدالة والتنمية، وهو ما دفع بمجلس مدينة آسفي إلى فرض حالة عفو شامل على المخالفين في مجال مراقبة البناء العشوائي، مما ساهم في ظهور أحياء جديدة بدون رخصة وبدون تصاميم هندسية وغير مرتبطة بشبكة التطهير السائل.
وتعرف مناطق الدريوشات والعريصة 2 و3 و4، واعزيب بلا، وأولاد عبد الرحمان، والعريبات، وبلاد السي عباس، والشيشان، ودوار الرمل، وتاكابروت، والجبارات، أعلى معدلات البناء العشوائي، حيث تحولت أراض ومساحات فارغة كبيرة إلى أحياء سكنية بآلاف المنازل التي بنيت بدون رخصة، وتعرف أعلى معدلات الفقر والتهميش وافتقارها للبنيات التحتية، مع ما ستكلفه هذه الأحياء العشوائية من ميزانيات مالية ضخمة غير متوفرة لمجلس المدينة من أجل إعداد دراسات التهيئة وتنفيذ مشاريع ربطها بالبنيات التحتية وفك العزلة عنها. كما أن مجلس مدينة آسفي، الذي يسيره حزب العدالة والتنمية، يرفض حتى الآن إنجاز محاضر لمخالفات البناء أو إصدار قرارات بالهدم، فضلا عن أن السلطة المحلية ممثلة في عمالة آسفي تلتزم بدورها الحياد، إزاء معالجة ملف البناء العشوائي الذي شجع الهجرة القروية والمضاربة العقارية، وشوه مدينة آسفي وخلق في محيطها معلبات إسمنتية تفتقر إلى أبسط شروط العيش الكريم والسكن اللائق، وتعاكس توجه الدولة في محاربة البناء العشوائي وتأهيل المدن وتوفير مناطق تعميرية وسكنية للمواطنين تتوفر على كل شروط السكن من إنارة وماء صالح للشرب وشبكة تطهير ومرافق اجتماعية.