فضائح أثرياء المغرب نزوات «أولاد لفشوش» من فاطمة أوفقير
ساد الاعتقاد بأن الفضائح والجرائم تضرب عشيرة الفقراء، وأن الإجرام سليل عائلة الفقر والحرمان، قبل أن يتوصل علماء الإجرام إلى أن قلاع الجاه ليست حصينة، وأن أكثر الجرائم شيوعا وتداولا بين عامة الناس، هي التي تضرب كيان الأسر الميسورة، خاصة إذا تحالف اليسر مع الشهرة، حينها تتحول القضية إلى فضيحة وتنال حصة مضاعفة من الترويج الإعلامي.
كثيرة هي الفضائح التي هزت كيان المجتمع المغربي، فمنها ما ارتبط بجرائم الأموال، ومنها ما ارتبط بالسياسة ومنها ما تحصن بغرف النوم وبالجلسات المخملية لعلية القوم. لذا بات واضحا أن الثراء لا يكفي وحده لحماية هذه العائلات من الأخطاء ولا يجنبها المال زلة السقوط في المحظور، وحين يتعلق الأمر بعائلات يصنف أحد أفرادها في خانة «الشخصية العمومية» تتحول الجريمة إلى فضيحة وتأخذ بعد التوسع الإعلامي والتداول اليومي في المقاهي والجلسات العامة والخاصة.
حسب عالم الإجرام «سدرلاند»، فإن الفضائح التي تضرب ما اصطلح عليهم بذوي الياقات البيضاء، وهم أصحاب السلطة والمال والنفوذ، تكون أكثر وقعا على المجتمع من جرائم الفقراء التي نادرا ما ترقى إلى درجة الفضيحة، إلا إذا كان أحد أطرافها شخصية متداولة إعلاميا.
في هذا الملف تتابع «الأخبار» الجدل الدائر حول قضية سيدة الأعمال المغربية هند العشابي، في نزاعها مع زوجها الدبلوماسي الكويتي الذي اتهمها بالخيانة الزوجية، ومن خلاله تعيد ترتيب أشهر فضائح «أصحاب الياقات البيضاء».
دبلوماسي كويتي يتهم سيدة أعمال بالخيانة الزوجية
وصلت العلاقات الزوجية بين هند العشابي، رئيسة مجموعة داليا، وزوجها الدبلوماسي الكويتي، صادق محمد معرفي، إلى الباب المسدود، بعدما رفع هذا الأخير شكاية ضد هند تتضمن اتهاما مباشرا بالخيانة الزوجية ونسج علاقة خارج إطار الزوجية مع رجل الأعمال والمستثمر في قطاع الطيران محسن كريم بناني، وهي القضية المعروضة على المحكمة الابتدائية بسلا، وتناولتها مواقع التواصل الاجتماعي بشكل موسع.
كان آخر ظهور لهند رفقة زوجها سفير الكويت في النمسا، خلال الاحتفال الرسمي للسفارة الكويتية بالعيد الوطني، حيث شوهدت هند وهي تستعير ابتسامة «دبلوماسية» أثناء مصافحة عدد من ضيوف الحفل، قبل أن تكشف الأيام عن عمق الخلافات بينها وبين زوجها المستقر بعيدا عنها في فيينا، والذي لطالما طالبها بالاستقرار إلى جانبه، خاصة بعدما ظهرت «باطرونة» شركة «داليا» في أكثر من مناسبة رفقة رجل الأعمال المغربي، الذي يستثمر أمواله في مجال صناعة الطيران ضمن الشركة الفرنسية «إل أش أفياسيون ماروك»، مما أثار غضب السفير الذي استعمل شبكة علاقاته لجمع دلائل حول وجود علاقة بين كريم وهند.
تلقت سيدة الأعمال المغربية دعوة للمثول أمام المحققين بولاية أمن سلا، لمعرفة سر العلاقة التي تربطها ببناني وما إذا كانت أدلة الزوج الدبلوماسي تستحق الزج بها في السجن، أم أن الأمر يتعلق بشكاية كيدية. وأضاف مصدر «الأخبار» أن التحقيق بدأ منذ أسبوع، سيما وأن الزوج الكويتي ذهب إلى حد التشكيك في أبوته للبنت الثانية، وطالب بفحص طبي، مما عرض صورة هند لخدوش ظاهرة، حيث أكدت في أكثر من مناسبة أن اشتغالها في مجال الطيران الخاص يجعلها زميلة للمستثمر الذي يعمل في القطاع نفسه.
