«فشوش» زائد عن الحد
خيرا فعل عبد اللطيف الحموشي، المدير العام للأمن الوطني، حينما أصدر مذكرة للشروع في تنزيل مخطط عمل ميداني يروم مضاعفة عمليات المراقبة والزجر ضد السياقات الاستعراضية والخطيرة التي تهدد سلامة مستعملي الطريق، وتعرض أمن الأشخاص والممتلكات للخطر، وكذا تلك التي تتسبب في إزعاج السكينة العامة في أوقات متأخرة من الليل.
هذا واحد من الإجراءات الحازمة التي تستوجب إجراءات أخرى لمحاصرة تمدد بعض الممارسات المزعجة في الفضاءات العامة التي يقوم بها بعض أبناء الطبقة الميسورة وذات السلطة، الذين يتباهون بمناصب وثراء عائلاتهم المحظوظة ليعيثوا فوضى وجرائم في الفضاءات العامة.
فما معنى أن تصل عنجهية البعض إلى اقتحام حفل زفاف بسيارته الفارهة وتعريض حياة المحتفلين للخطر ومحاولة تحويل عرس إلى جنازة؟ ما معنى أن يحول بعض أبناء المحظوظين سكينة المغاربة ليلا إلى ضجيج لا يحتمل، فقط للتباهي بأنواع السيارات وأشكالها وألوانها متحدين القوانين المرورية، بقيادة سياراتهم الفارهة بسرعة جنونية وخطيرة؟
أين نحن ذاهبون بمثل هاته الممارسات المتهورة لبعض أبناء رجال أعمال ورجال سلطة، التي لا تحترم قانونا بل تدفع فقط نحو خلق نوع من الحقد الطبقي الذي لا يلبث أن يتحول إلى صراع طبقي. فعامة الناس قد تكتفي بالنظر السلبي إلى بعض مظاهر التباهي بأماكن الإقامة أو اللباس والأثاث أو المراكب المستعملة أو الذوق في المأكل والمشرب وتعتبر ذلك أمرا يخص أصحابها، لكن عندما تتجاوز تلك الممارسات دائرة الخاص وتتحول إلى تهديد لحياة وممتلكات وسكينة الآخرين، فقد تتسبب في بعض الاستفزازات النفسية والشعورية التي ستتحول إلى عنف مادي.
صحيح أن سلوكات «ولاد لفشوش» لم ترق بعد إلى مستوى الظاهرة الشاملة المقلقة، إلا أن تكرار حدوثها ينذر بسلوك سلبي بدأ يتفشى سيضر لا محالة بصورة القانون وسيادته، وهيبة المؤسسات الملزمة بتنفيذه، خاصة وأن الأمر، في بعض الأحيان، قد يتطور من مجرد الاستمتاع على حساب سكينة الآخرين إلى الإهانة المادية والمعنوية بل والاعتداء الجسدي على رجال القانون قبل المواطن البسيط.