فشل في «الكاستينغ»
بقدر ما كانت الانتظارات من الدخول السياسي لنصف ولاية الولاية التشريعية والحكومية كبيرة، بقدر ما كانت الخيبات كبيرة بسبب الممارسات الصبيانية لبعض الأحزاب التي تحاول جعل البرلمان رهينة حرب المساومات والتوافقات على المناصب التي تجري داخلها وفي ما بينها.
لقد بدا واضحا من خلال الإرباك الذي تعيشه المؤسسة التشريعية بسبب الحروب المفتوحة بين مكونات المعارضة وكذا الرهانات الحزبية والتنظيمية لحزب الاستقلال ونتائج تدبير التنسيق الجماعي لحزب الأصالة والمعاصرة، كلها أسباب ألقت بكامل توتراتها على تدبير لحظة دستورية وسياسية هامة في عمر الولاية الحكومية والتشريعية.
إن ما وقع من تأخير في انتخاب الهياكل بسبب تطاحنات الاتحاد الاشتراكي والحركة الشعبية على ترؤس لجنة العدل والتشريع من جهة، والارتباك الذي حصل في انتقاء ممثلي فرق الاستقلال والأصالة والمعاصرة من جهة أخرى بسبب رهانات تنظيمية، يثبت مرة أخرى أننا أمام أحزاب لا ترقى إلى تنزيل التوجيهات الملكية لا سيما في مجال تخليق الحياة البرلمانية واستثمار الفرص التي يضمنها الدستور للمعارضة.
وتؤكد أيضا أن الممارسة المؤسساتية لا تزال محكومة بثقافة سياسية بالية تقوم على الابتزاز و«تخراج العنين» وتعتبر بأنه من السهل تعطيل الاستحقاقات الدستورية للبرلمان كالجلسة الدستورية المخصصة لعرض الحصيلة الحكومية التي كان متوقعا عقدها الأسبوع الماضي تحت مبررات التأخر في عقد تسويات حزبية سياسيوية مرتبطة بتدبير مناصب امتيازية لبعض الأشخاص.
والنتيجة عوض أن يكون للمغاربة لقاء مع موعد سياسي كبير متمثل في الحصيلة المرحلية لتقييم المنجز الحكومي خلال 30 شهرا، استغرقت عمليات انتخاب الهياكل التي كان من المفروض أن تتم في ساعات أكثر من أسبوع في المساومات والدسائس والمناورات حول من سيترأس لجنة العدل والتشريع هل فريق إدريس لشكر أو محمد أوزين؟ والاتفاقات حول رؤساء الفرق المثقلين بالشبهات الذين فرضوا كلمتهم معاكسين التوجه الملكي بتخليق الحياة البرلمانية.
والغريب في الأمر أنه حتى مع هدر الزمن البرلماني في نقاشات سياسوية ومصلحية، فإن معظم الفرق باستثناء «الأحرار» الذي قدم لائحة بالنساء والشباب والابتعاد عن الأسماء المشبوهة، فإن باقي الفرق ومنها الاستقلال و«البام» والاتحاد والتقدم والاشتراكية والعدالة والتنمية فشلت في «كاستينغ»، فمعظم الفرق قدمت لوائح للمسؤولين لا تحمل أي رسائل سياسية حول التشبيب والتأنيث والتجديد والتخليق، لقد هدرت الكثير من الوقت في الصراعات لإعادة نفس الوجوه وبقيت دار فرقها على حالها.