وعرف عن هند صعودها السريع في سلم الشهرة، حيث تحولت ابنة «ديور الجامع» بالعاصمة الرباط من مجرد مضيفة طيران، إلى سيدة أعمال ذات شبكة علاقات واسعة ومجالات اشتغال متنوعة، شملت إلى جانب طيران «في أي بي» الإعلام من خلال مجلة «ايلي» النسائية الشهرية، فضلا عن اعتبارها وكيلة حصرية لمنتوجات كافالي وصاحبة «روبيرطو كافالي»، أحد أكبر محلات تصميم الأزياء العالمية في الدار البيضاء. وخصصت مجلة «أكتي ماروك» عدد نهاية الأسبوع الماضي، للرد على المواقع الإلكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي، التي تناولت اتهام هند بالخيانة الزوجية، ونابت عن العشابي في تبرئة ساحتها من التهمة، لكنها لم تنف إدانتها بتهمة الخيانة الزوجية، داعية مكونات المجتمع إلى مساندتها ضد ما اعتبرته «إساءة خليجية للمرأة المغربية»، واستعمالا للنفوذ المالي من طرف سفير الكويت في النمسا.
للإشارة فإن حفل زفاف هند من السفير محمد معرفي وصف بالأسطوري، وعرف حضور المغنية الجزائرية فلة وكبار الفنانين العرب، قبل أن يصبح العرس مجرد صور مصادرة، سيما في ظل شكوك حول زفاف بديل، جعل محامي الدبلوماسي يردد في ردهات المحكمة: «ما التقى رجل أعمال وسيدة أعمال على حفل عشاء، إلا وكان الشيطان ثالثهما».
ولأن المصيبة لا تأتي منفردة فقد صدر أمر دولي بالحجز على طائرة في ملكية هند، بسبب الديون المتراكمة عليها، قبل القبض عليها بالمطار حين كانت في طريقها لمغادرة المغرب، بعدما كانت مراقبة من طرف الأنتربول ابتداء من السنة الماضية.
حرج في عائلة يتيم بسبب فوز نجله ببطولة «البوكير»
بمجرد انتشار فضيحة مشاركة صلاح الدين، نجل محمد يتيم زعيم نقابة «البيجيدي»، ومشاركته في منافسات دولية للقمار، بادر حزب العدالة والتنمية إلى إعلان براءته من الفضيحة، وقال إن بطل لعبة «البوكير»: «لا تربطه أية علاقة بالذراع الدعوية لحزب العدالة والتنمية»، خاصة وأن قضايا مماثلة تناسلت بين قادة الحركة الدعوية، والذين أصبحوا يشكلون إحراجا لآبائهم الذين يعتبرون أنفسهم أوصياء على تربية المجتمع، سيما بعد اعتقال نجل القيادي جامع المعتصم، بتهمة محاولة قتل والده، وادعاء اختطاف ابنة مصطفى الرميد.
لكن الغريب في قضية يتيم هو إصرار والده على الهروب إلى الأمام، بعد انتشار خبر فوز نجله بجائزة مالية في لعبة «البوكير»، التي تنظم بأحد أكبر كازينوهات القمار بمدينة مراكش، ما جعل والده يدافع عن القمار ويعتبره «لعبة ذهنية تساهم في تنشيط العقل».
فاز صلاح الدين بجائزة مالية قدرت بـ50 مليون سنتيم وقال والده إن الجوائز في ألعاب الرهان «حلال طيب»، مؤكدا على غرار سابقيه وجود مؤامرة سياسية تستهدف التنظيم الذي يعد من قادته.
لم تتوقف القضية عند هذا الحد، بل إن مدينة طنجة احتضنت تظاهرة عالمية للقمار داخل كازينو شهير بعاصمة البوغاز، في عهد العمدة السابق الإسلامي التوجه السياسي، بمشاركة عدة دول ذات صيت في هذا النوع من القمار، كفرنسا وهولندا وبلجيكا وإسبانيا والبرتغال والمغرب بصفته البلد المنظم.
ويعود شرف استضافة طنجة للحدث إلى فوز صلاح الدين يتيم بمسابقة دولية في كازينو مراكش، مما قوى حظوظ الظفر باللقب.
رد «البطل المغربي» صلاح الدين يتيم كان أشبه ببيان حقيقة، حيث اختار تدوينة فايسبوكية قال فيها: «هذه اللعبة هي مسابقة كباقي المسابقات، إذ يخضع ممارسها لتدريب على يد مختصين في البسيكولوجيا، ولا علاقة لها بألعاب الحظ والقمار». لم يفهم أحد حكاية الربط بين «السيكولوجيا» ولعبة القمار. لكن صلاح أكد أن لعبة «البوكير» تمارس عبر العالم من قبل لاعبين محترفين مؤطرين من قبل مدربين نفسانيين وتقنيين، وهناك لاعبون دوليون معروفون في العالم وتصنيف دولي للاعبين المتفوقين، كما هو الشأن بالنسبة إلى لعبة التنس، بل إنه لم يتردد في رفضه الزج باسم والده في رقعة «البوكير».
مريم بنجلون.. بنت الأكابر في قلب فضيحة مخدرات
لم تكن فرقة مكافحة المخدرات تعلم أن مريم بنجلون، الموضوعة تحت المراقبة هي ابنة مجيد بنجلون، الوزير والمستشار السابق للملك الراحل الحسن الثاني، بالتبني، فقد تم ترصد تحركاتها وهي تبحث عن مزود لتشتري منه كمية من مخدر الكوكايين الذي أدمنته قبل سنوات، وتحملت من أجل ذلك عناء الانتقال إلى منزل أحد المزودين بحي النهضة الشعبي، لكنها لم تكن تعتقد أن كمينا أمنيا سيطيح بها.
تحملت مارية كما يحلو لأصدقائها تسميتها، عناء البحث عن المخدر العجيب في الأحياء الهامشية، بعد أن كانت البضاعة تصلها إلى بيتها، لكن اعتقال بارونة المخدرات الملقبة بـ«الشينوية» جعلها تضطر إلى تدبير الطارئ، حتى ولو أدى بها الأمر إلى طرق أبواب المزودين السريين في الحارات البعيدة.
تعلمت «بنت لفشوش» أولى «السطور» في إسبانيا، عندما قررت قضاء فترة إجازة مفتوحة لنسيان مضاعفات طلاقها من شاب ينتمي إلى أسرة فاسية، أعلن عجزه عن مجاراة الطلبات الغريبة لمارية، التي أنجبت بنتا تعيش في دار الوزير بماربيا، هناك حيث بدأت علاقة العشق مع المحظور.
لم تكن مارية تعتقد أن زيارة بيت المزود سترسلها إلى السجن، لأن مجرد انتمائها إلى أسرة الوزير ظل لسنوات بمثابة حصانة تقيها سؤال البوليس حول الهوية، لذا شعرت بانهيار تام حين جلست أمام المحققين، وحين اقتيدت إلى زنزانة مختنقة لا تتوفر على أبسط شروط الحياة ولا تتوفر طبعا على المسحوق السحري، الذي قد يشفع لها لو توفر في فضاء سجن سلا، المكوث لأطول فترة ممكنة.
تبين لأسرة بنجلون أن مارية أصبحت في عداد المدمنات، وأن الزواج لديها ليس مرادفا للاستقرار، لذا تم عرضها على أطباء نفسانيين، بل وتم نقلها إلى مصحة متخصصة في محاربة الإدمان بسويسرا، وهو الأمر الذي مكنها من قطع الصلة مؤقتا بـ«السطور» البيضاء اللئيمة، لكن تبين أن المسألة مجرد استراحة محاربة قبل أن تعود إلى عالمها المخملي.
لمارية سوابق عديدة اعتمادا على انتمائها لأسرة الوزير، ففي سنة 2003 صدمت بسيارتها شرطية، في ملتقى زنقة باتريس لومومبا وعنابة، الشيء الذي أدى إلى كسور مزدوجة في رجل وذراع امرأة، أصر الجنرال العنيكري على زيارتها في المستشفى، بعد توصله بتعليمات سامية، ولم ينقذ الشرطية من عطب محقق وإعاقة دائمة إلا عملية مستعجلة بالمستشفى العسكري، وتوبعت على إثرها نجلة الوزير والمستشار السابق للحسن الثاني بتهم الضرب والجرح بواسطة ناقلة ذات محرك، وعدم تقديم أوراق السيارة، وعدم الامتثال والاعتداء على موظفة أثناء أداء عملها، وإهانة المقدسات، وأدينت بثمانية أشهر حبسا نافذا، قبل أن يشملها الملك محمد السادس بعفو ملكي، وهي القضية التي كادت أن تحول والدها إلى جثة هامدة، بعد أن ضاق ذرعا بتصرفات ابنته الطائشة، لكن مارية أقسمت على قطع علاقتها بالكوكايين، و«شلة السوء» وبناء على هذا التعهد المعنوي أرسلها الوزير إلى الولايات المتحدة الأمريكية لعلاج الإدمان، وحين عادت إلى المغرب استقرت في شقة خاصة وقررت مقاومة جاذبية المخدرات.
اعترفت مريم التي أصبحت تطرق باب نصف قرن من الزمان، وآمنت بأن القضية ارتقت إلى مرتبة فضيحة، بعد أن تسربت للصحف، خاصة وأنها ضربت كيان أسرة مجيد بنجلون، الوزير والمستشار ورجل ثقة الملك الراحل الحسن الثاني، وزوجته حبيبة المرنيسي، ابنة الباشا المرنيسي، الذي كان له الكثير من السلطة والجاه.
تؤكد مريم أن الترويج الإعلامي لقضيتها فاق كل التوقعات وطلبت من الصحافة الاعتذار إليها «لدي ابنتان، أب وعائلة وأصدقاء مسهم ما كتب عني، بدءا من اتهامي بالمتاجرة في المخدرات، وانتهاء بالقول إنني أمارس القوادة وتشبيهي بمدام كلود، على الصحف التي مستني في كرامتي أن تتحلى بما يكفي من المهنية وأن تعتذر إلي».
فضيحة شريط إباحي تهز عائلتين شهيرتين بالصويرة
مرت ست سنوات دون أن ينسى سكان الصويرة حكاية الشريط الجنسي الذي انتشر على موقع «اليوتيوب» وهز أركان عائلتين عريقتين في المدينة، إذ مباشرة بعد انتشار الفضيحة إلكترونيا استمع وكيل الملك بابتدائية الصويرة إلى والد الفتاة التي تظهر في الشريط عارية وهي تمارس الجنس مع ابن المسؤول الأمني بالمدينة، فيما تبحث عناصر الشرطة القضائية عن بطلي الشريط اللذين هربا إلى جهة مجهولة، قبل أن يقدما نفسيهما إلى العدالة.
انفجرت الفضيحة بعدما تداول سكان الصويرة الشريط الذي تصل مدته إلى 5 دقائق و15 ثانية، وتظهر فيه ابنة الثري الصويري عارية وممددة فوق سرير بداخل غرفة فاخرة بمعية ابن المسؤول الأمني، وهما يمارسان الجنس بطريقة شاذة.
تجاوزت القضية حدود الفضيحة الجنسية التي تبدأ بنزوة، وتبين أن تسريب الشريط يندرج ضمن تصفية حسابات مع الموظف الأمني الكبير في وزارة الداخلية، بل إن المدافعين أنفسهم عن فرضية وجود مؤامرة تساءلوا عن سر تسريب الخبر إلى مليونير سعودي يقيم في المغرب ويمتلك فندقا فيه وموقعا إلكترونيا إخباريا يبث من لندن، بل إن موقع «عرب تايمز» وجه اتهاما إلى وزير الداخلية المغربي الأسبق، الذي غدا سفيرا، واعتبره مسرب الفضيحة بالنظر إلى العلاقات التي تجمعه بصاحب الموقع، الذي اعتبر من خلال العنوان فضيحة الصويرة الأفظع على المستوى العربي، علما أن فضائح أخرى فاقت من حيث خطورتها نازلة الصويرة تضرب بين الفينة والأخرى كيان المجتمع السعودي.
وحسب العارفين بخبايا التسريب، فإن المسؤول الأمني الكبير الذي تورط ابنه في الشريط الجنسي والذي يعمل في وزارة الداخلية المغربية، كان مرشحا لتولي منصب وزير الداخلية بدلا من بنموسى، قبل أن يتم استدراج ابنه إلى أحد الفنادق المغربية لتصويره في وضع جنسي شاذ مع ابنة ثري مغربي، كان يزعج النظام بميولاته الدينية الزائدة عن الحدود.
ومما عزز هذا الطرح تناول وكالة المغرب العربي للأنباء لهذه الفضيحة، علما أن الوكالة نادرا ما تخوض في هذا النوع من الجرائم، بل إن الصويريين تناقلوا في ما بينهم الشريط الجنسي عبر هواتفهم النقالة، مما ساهم في وصوله إلى والدة الفتاة التي أصيبت بانهيار عصبي، وتم نقلها إلى إحدى المصحات خارج المدينة، بينما اضطر الزوج الثري إلى إغلاق أكبر متجر يملكه فور إطلاعه على الفيديو المسجل في ذاكرة هاتف محمول.
وقالت وكالة المغرب العربي للأنباء، نقلا عن مصدر أمني، إن مصالح الشرطة أوقفت بالصويرة شخصين نشرا عبر الهاتف المحمول صورا مخلة بالآداب، وأوضح المصدر ذاته أن إلقاء القبض على المتهمين (رجل وامرأة) تم بأمر من النيابة العامة، وأنهما سيحالان على العدالة، حينها تبين أن المعتقلين كانا يخدمان لمصلحة جهة أخرى تكتم عليها البحث. وقبل أربع سنوات ظهر ابن وزير في شريط إباحي مماثل، إلا أن الأسرتين الثريتين بادرتا بعد أسبوع إلى إقامة حفل زفاف لبطلي الشريط، والغريب أن الحفل حضره عبد الإله بنكيران وعمدة الرباط حينها وعدد من الوجوه السياسية.
فضائح مالية تضرب أشهر العائلات الثرية في المغرب
في مارس من سنة 1971 تلقى الملك الراحل الحسن الثاني تقريرا مفصلا من مساعده الجنرال المذبوح، يتضمن حقائق تؤكد تورط عدد من وزراء الحكومة في قضايا فساد مالي، واقترح على الملك فتح تحقيق في القضية، التي أحيلت على أحمد الدليمي، الذي كان حينها مديرا عاما للأمن الوطني. وبعد طول انتظار وترقب أعلن عن اعتقال خمسة وزراء، وهم عبد الحميد كريم، وزير السياحة، وعبد الكريم الأزرق، وزير الأشغال العمومية، ويحيى شفشاوني، وزير سابق للأشغال العمومية ومدير مكتب الأبحاث والمساهمات المعدنية، ومحمد الجعيدي، وزير التجارة والصناعة، ومامون الطاهري، وزير المالية، ووزير الداخلية الأسبق محمد العيماني، فضلا عن رجل الأعمال عمر بن مسعود وموظفين سامين. أصل صك الاتهام الذي شغل الرأي العام في تلك الحقبة الزمنية العصيبة، هو سفر الجنرال المذبوح إلى الولايات المتحدة الأمريكية، لتهييء زيارة للحسن الثاني إلى هذا البلد، وما ترتب عنها من تقرير يدين وزراء الحكومة بالفساد، بعدما طلبوا عمولات لشركة «بانام أميريكان»، كي يسمح لها بإنجاز مشروع استثماري في الدار البيضاء عبارة عن فندق فخم. تقرير المذبوح كشف عن وجود شبكة لتهريب المعادن، وأخرى لتهريب الأموال إلى الخارج.
فوجئ الوزراء باستدعائهم إلى قصر إفران في مارس 1971، ليعرب لهم الملك عن خيبة أمله، قبل أن يضيف: «سأسامحكم كأنكم قد ولدتكم أمهاتكم اليوم». استبشر الوزراء المدانون والتمسوا الصفح من الملك، لكن الحسن الثاني فاجأ الجميع بعد شهر فقط بإجراء تعديل حكومي أسقط الوزراء الخمسة، وتبين أن الرجل يريد دفن القضية التي أغضبت الولايات المتحدة الأمريكية ووضعت مصداقية الحكومة في مهب الريح. لكن الانقلاب العسكري لعاشر يوليوز، أي بعد ثلاثة أشهر عن العفو الملكي، أغضب الملك لأن قائد المحاولة لم يكن سوى الجنرال المذبوح الذي كان إلى عهد قريب يتأبط تقرير الأمريكيين، وفي سادس غشت عين الحسن الثاني حكومة جديدة يرأسها كريم العمراني، دون أن يطوى ملف الوزراء المدانين.
في شهر نونبر من السنة نفسها، استقبل السجن المركزي لعلو بالرباط ضيوفا من العيار الثقيل، فلأول مرة في تاريخ المغرب بعد الاستقلال يعتقل وزراء وكبار المسؤولين ورجال الأعمال، لتبدأ أطوار محاكمات شغلت الرأي العام الوطني والدولي، وأول حكم نطقت به محكمة العدل الخاصة هو تمتيع العيماني بالسراح المؤقت، وتقليب أوراق قديمة لوزراء حكموا البلاد قبل تشكيلة العراقي. ورغم الضجة التي أحدثتها المحاكمة، إلا أن الأحكام كانت رحيمة بالمدانين الذين قضوا فترات حبس قليلة، ومنهم من لم يستأنف الحكم الابتدائي لإيمانه بأن المحاكمة كانت صورية، وأنهم مجرد أثاث لتزيين البيت المغربي الخارج للتو من حالة انقلاب، وكان المذبوح أحد المخططين له.
فاطمة أوفقير.. العشق الممنوع رغم أنف الجنرال
عاشت فاطمة الشنا، زوجة الجنرال محمد أوفقير، سنوات ما بعد زواجها في «بحر العسل»، فقد عرف عنها ميلها لحياة الترف وأصبحت كل الأبواب مفتوحة في وجهها، سيما بعد أن أضحت زوجة وزير الداخلية، ثم وزير الدفاع، وكانت تهوى السهر وتقضي وقتا طويلا في دور السينما والمراقص والسهرات الخاصة.
تعترف فاطمة في كتابها «حدائق الملك» بنزعة الخيانة التي ضربت أسرتها، وتؤكد وجود علاقات عاطفية لزوجها مع نساء مغربيات وأجنبيات، كما تعترف بعلاقة الحب التي جمعتها سنة 1963 مع ضابط في الخفر الملكي اسمه حسن، كان يشتغل في إحدى الكتائب التابعة لزوجها أوفقير، تقول إنها مارست معه الجنس «بكافة أشكاله في البحر والغابة والبادية والمدينة»، متحدية أوفقير، وهي ترى ظله في كل مكان تذهب إليه مع العشيق. إلا أنها استمرت في التحدي بطلبها الطلاق لتعيش مع حسن، وبعد انتهاء نزوتها قررت أن تطرده من قلبها بالطريقة نفسها التي أدخلته إليه. في تلك الظرفية قرر أوفقير الزواج من امرأة أخرى أقل «انفلاتا»، وبعد ارتباط دام أزيد من عشر سنوات، قرر العقيد تطليقها واسترجاع فاطمة العائدة من تجربة حب متأخرة مهزومة مكسورة الوجدان.
تقول فاطمة وهي تعترف بالرذيلة بعد أن استقالت من حياة الملذات: «بدأت أولى خيوط العشق في أحد فنادق مدينة طنجة، حين تجرأ شاب واخترقني بنظراته، قبل أن يتقدم نحوي نادل ويطلب مني الرد على مكالمة هاتفية تبين أنها من الشاب الريفي، الذي أصر على لقائي وإبرام علاقة حب معي مهما كلفته من ثمن، كان مندفعا إلى حد كبير وكان له إصرار غريب على مضاجعتي، بل إنه كشف عن رغبته في الاستفراد بي وعدم مشاركته الجنرال جسدي، كانت تصرفاته مليئة بالجرأة، لكنه أسرني بنظراته وقررت خوض التجربة بعد أسبوع من التفكير».
قضى العشيقان أربع سنوات من العشق الممنوع، وكانا يلتقيان عادة في أحد منتجعات التزلج على الجليد في الحدود الفرنسية السويسرية، وغالبا ما كانت فاطمة تتكلف بمصاريف الرحلة، فيما كانت المخابرات المغربية وأحمد الدليمي ينقلان قصة الغرام، الذي ذوب الجليد، للملك الحسن الثاني بأدق تفاصيلها، قبل أن تقرر قطع الشك باليقين وتعلن حبها لحسن.
«كلما زاد الخطر وأحسسنا به، إلا زاد التحامنا وتمسك كل منا بالآخر، بالرغم من القرارات التي يتخذها أوفقير في حق عشيقي العسكري، الذي مارست معه الجنس حتى في بعض العمارات المهملة والأماكن الوعرة»، تقول فاطمة في اعترافات اللحظات الأخيرة.
في صيف 1972، انقلبت حياة فاطمة رأسا على عقب، حيث ستبدأ رحلة معكوسة نحو الشقاء، لتعيش هي وأبناؤها الخمسة في غياهب منفى لمدة تسع عشرة سنة، وتؤدي ثمن خيانة زوجها لثقة الملك، حين خطط لانقلاب عسكري بتنسيق مع بعض ضباط القوات الجوية، وساهم في حادث اعتراض طائرة «البوينغ» التي كانت تقل الحسن الثاني، خلال رحلة العودة من فرنسا.
اعتقلت زوجة أوفقير وصودرت أملاكها وعاشت رحلة الموت البطيء بين المعتقلات السرية، من سجن أسا إلى سجن الكلاوي، ثم سجن البير الجديد ومراكش، ليفرج عنها سنة 1991 بوساطة فرنسية، لترحل إلى كندا من أجل ترميم ما تبقى من حطام زوجة. في 15 دجنبر من سنة 2013 توفيت أرملة الجنرال أوفقير في مصحة بالدار البيضاء، عن عمر يناهز 78 سنة، قضت نصفها في الجحيم.
المغرب في قلب فضيحة نجل رئيس موريتانيا
ما كنا لننبش في سيرة نجل الرئيس الموريتاني وعزفه المنفرد خارج النص، لولا القرابة العائلية للفتى المشاكس وأصوله المغربية، على اعتبار أن تكيبر بنت أحمد ماء العينين ولد النور، السيدة الأولى في موريتانيا، ما زالت تحمل جواز السفر المغربي، رغم أنها زوجة الرئيس محمد ولد عبد العزيز الذي يحكم البلاد، الذي تعرف عليها حين كان يتلقى تكوينه العسكري في أكاديمية مكناس. ولوجود شاب مغربي في مسرح الجريمة لحظة إطلاق النار.
ورغم أنها حاولت رفقة زوجها الرئيس الموريتاني احتواء عاصفة الغضب الشعبي على إثر اتهام نجله، بدر، بإطلاق النار على فتاة تدعى رجاء بنت أسياد، إلا أن الفضيحة تسربت للإعلام الدولي، خاصة وأن توقيت الحادثة تزامن مع الربيع العربي، مما جر على الوالد المزيد من النكد. وهو ما جعل الأب يوافق على اعتقال ابنه، الذي يقول محضر الإدانة إنه «في 26 يناير 2014 تم اعتقال بدر، نجل الرئيس، الذي كان يقود سيارته مع صديقيه في 22 يناير، عندما صادف صديقته السابقة رجاء بنت أسياد التي انضمت إليهم، وخلال الجدل بين الأطراف الأربعة أخرج بدر مسدسه ممازحا، وقال لصديقته السابقة: ما هو رأيك لو أطلقت عليك رصاصة؟ فردت الفتاة بالقول: أنا عربية أصيلة ولا يخيفني الرصاص، وفجأة انطلقت الرصاصة فأصابت صدرها وتم نقلها على الفور إلى المستشفى، حيث لفظت أنفاسها».
كشف والد الضحية أن ابنته أبلغته وهي على سرير المستشفى بأن بدر هو من أطلق عليها الرصاص، كما أصر نجل الرئيس الذي قام بتمثيل الجريمة أمام النيابة على تبرئة صديقيه، أحدهما مغربي الجنسية والثاني شقيق المعارض الموريتاني مصطفى ولد الإمام الشافعي، وتحمل مسؤولية إطلاق النار لوحده. وحسب صحيفة «القدس العربي»، فإن «طائرة طبية خاصة تم استدعاؤها لنقل الفتاة المصابة إلى المغرب للعلاج هناك بعد تدهور حالتها الصحية». وقال مراسل قناة «الجزيرة»، إن الرئيس محمد ولد عبد العزيز قد أوفد شخصا إلى المستشفى المغربي ودعاه لتحمل كافة مصاريف علاج الفتاة المصابة، بالإضافة إلى إصداره أوامر للأجهزة الأمنية بمتابعة الأمر بعدالة وإنصاف ومعاملة ابنه المعتقل مثل أي سجين آخر، مما خفف من غضب الشارع الموريتاني في فترة حرجة من تاريخ العالم العربي، سيما وأن حقوقيي موريتانيا شبهوا بدر بأنجال الطغاة على غرار عدي صدام حسين وخميس القذافي..